رجعوا التلامذة

رجعوا التلامذة

المغرب اليوم -

رجعوا التلامذة

عمرو الشوبكي

فتحت الجامعات والمدارس الحكومية أبوابها، وعاد تلاميذ مصر لمقاعد الدراسة مرة أخرى بعد أن شهدوا عاماً عصيباً لم تتغير فيه أحوال المعلم ولا التلاميذ، وبقى التعليم على حاله بلا أى تطوير ولا حتى رؤية تقول إن التعليم هو أساس تقدم أى أمة ترغب فى أن تتقدم.

وعرفت مصر وزراء تعليم عال لم ترهم طوال تاريخها الطويل، فشهدنا فى العام الماضى وزارة تعليم تقمصت دور الداخلية ولم تفلح فيه، بعد أن فشلت فشلاً ذريعاً فى لعب دورها الأصلى كوزارة تعليم، فهددت كل الطلاب قبل وأثناء العام الدراسى وتوعدت الجميع، ولم تفكر فى وقوف الطلاب لساعات أمام بوابات جامعاتهم فى انتظار تفتيش «فالكون»، فتفتح لهم بوابات جديدة، ولم تفهم سيكولوجية شباب فى هذه الفئة العمرية (18 إلى 22 عاماً)، بأن أغلبهم وبحكم الطبيعة يمثلون صوت احتجاج أو معارضة أو رفض، مثلما كان كل شباب الحركة الطلابية فى مصر والعالم، بدأوا رافضين ومحتجين وثواراً وانتهوا إصلاحيين ومسؤولين حكوميين.

والحقيقة أن فارق الوظيفة والدور بين الداخلية والتعليم أمر بدهى، فمهمة وزارة الداخلية محاسبة المخربين وحملة المولوتوف ومشاريع الإرهابيين لا ممارسة عقاب جماعى على كل الطلاب، كما أن مهمة وزارة التعليم هى تحسين أوضاع الطلاب والجامعة والعملية التعليمية، أى الوضع الطبيعى، وليس بناء خطاب كامل للوزارة على- فقط- مواجهة الخارجين على القانون والمخربين مثلما تسرب من تصريحات وزير التعليم العالى الجديد.

لايزال التعامل مع التعليم على أنه مجموعة من الطلاب المخربين يجب مواجهتهم بالإجراءات الأمنية وشركات الأمن الخاصة والبوابات الإلكترونية، و«الطلاب الشرفاء» الذين مهمتهم الإبلاغ عن زملائهم «غير الشرفاء» المحرضين على التظاهر.

مشكلة هذا الخطاب أنه نسى أن أغلب الطلاب لم يكن لهم علاقة بالعنف ولا الإخوان، وهم ليسوا ضد أى إجراءات أمنية تحول دون تكرار عنف العامين الماضيين مرة أخرى، وأن تخويف كل من يعترض على الإجراءات القمعية بالصراخ: هل تريدون الفوضى؟ هل ترغبون أن تتحول الجامعة إلى ساحات عنف؟ والإجابة قطعاً: لا، فالمؤكد أن خطاب التهديد الذى استخدمه وزراء التعليم العالى طوال الفترة الماضية سيُعقّد مشكلة الجامعة لأنه اختزلها فى الأقلية العنيفة المخربة، ونسى أن هناك أغلبية من الطلاب تستفزهم الإجراءات الأمنية الفجة، وهناك من لديه موقف سياسى من الحكم الحالى، ويراه مسؤولاً عن دماء كثيرة سقطت، وأن هناك آلة تعبئة سياسية لن تُواجَه فقط بالإجراءات الأمنية ولا بصراخ وزراء التعليم العالى.

ومع ذلك ظل الطلاب هم ضمير المجتمع المصرى وصوته الحى، فقد كانوا صوت الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو، كما عبر جيل مظاهرات 1968 الطلابية (الجيل الأهم والأكثر وعياً فى تاريخ الحركة الطلابية المصرية) عن ضمير المجتمع المصرى حين انتفضوا معترضين على الأحكام الهزيلة لبعض قادة الجيش المسؤولين عن هزيمة 67 (أحكام الطيران)، وطالبوا عبدالناصر بإجراء إصلاحات سياسية وديمقراطية دفعته إلى تقديم بيان 30 مارس الذى فتح الباب أمام تعددية سياسية وديمقراطية لم يمهله القدر لإتمامها.

تجربة الطلاب فى مصر، مثل كل بلاد الدنيا، مثَّلت نمطاً احتجاجياً لا تفضله عادة النظم السياسية، ولكن النظم الحية والديمقراطية هى التى تعمل على دمج هذا الصوت فى مسار إصلاحى، كما جرى فى فرنسا 68، فمن قرأ ماذا كان يقول الطلاب اليساريون من شعارات وهتافات ثورية ضد المجتمع الأبوى والنظام الرأسمالى الذى مثله بالنسبة لهم الجنرال ديجول (بطل فرنسا القومى، ومحررها من الاحتلال النازى)، وكيف أصبحوا وزراء ومسؤولين كباراً فى أحزاب اشتراكية إصلاحية، سيكتشف مسؤولية النظام السياسى الديمقراطى عن إحداث هذا التحول.

للأسف هذه الرؤية غائبة فى التعامل مع ملف الطلاب فى مصر، والعجز عن التمييز القاطع بين المخربين والمحرضين على العنف وبين الطلاب السلميين، معارضين أو مؤيدين، أمر يحتاج إلى مراجعة سريعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجعوا التلامذة رجعوا التلامذة



GMT 20:16 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

«شفاعات» 1955 و«شفاعات» 2025!

GMT 20:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 20:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 20:08 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

حرية المعلومات هى الحل!

GMT 20:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إطلالة جريئة

GMT 20:01 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

كريم العنصر.. لا العنصرين

GMT 19:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ميرنا عارف ؟

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib