رمضان مسلسلات

رمضان مسلسلات

المغرب اليوم -

رمضان مسلسلات

عمرو الشوبكي

مدهشة الطريقة التى يتعامل بها الإعلام مع شهر رمضان، فقد تحول من شهر الفضائل والاقتراب من الله إلى تخمة مسلسلات وبرامج بعضها تافه وبعضها الآخر هابط.

ورغم أن هذا التدهور بدأ فى نهايات عهد مبارك إلا أنه تعمق (بدلاً من العكس) عقب كل ثورة، فزاد عدد المسلسلات حتى وصل إلى أكثر من 50 مسلسلا تكلفت أكثر من مليار جنيه، ولا يمكن لأى عاطل إلا أن يشاهد نصفها إذا جلس 24 ساعة أمام التليفزيون دون نوم أو عمل.

وعادت نفس هذه القنوات وشنت هجوما كاسحا على المشاهد المصرى حين غزت الإعلانات بصورة فجة وغير مهنية على كل البرامج والمسلسلات حتى زاحمت الأذان وحلت مكان القرآن الكريم الذى صرنا نسمعه نادرا قبل المغرب والفجر، حتى باتت إعلانات الشيبسى أكثر أهمية من كلام الله.

ليس مطلوباً أن تغيب المسلسلات عن شهر رمضان، ولا أن تختفى الفوازير التى تابعها جيلى لسنوات طويلة قبل أن تغيب، إنما المطلوب ألا نعيش ثقافة التخمة والجرعة الزائدة التى تحول شهر الصيام والمحبة والتقرب لله إلى جنون حقيقى فى تقديم جرعات غير مسبوقة من المسلسلات.

المؤكد أن بعض هذه المسلسلات جيد، مثل «أستاذ ورئيس قسم»، و«حارة اليهود»، وهما المسلسلان الوحيدان اللذان تابعتهما فى رمضان، الأول شاهدت معظم حلقاته بحكم العادة مع معظم أعمال عادل إمام، والثانى فاتتنى معظم حلقاته إلا أنه ترك انطباعا جيدا فى نفسى.

بالحتم قد يكون هناك مسلسل أو اثنان آخران على مستوى جيد يستحقان المشاهدة، ولكن هل يمكن أن نجد مجتمعا طبيعيا يعانى من عجز غير مسبوق فى ميزانيته ونقص فى معدلات الإنتاج وانتشار لثقافة الفهلوة والشطارة محل المهنية والإنجاز أن يكون التعامل معه فى الشهر الفضيل هو تقديم أكثر من 50 مسلسلا، كثير منها هابط، مع إعلانات معظمها سيئ للغاية ماعدا «الإعلان العائلى» والإنسانى لفودافون.

بحسابات المكسب والخسارة مستحيل أن تحقق الفضائيات مكاسب من وراء عرض 50 مسلسلا، وبحسابات العقل والمنطق مستحيل على أى بلد يحترم مجتمعه أن يقبل ببث هذا العدد من المسلسلات، ويفترض أن هناك بنى آدم طبيعى يمكن أن يشاهد ربع هذا العدد من المسلسلات.

المؤكد نحن بحاجة إلى تصور للتعامل مع شهر رمضان، ونعتبر أن هناك مهمة على الدولة فى بث قيم كثيرة دينية وأخلاقية فى هذا الشهر الكريم تساعد المجتمع على التخلص من بعض سلبياته، وتستدعى من الدين الإسلامى أعظم ما فيه من قيم الصدق والعمل والخير، لا أن يترك المجتمع فريسة لقيم استهلاكية متدنية تردد المقولة الفاسدة السوق أو الجمهور «عايز كده»، والحقيقة هو أمر غير صحيح فلا السوق ولا الجمهور «عايزين كده»، إنما مروجو الانحطاط فى المجتمع وتجار الخراب هم الذين يريدون ذلك.

لقد وجدت أنى كتبت فى رمضان 2009، أى قبل ثورة يناير، هذه الجملة فى نهاية مقال كان عنوانه القاهرة والناس: «نتمنى أن تتغير مصر فى 2010 حتى لا نشاهد هذا القبح المتعمد مرة أخرى فى رمضان المقبل». ولم تتغير مصر ولم يعد أمامنا إلا الدعاء بأن ينصلح حال مصر فى 2011 حتى لا نشاهد مرة ثالثة هذا القبح. والله هو المجيب.

والمدهش أننا صرنا فى 2015 ولم تتغير مصر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان مسلسلات رمضان مسلسلات



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib