عمرو الشوبكي
التصريح الذى خرج بالأمس عقب لقاء وزير الخارجية المصري مع هادي البحرة، رئيس الائتلاف السوري المعارض: ألا مبادرة مصرية- لسوريا، وألا أحد بما فيه موسكو لديه مبادرة للحل، كما أن دعم دول الخليج وتركيا الكامل للمعارضة المسلحة، واختزال الحل فى إسقاط نظام بشار الأسد بالقوة المسلحة قد صعبا من فرص نجاح أى مبادرة سياسية.
والحقيقة أن حل إسقاط بشار الأسد بالقوة المسلحة نتائجه ستكون أكثر سوءاً من الوضع الحالى، كما أن استمرار بشار الأسد فى السلطة يعنى سقوط مزيد من الضحايا ومزيد من التدمير لمقدرات الشعب السورى والقضاء على مستقبل أجياله القادمة.
معضلة سوريا أن إسقاط بشار الأسد عبر القوة المسلحة ثمنه باهظ، وعلى الأرجح لن يحدث، وفى نفس الوقت فإن بقاءه إلى الأبد فى السلطة يعنى استمرار مسلسل القتل وتغذية التكفيريين وتنظيم داعش بعناصر جديدة نتيجة وجود بيئة حاضنة خلقتها جرائم النظام وممارساته الطائفية.
والحقيقة أن المشهد الحالى يقول إن حلم نجاح ثورة مدنية ديمقراطية فى سوريا قد انكسر وإن الساحة باتت مهيأة لنوع من الحلول العملية التى تستند إلى ما يجرى فى الواقع، وإلى توازنات القوى الموجودة على الأرض.
هذا الواقع يقول إن سوريا تعيش أكبر مأساة إنسانية فى تاريخها، وإنه سقط حتى الآن 150 ألف قتيل، وما يقرب من نصف مليون مصاب، وحوالى 4 ملايين لاجئ ومهاجر، وهو رقم مرعب لم يفرق مع بشار الأسد ولا مع دواعش الإرهاب.
أما الحل فهو فتح مسار سياسى نهايته تكون استبعاد بشار الأسد من رأس السلطة والحفاظ على ما تبقى من الجيش والدولة السورية، والبحث عن بدائل من داخل النظام (سيناريو وزير خارجية سوريا الأسبق، فاروق الشرع، كبديل لايزال مجهضا) تضمن انتقالاً آمناً للسلطة لا ينتصر فيها طرف بالقوة المسلحة.
والمؤكد أن انتصار المعارضة المسلحة وكسر ما تبقى من الجيش السورى وتفكيكه ستكون نتائجه كارثية على الشعب السورى والمنطقة، وأن بقاء بشار الأسد فى السلطة سيعنى الوصول لنفس النتيجة، لأنه لن يهزم معارضيه بالقوة وبالقتل ولن تبنى سوريا على دماء أبنائها، إنما بسواعدهم.
إذن أين المبادرة المصرية المطلوبة؟ الحقيقة أن ما قاله المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أمس: «إن مصر تضغط لحل سياسى دون مبادرة رسمية»، يجب أن يكون فى اتجاه الحفاظ على ما تبقى من الدولة السورية والعمل على إعادة بنائها من جديد.
كلمة السر فى رسالة مصر السياسية والمعنوية للعالم العربى، خاصة فى كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن: الحفاظ على الدولة الوطنية وإعادة بنائها، ورفض كل مشاريع تفكيكها المصنعة خارج الحدود، وفى سوريا فإن إعادة بناء الدولة سيعنى ضمنا (آجلا أم عاجلا) استبعاد بشار الأسد، لأنه مسؤول بسياسته وجرائمه عن إضعافها، والضغط على نظامه لكى يعترف بأن هناك قسما كبيرا من الشعب السورى على استعداد أن يقبل ببعض أركان دولته، ولكنه ليس على استعداد أن يقبل «آل الأسد» إلى الأبد.
مصر لا تدعم المعارضة المسلحة على خلاف دول عربية أخرى، ولا يجب، فى نفس الوقت، أن تدعم بشار الأسد، إنما المطلوب أن تنشط فى مساحة سياسية تقول لكل السوريين من غير الدواعش لا نصر ولا هزيمة بالقوة المسلحة، وإن البديل يمكن أن تساهم فى ميلاده كما فعلت من قبل مع الرئيس اللبنانى المنتهية ولايته، ميشيل سليمان، وأن تخلقه من داخل ما تبقى من الدولة السورية.
"المصري اليوم"