الإخوان وفزاعة السلفيين

الإخوان وفزاعة السلفيين

المغرب اليوم -

الإخوان وفزاعة السلفيين

عمار علي حسن

كل فريق من الإخوان والسلفيين يسعى إلى استغلال ما غرسه الآخر فى تربة المجتمع من قيم وأفكار وخبرات، حتى يمكنه تعزيز موقعه باتجاه التحكم فى مفاصل الدولة، ولا يشغله فى هذا المقام ما يلاقيه من نقد مبطن من قبل الفريق الآخر، فالمهم أن يحقق هدفه. وما بينهما من اتفاق الآن هو ظاهرى ومؤقت وعابر، وشيوخ السلفيين الكبار يفهمون هذا جيداً، ويعرفون أن توافقهم مع الإخوان فى بعض القضايا، لا سيما فى مواجهة التيار المدنى، لا يعنى التطابق التام بينهما، وأن الاختلاف قائم، والخلاف محتمل ومتوقع. فالسلفيون لم يطرحوا مشروعاً سياسياً من قبل. إذ إن جهد جمعياتهم وجماعاتهم كان منصرفاً إلى الدعوة والنفع العام، ومن ثم فهم بلا خبرة سياسية ولم ينظر إليهم جموع الشعب قبل الثورة باعتبارهم طرفاً قادراً على أن يطرح رؤية، ويقدم كوادر تدير الدولة. لكنهم يحاولون من خلال التماهى النسبى مع مشروع الإخوان والاتكاء عليه أحياناً، أو التحالف المؤقت والمحسوب معهم فى بعض المواقف السياسية المتتالية، أن يبرهنوا للرأى العام على أن بوسعهم أن يخوضوا غمار العمل السياسى باقتدار. وهم يدركون فى هذه الناحية أن الأغلبية الكاسحة من الشعب المصرى لا تفرق، حتى الآن، بشكل حدى وجدى بين الفريقين، إذ إن العوام ينظرون إلى الإخوانى والسلفى على أنهما ينتميان إلى «جماعة واحدة» ولا يعنيهم ما يدركه ويكتبه ويقوله المختصون من أنهما شخصان مختلفان لجماعتين منفصلتين. من جانبها، تدرس قيادات الإخوان دوماً كيفية تحويل السلفيين إلى قوة مضافة إلى رصيد الجماعة، بدلاً من أن تكون خصماً منهم، وذلك فى ظل واقعيتهم السياسية المفرطة، التى تقدر، من دون شك، أن السلفيين تمكنوا من جذب قطاع عريض إلى فكرهم. ويحدث هذا أحياناً بالاتفاق بين الطرفين، حال وجودهم فى خندق واحد فى مقابل القوى «المدنية»، يسارية كانت أو ليبرالية، مثل ما حدث خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011، الذى كان الخطوة الأولى على طريق وصول الإخوان إلى السلطة. ويصنع القيادى الإخوانى النافذ، خيرت الشاطر، الذى ينظر إليه باعتباره المرشد الحقيقى لجماعة الإخوان، حبلاً سرياً غليظاً بين جماعته وقطاع من التيار السلفى، لا سيما من خلال ما تسمى «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، وما يجعل هذا الحبل متيناً أن الشاطر نفسه يميل إلى الفكر السلفى، ويعتبره بعض السلفيين منهم، وإن كان قيادياً فى الإخوان. وعبر هذه الهيئة وغيرها يتحرك الشاطر ليخلق من بعض التيار السلفى ظهيراً للإخوان. كما يمكن أن يحدث هذا التعامد بالخديعة، ما يدل عليه اتهام السلفيين للإخوان خلال الانتخابات البرلمانية التى جرت فى نهاية 2011 بأنهم ضللوا الجماهير الذاهبة للتصويت لصالح حزب النور، وكان رمزه الفانوس، وحملوهم على التصويت للإخوان، ورمزهم الميزان. ويتعامد المشروع الإخوانى على جسد السلفيين عبر استعمالهم كفزاعة جديدة للداخل والخارج، سائرين فى هذا على درب نظام مبارك، الذى طالما استخدم الإخوان كفزاعة للغرب تارة، وللداخل المصرى تارة، ونجح فى تمرير هذه الصورة، بما منحه فرصة جيدة لإطالة عمره. فالغرب أعلن غير مرة أنه لا يوجد أى مانع يحول دون تفاعله الإيجابى مع الإخوان، بوصفهم فى رأيه جماعة دينية معتدلة يمكن التفاهم معها وترتيب كل ما يجعل المصالح الغربية فى مأمن. وحين يرى المسئولون فى الغرب، بل وسائر الشعوب هناك، ما يطرحه التيار السلفى من أفكار وآراء وما يبدر عنه من أفعال وتصرفات، سينحازون إلى المنطق القائل: «نار الإخوان ولا جنة السلفيين»، وهذه مقولة بدأت تأخذ طريقها إلى التردد داخل المجتمع المصرى ذاته. نقلاً عن جريدة "الوطن"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان وفزاعة السلفيين الإخوان وفزاعة السلفيين



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib