ضحايا الحجيج

ضحايا الحجيج

المغرب اليوم -

ضحايا الحجيج

عمرو الشوبكي

سقط ما يقرب من ألف حاج ضحايا التدافع في منى، وزهقت أرواح بريئة حاول البعض أن يبررها بالقول إنهم استشهدوا في الأراضى المقدسة «ويا بختهم»، كما يردد من هم أيديهم في الماء، لأنه لم يكن له أب ولا أم ولا أخ ولا زوج أو زوجة أو ابن أو ابنة من بين ضحايا الحادث.

والحقيقة أن هذا الحادث المؤلم جرى نتيجة تدافع، اختلفت الأقاويل في معرفة أسبابه، وسبق أن تكرر وأسقط آلاف الضحايا، ومع ذلك لم تنجح السلطات السعودية في إيجاد حل ناجع لهذه المشكلة.

هناك بالطبع التفسيرات السياسية التي رددتها الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية، والتى اعتبرت أن سبب سقوط هذا العدد من الضحايا يرجع إلى قيام ولى ولى العهد السعودى بالمرور في منى، فأُغلقت بعض الممرات وحدث التدافع وسقط هذا العدد الضخم من الضحايا في لحظات قليلة.

هذه الرواية التي اعتادت إيران وحلفاؤها أن تكررها عقب كل مأساة يشهدها الحجيج وتقوم بتحميل أمير أو مسؤول سعودى مسؤولية ما جرى لا يوجد دليل عملى على صدقها، ولكنها تعطى رسالة قوية بأن هناك قوى إقليمية ومحلية تتربص بأى خطأ يقع في السعودية، وعلى استعداد أن تبالغ فيه طالما لا يوجد اعتراف به، ويتم إخفاؤه وعدم محاسبة المسؤولين عنه واحتساب القتلى شهداء وانتهى الأمر.

وقد دفع هذا المشهد المأساوى برئيس الشؤون الدينية التركية، محمد قورماز، إلى «المطالبة بعقد اجتماع دولى يهدف لمناقشة تأمين أمور الحج»، وهو ما أثار ردود فعل رافضة داخل السعودية وخارجها.

صحيح أن هذا النوع من الحوادث سببه، من جانب، خلل في التنظيم، ومن جانب آخر، سوء سلوكيات بعض الحجاج الذين يتصورون أنه يمكن أن يُثابوا وهم يمارسون سلوكيات تؤذى الآخرين.

إن أبرز العوامل التي تؤدى إلى سقوط قتلى بين الحجاج هو تزاحمهم، وإصرار عدد كبير منهم على رمى الجمرات في وقت واحد، رغم أن الشريعة والفقهاء يرون إمكانية توفير أوقات متعددة للحاج لأداء ذلك الواجب، فيمكن عند الرجم توكيل عملية الرمى إلى حاج آخر، بحيث يتجنب الضعفاء أو النساء الدخول إلى المناطق المزدحمة، وأجاز البعض الآخر إعادة النظر في توقيت الرمى، بحيث أجازوا الرجم في الليل، مع بقاء الأفضلية للرمى في النهار.

ويقيناً فإن إصرار بعض الحجاج على عدم الالتزام بخطوط السير أو حمل أمتعتهم معهم بصورة سببت عرقلة واضحة لسير الحجيج أدى إلى حدوث التدافع وسقوط هذا العدد الهائل من الضحايا.

والمدهش أو الصادم هو ما قاله مسؤول أمنى سعودى لقناة «العربية» من أن بعض الحجاج رفضوا تطبيق أوامر رجال الأمن على حافتى الطريق المؤدى إلى جسر الجمرات، وصعدوا بأمتعتهم إلى الجمرات عبر حافلات وليس من خلال قطار المشاعر، وبعد عودتهم تم إنزالهم في تقاطع شارع 204 مع شارع 223، والذى تزامن مع قدوم الحجاج الذين حل موعدهم للتصعيد إلى الجمرات، فوقع هذا التصادم.

والسؤال: لماذا لم تقم قوات الأمن السعودية بمنع هؤلاء الحجاج، ولو بالقوة، من القيام بهذه المخالفة الجسيمة، وهو أمر كان يجب عدم التسامح فيه، لأن ثمنه مئات الضحايا؟

يقيناً، هناك خلل تنظيمى يجب ألا تبرره مقولة سوء سلوكيات بعض الحجاج (وهو حقيقة)، لأن السلطات السعودية تضع خطتها وهى متيقنة أن هناك سلوكيات حميدة وأخرى سيئة، وأنها لن تستورد مسلمين من خارج بلاد الإسلام، وبالتالى عليها تطبيق القانون على المخالفين، وعدم قبول مقولة لقد نالوا الشهادة فهم لم يطلبوها، وكل ضحية كان ينتظره أهله ليعود حاجا معززا مكرما لا على نعش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضحايا الحجيج ضحايا الحجيج



GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

GMT 13:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

نقطة ومن أول السطر.. انتهى مهرجان 45 وبدأ 46!

GMT 13:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ألف سؤال.. وسؤال

GMT 13:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كنز في أسيوط!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib