عمرو الشوبكي
لا يخلو ظهور أحمد عز على شاشات التليفزيون وإصراره على الترشح فى الانتخابات البرلمانية من جرأة، فهو يعرف أنه يسير ضد تيار غالب من المصريين، حتى لو اعترف بعد فوات الأوان بأنه واحد من الأشخاص (الرئيسيين) الذين بسببهم حدثت ثورة يناير، ومع ذلك يصر على العودة مرة أخرى للساحة السياسية فى تبلد وتنطع نادر.
اعتراف الرجل بأخطائه يستلزم، بشكل تلقائى، أن يتوارى عن الأنظار، وأن يعلن، كما يحدث مع السياسيين المحترمين، ابتعاده عن السياسة، لا أن يقول أخطأت فى كل حساباتى وسأستمر أيضا كسياسى رغم أنفكم وسأترشح أيضا فى الانتخابات.
والحقيقة أن هذا السلوك لمن أراد احتكار الحديد والسياسة يحتاج إلى معالجين وليس محللين لفهم أبعاده، فهو يقول نعم أخطأت ولكنى فى نفس الوقت سأتحداكم بترشحى فى دائرة توجد فيها مصانعى، وستكون لى فرصة نجاح حتى أقول لكم فعلا لا كلاما إنى لم أخطئ وإنكم ظلمتمونى وإن كل ما فعلته كان صوابا، فى مشهد يكرس الاستعلاء وانعدام المسؤولية وغياب أى اعتراف حقيقى بالخطايا التى ارتكبها.
لا تستطيع وأنت تشاهد ولو جانبا من حواره التليفزيونى، بعد أن أصبح بعيدا عن السلطة، إلا أن تتأكد أن لديه مواهب وإصرارا فى نفس الوقت على إثبات براءته حتى لو تحدى الجميع، لكنه وظفها جميعا فى الاتجاه الخاطئ، وأكد للكثيرين أن ما فعله فى انتخابات 2010 المزورة كان جريمة مكتملة الأركان لأنه لو كان من داخله اعترف، كما يقول، بخطئه لما أصر على الترشح فى الانتخابات القادمة.
أحمد عز وضع الأساس لأول انتخابات مزورة بالكامل فى مصر، بعد أن حصلت شلته فى الحزب الحاكم على 98% من أصوات الناخبين بالتزوير والبلطجة وتقفيل الصناديق، فى مشاهد يندى لها الجبين، ومثلت عارا حقيقيا على هذا البلد وعلى كل الأجهزة التى ساعدته فى ارتكاب تلك الجريمة.
آلاف من أعضاء الحزب الوطنى شاركوا فى ثورة يناير نكاية فى أحمد عز وفرقته، ملايين المصريين نزلوا غضبا فى الشوارع سخطا على مبارك الأب والابن ورجل الحديد، مصر كانت معرضة للتفكك والضياع بعد ثورة يناير بسبب وجود سياسى فاشل وتاجر محتكر تصور أنه فعلا اكتسح انتخابات 2010 عن حق، وصال وجال فى كل وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، ليقول للناس نعم لقد فزت فى انتخابات حقيقية وليست مزورة.
عالم عز الافتراضى هو عنوان ما كتبته فى 26 ديسمبر 2010 فى «المصرى اليوم»، تعليقا على جريمته فى تزوير الانتخابات، حين كان الرجل يسيطر على الكثير فى مصر، من إعلام وصحافة حكومية، واعتبرت فيه «أن آراءه السياسية تعكس طريقة تفكير كارثية تجعلنا نتساءل عن مستقبل هذا البلد فى حال تحول حكم أحمد عز ومجموعته من حكم تحت التأسيس إلى حكم بالقانون».
مشكلات أمين تنظيم الحزب الوطنى كثيرة وجسيمة، وتبدأ من أنه بنى كل هذه «التحليلات» (نشرها على حلقات ثلاث فى جريدة الأهرام) على أن الحزب الوطنى حزب حقيقى، وأنه حقق انتصاره الساحق فى الانتخابات الأخيرة دون تزوير ولا انتهاكات، وأنه حزب منفصل عن جهاز الدولة الإدارى الأمنى، وأن الأخير لم يتدخل فى الانتخابات لصالح المرضىّ عنهم من مرشحيه، وأن أعضاءه يهرولون إليه عن قناعة وإيمان ولا يحتاجون إلى توكيلات يعلنون فيها فى الشهر العقارى أنهم لن يترشحوا ضد الحزب الوطنى.
تجربة الشعب مع عز مريرة وعودته هى هزيمة لكل من آمن فى يوم من الأيام ببناء دولة قانون عادلة فى مصر.