مصر والعرب الآن 44

مصر والعرب الآن (4-4)

المغرب اليوم -

مصر والعرب الآن 44

عمار علي حسن

3- التيار الدينى فى مصر: وهو على اختلاف تنظيماته وجماعاته لكنه ينهل من معين واحد هو الذى يحدد طبيعة نظرته إلى علاقة مصر بالدول العربية الأخرى. فهذا التيار يرفض ابتداء فكرة القومية العربية التى ظهرت إرهاصاتها فى نهاية القرن التاسع عشر وترسخت طيلة النصف الأول من القرن العشرين ويراها «نشأت» مضادة للأممية الإسلامية المتمثلة فى الخلافة العثمانية، ويعتقد أن انفتاح مصر على الدول العربية يجب أن يتم على أنه جزء من الانفتاح العام على العالم الإسلامى بغية التوصل إلى «الخلافة» فى النهاية، باعتبارها فى نظره ضرورة أو فريضة أو طريقة الحكم الوحيدة التى يرتضيها الإسلام ويقرها. لكن هذا التيار يتحرك بطريقة أخرى بعيداً عن المسارات العلنية والرسمية التى حددتها الدول من خلال الاتصال بالجماعات والتنظيمات النظيرة فى كل البلدان العربية.

وسواء قبل الثورات العربية أو بعدها فإن توجه هذا التيار لم يتغير، وإن كان قد رأى فى سقوط رؤوس الأنظمة، التى كانت تقف حائط صد بينه وبين تحقيق آماله فى تنفيذ هذه «الأممية»، فرصة لتقوية علاقته بشبكة التنظيمات الدينية التى تسعى إلى حيازة السلطة. وقد ظهر هذا بجلاء بعد وصول الإخوان وجبهة النهضة إلى الحكم فى مصر وتونس، حيث وجدنا مساعدة قوية منهما لتنظيم الإخوان فى سوريا واليمن، فى إطار تعويل غربى تقوده الولايات المتحدة على «الإخوان» فى تأمين المصالح الأمريكية والأوروبية فى منطقة الشرق الأوسط.

4- التيار القومى، ويجعل تحقيق الوحدة العربية أو فى الحد الأدنى تنسيق الجهد العربى إلى أقصى حد ممكن هو الهدف الرئيسى له، وأتباع هذا التيار فى مصر من اليساريين والقوميين والناصريين يرون أن هناك قوى إقليمية تريد أن تتمدد دوماً على حساب مصر فى الوطن العربى قاصدين بهذا تركيا وإيران على وجه التحديد. ويتطلع هؤلاء إلى أن يسلك الرئيس المصرى الطريق الذى سلكه سلفه جمال عبدالناصر فى إطار الربط بين الاثنين، أو محاولة إضفاء النكهة الناصرية فى الفكر والتوجه على النظام الحالى. وينطلق هذا التيار من أن علاقة مصر بالدول العربية قدر وضرورة لا بد منها، ولا غنى عنها، وأن المصلحة الوطنية المصرية تقتضى تمتين العلاقة مع البلدان العربية على المستويين الرسمى والشعبى.

5- التيار المدنى الجديد، وهو تيار لا يعود إلى اتصال مصر بالغرب فحسب بل له جذور مصرية خالصة صنعها أولئك الذين ظلوا طيلة القرون الفائتة يؤمنون بـ«الفكر المصرى» أو «الطريقة المصرية» فى التفكير والتدبير وكذلك من نادوا بتجديد الرؤية الدينية، لكن لا يمكن إنكار أن هذا التيار قد أخذ دفعة قوية فى ظل التفاعل الإيجابى من عطاء الحضارة الغربية.

وهذا التيار فى مصر تمثله بعض الأحزاب المدنية، لاسيما الليبرالية، وقوى المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان وكثير من المثقفين بمختلف اهتماماتهم، ولهؤلاء الممثلين لذلك التيار مساعٍ لترسيخ العلاقات مع نظرائهم فى الدول العربية الأخرى، أو رغبة فى دائمة ومتجددة فى تحقيق هذا الهدف. ومنذ البداية لم يخاصم هذا التيار التوجه العروبى لمصر، بدليل أن فكرة الجامعة العربية قد تبناها حزب الوفد قبل ثورة يوليو، ودافع عنها، وسعى من أجل تحقيقها.

وعرض الخيارات والمسارات والتيارات ذات الصلة أو الاهتمام بعلاقة مصر العربية يمهد للإجابة على السؤال المهم: كيف يمكن لمصر أن توائم بين التنمية المحلية والالتزامات الإقليمية؟

والإجابة بوضوح هى أن أغلب الأطراف الفاعلة فى الحياة السياسية المصرية، شعبية ورسمية، تؤمن بأنه لا تضاد أبداً بين متطلبات التنمية المحلية فى مختلف توزعاتها وتخصصاتها وقيام مصر بما عليها من التزامات حيال العالم العربى فى اللحظة الراهنة.

كما أن الظروف الموضوعية تزكى هذا الاتجاه، الذى لا فكاك منه، وبدلاً من تضييع الوقت فى مناقشة ما إذا كان من الممكن تبنّيه أم لا، يجب أن تنصرف الأذهان إلى النقاش حول كيفية تمتين هذا الاتجاه ودفعه فى الطريق السليم، بما يعود بمنفعة متبادلة، أو على الأقل يساعد فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والعرب الآن 44 مصر والعرب الآن 44



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib