الإعلام وإرهاب سيناء

الإعلام وإرهاب سيناء

المغرب اليوم -

الإعلام وإرهاب سيناء

عمرو الشوبكي

كشفت عملية سيناء الإرهابية عن حجم الضعف والارتباك فى أداء الإعلام المصرى، وأوضحت أيضا حجم الانحياز الفج الذى أصاب قنوات منحازة أصلا، مثل الجزيرة، حتى أصبحت صوتا للتحريض والشماتة فى كل مصيبة تصيب الشعب المصرى، كما أبرزت حضورا محايدا ومهنيا لم يخلُ من سلبيات لقناة سكاى نيوز عربية وتلتها قناة العربية، فى تغطية ما جرى فى سيناء، وغاب بالكامل أى أفق لظهور قناة إخبارية مصرية يمكنها أن تنافس على المستويين الوطنى أو العربى.

مثالب تغطية الإعلام المصرى عقب حادثة سيناء الإرهابية كثيرة وجسيمة، لكن اتهامه بالتآمر مرفوض والتضييق عليه ومطالبته بألا ينطق ولا يعلق وأن يعتمد على مصدر رسمى واحد، خاصة بعد صدور قانون حبس الصحفيين (الذى رفضته نقابة الصحفيين بشدة)، سيعمق من مشاكل الصحافة المصرية، وسيفتح الباب أمام الإعلام الأجنبى للتقدم وتحقيق نجاحات مهنية، معتمدا على مصادر متعددة، فى حين سيفرض على الإعلام المصرى الالتزام فقط بالبيانات الرسمية بما يعنى القضاء على ما تبقى من فرص لصناعة إعلام مصرى قادر على استعادة عافيته.

الإعلام المصرى ارتبك فى كل شىء، على مستوى الخبر والتغطية والتحليل، لأنه ببساطة ليس لديه مراسل حربى واحد معتمد فى سيناء، كما سبق أن عرفنا فى مصر من قبل وكما هو معروف فى كل البلاد المتقدمة، فقد كان لهذا المراسل دور كبير ومؤثر أثناء حربى الاستنزاف و73، حيث نجح الصحفى فى ذلك الوقت فى أن يحل عقدتين: الأولى مهنيته وتكوينه الصحفى، والثانية احترام القيود المفروضة على الأخبار التى ينقلها والمتعلقة بجيش فى حالة حرب.

وعرفت مصر مراسلى حرب عظاما كانوا مع الجيش فى أثناء حروبه وليس فقط الذين ظهروا فى مرحلة السلم، وهو ما خلق نوعية محترفة ومدربة وذات ثقافة حربية غابت تماما فى السنوات الأخيرة، واتضحت مثالب هذا الغياب على المشهد الإعلامى المصرى بعد حادثة سيناء الإرهابية.

وبدلا من معالجة الخلل بأن يعاد تكوين المراسل الحربى مرة أخرى، اكتفى النظام السياسى بالشؤون المعنوية كمصدر وحيد للأخبار المتعلقة بالجيش، وطالب الصحفيين بالاعتماد على البيانات الرسمية التى يقولها المتحدث العسكرى، ونسى أو تناسى أن الحل فى وجود مراسلين معتمدين يمثلون عينا وطنية أخرى فى قراءة ما يجرى، فيقومون بعملهم المهنى ويراعون دقة الأخبار وحساسيتها وفق قواعد معروفة ومستقرة، أما المطالبة بأن يتحول الإعلام المصرى لمجرد ناقل لمصدر واحد من الأخبار فهو أمر يقدم على طبق من فضة حرية أكبر للإعلام الدولى للوصول لمصادر إخبارية متنوعة وصياغتها وفق أجندتها وتحيزاتها.

صناعة الإعلام قائمة على الخبر وكل من يصل إليه أسرع من غيره يحقق السبق الصحفى، صحيح هناك أخبار مغلوطة وهناك أخبار أخرى صحيحة يتم تلوينها وتحريفها تبعا لخط الصحيفة، وإذا قيدنا الإعلام المصرى بحجج مختلفة نكون قد فرضنا عليه منذ اللحظة الأولى أن يخسر معركته قبل أن تبدأ.

يقيناً الصور التى قدمتها الشؤون المعنوية لما جرى فى سيناء كانت مهنية وإنسانية ومؤثرة وذات رسالة وطنية بامتياز، ومثلت ربما طوق نجاة للفشل الإعلامى الحكومى والخاص فى تغطية ما جرى فى سيناء، ولكنها كأى متابعة إخبارية مصورة خرجت بعد 24 ساعة، لأنه ليس مهمتها السبق الصحفى (ودقته أيضا)، الذى هو جزء من صناعة الإعلام فى العالم كله.

ليس مطلوبا أن تكون الشؤون المعنوية هى المنقذ بسبب عدم رغبتنا فى أن ننظر لعمق مشاكل الإعلام المصرى التى كشفتها جريمة سيناء ونكتفى باللقطة والمسكن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام وإرهاب سيناء الإعلام وإرهاب سيناء



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib