الإخوان والرأسمالية المتوضئة 3

الإخوان و"الرأسمالية المتوضئة" (3)

المغرب اليوم -

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 3

عمار علي حسن

تُعد أموال الإخوان جزءا أصيلا وأساسيا من أدوات ربط الفرد بالجماعة، ومساعدة «الأسرة الإخوانية» فى امتلاك القدرة على المواجهة المستمرة، لا سيما فى سنوات التضييق. فمنها كان يتم دفع النفقات الشهرية للأسر التى تم اعتقال عائلها، ومنها تساعد الجماعة بعض المنتمين إليها فى رحلات تعليمهم أو مواجهة ظروف صحية صعبة، ومنها أيضاً تقوم الجماعة بدورها فى تطبيب عوز المجتمع، من خلال الاهتمام بمساعدة الأيتام والفقراء عبر الصدقات الدائمة أو الموسمية المتقطعة، وهى قوة اجتماعية طالما تمكن الإخوان من حشدها للتصويت لصالح مرشحيهم فى مختلف الانتخابات، التى خاضوها، وقد ظهر الأمر بجلاء عقب الثورة، حين قام الإخوان بتوزيع سلع تموينية على الفقراء فى بعض المدن مقابل الحصول على أصواتهم. ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل إن الإخوان استغلوا شبكة النفع العام التى قامت بها بعض الجمعيات السلفية الدعوية، وفى مقدمتها «الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة» فى التمدد والتوغل داخل أوردة المجتمع عبر تقديم الخدمات، لا سيما فى ظل انحسار قدرة الدولة تدريجيا على فعل هذا. وفضلا عن رغبة الإخوان فى الاستفادة من آلاف الفروع التى تمتلكها هذه الجمعية فإنهم كانوا مضطرين إلى أن يسلكوا هذا السبيل للتعمية على الأجهزة الأمنية التى تتعقب أنشطتهم، بوصفها وسائل للتجنيد والتعبئة والحشد. وما يستخدمه الإخوان من أموال فى هذه العملية هو النزر اليسير مما يملكون، لأن أغلب أموالهم فى الخارج، وهى تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وفق حسابات تقريبية، ما يعنى أن الجزء الأكبر من طاقة الجماعة الاقتصادية منصرفة إلى «التجارة» وفق أحدث وأقسى الأساليب التى تنتهجها النظم الرأسمالية. وربما خلق هذا الوضع تصورا راسخا لدى الإخوان لا يستطيعون مفارقته حتى بعد أن وصلوا إلى قمة هرم السلطة. وهو تعزيز «الملكية الخاصة» والاقتصار على تقديم الصدقات للفقراء، وليس الإيمان بأن لهم حقوقا أصيلة وأساسية فى المال العام، يجب أن توفر لهم حد الكفاية. وقد حاولت الجماعة أن تعالج الآثار النفسية لهذه المعضلة داخل صفوفها، دون أن تكون معنية بالبحث عن علاج أو حل للمجتمع العريض، الذى يقع خارج الإخوان، وهو الأكبر عددا وعدة فى حقيقة الأمر. فالجماعة تحاول أن تفصل بين «الشُعَب» التى تقيمها فى الأحياء الفقيرة وبين نظيرتها المقامة فى الأحياء الثرية، حتى لا تخلق «حقدا طبقيا» بين أعضائها، من الممكن أن يعجل بتفجر صراع اجتماعى داخلى، سيؤثر من دون شك على استقرارها، وقدرتها على التماسك، أو يظهر لدى الإخوانى رقيق الحال مدى الهوة بين القول والفعل داخل الجماعة العجوز. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 3 الإخوان والرأسمالية المتوضئة 3



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib