الأذرع الإيرانية

الأذرع الإيرانية

المغرب اليوم -

الأذرع الإيرانية

عمرو الشوبكي

 

الحرب التى قادتها السعودية على ميليشيات الحوثى فى اليمن لم تكن حرباً عادية، لأنها تمثل أول مواجهة مباشرة بين قوات عربية وإحدى أذرع إيران فى المنطقة، وهو أمر اعتادت أن تقوم به قوى أخرى «بالوكالة» عن هذه القوات، خاصة فى كل من لبنان وسوريا.

والحقيقة أن قصة الأذرع الإيرانية هى قصة مركبة، فهى امتداد لنظام داخلى «ممانع» جاء عقب ثورة كبرى وعظيمة، ولا يمكن مقارنته بتجارب ادعاء الممانعة الفاشلة فى العالم العربى (نظامى الراحلين معمر القذافى وصدام حسين أو بشار الأسد)، وبنت نظاما سياسيا ثوريا اتسم بالحيوية، لكنه غير ديمقراطى وصمد منذ عام 1979 أمام أكبر حصار غربى عرفته دولة إسلامية فى تاريخها المعاصر.

وبنت إيران نظام تعددية مقيدة يقبل بحدوث تغيير بين أجنحة النظام المختلفة بشرط الحفاظ على القواعد والأسس التى يقوم عليها هذا النظام، خاصة نظام ولاية الفقيه الذى يعطى لمرشد الثورة المنتخب من بين رجال الدين صلاحيات أكبر من رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب.

وعرفت إيران 5 رؤساء للجمهورية وثلاثة مرشدين للثورة طوال الثلاثين عاما التى عرفت فيها مصر رئيسا واحدا للجمهورية، هو حسنى مبارك، وهو ما أعطى للنظام الإيرانى حيوية خارجية مؤكدة، وفرصا لمد أذرعه فى المنطقة.

وقد مارست إيران سياسة توسعية تجاه الدول العربية والإسلامية، فعرفت فى البداية ذراعا ثورية إسلامية أثرت فى دوائر أوسع من الدوائر الشيعية ولكنها سرعان ما تقلصت واقتصرت تقريبا على دعم موسمى لحركة حماس الفلسطينية، وأصبحت الذراع الشيعية والمذهبية هى الحارسة لطموحات إيران الإقليمية ولمشروعها النووى وسياستها التوسعية، فكانت ذراع حزب الله فى لبنان الذى تحول من حزب مقاوم للاحتلال الإسرائيلى إلى ميليشيا شيعية طائفية، وأعطت أمريكا ذراعا «هدية» أخرى لإيران حين هدمت الدولة العراقية وفككت جيشها وقالت لإيران «تفضلى» سيطرى على هذا البلد، حتى شهدنا مؤخرا قائد فيلق القدس الإيرانى قاسم سليمانى يستبيح الأراضى العراقية ويقاتل مع ميليشيات الحشد الشعبى الشيعية التى حولت الحرب على الإرهاب إلى حرب انتقام ضد السُّنة، وجاءت الذراع الأخيرة وهى الورقة الحوثية فى اليمن التى تنتمى إلى المذهب الزيدى الأقرب إلى أهل السنة، وتمددت فى بلد عرف كل صور الصراعات إلا الصراع المذهبى، ومع ذلك نجحت إيران فى إعطاء بُعد طائفى لصراعات اليمن السياسية والجهوية والقبلية.

الذراع الحوثية هى ذراع ميليشيا توسعية تسعى للسلطة والهيمنة السياسية بدعم إيرانى كامل، والمفارقة أنها جماعة ترفع شعارات ثورية، وفى نفس الوقت تتحالف مع من ثار ضده الشعب أى الرئيس اليمنى السابق، على عبدالله صالح، الذى بقى فى السلطة 32 عاما، (وحمته وعالجته السعودية بعد خروجه من السلطة خروجا آمنا)، فأى ثورية يتحدث عنها عبدالملك الحوثى وجماعته؟

التدخل السعودى الجوى المدعوم من 10 دول عربية يمثل نقطة تحول فى مواجهة أذرع إيران فى المنطقة، وذلك بالدخول فى مواجهة مباشرة معها وهو أمر لم نعتد عليه، ولذا من المهم أن يحسب الجانب العربى جيدا رد الفعل الإيرانى، ولا يُتصور أن ردع أذرع إيران هو نهاية المعركة، إنما وضع أسس جديدة لعلاقات جديدة وسوية مع إيران نعرف فيها أن أذرعها الخارجية المتعددة ترجع فى جانب كبير منها لحيوية نظامها الداخلى، وإلى ضعفنا وهشاشة كثير من أوضاعنا الداخلية، وأن المطلوب عدم الاكتفاء بردع الأذرع الإيرانية إنما قبله تطوير أدائنا الداخلى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأذرع الإيرانية الأذرع الإيرانية



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib