«الاتحادية 2»

«الاتحادية 2»

المغرب اليوم -

«الاتحادية 2»

عمرو الشوبكي

تغيَّر المشهد أمام قصر الاتحادية، واختلفت صور يوم الجمعة عما جرى أمام القصر نفسه فى شهر نوفمبر من العام الماضى، فـ«الداخلية» التى لم تعمل ولم تواجه المتظاهرين فى شهر نوفمبر، وتفرجت على مواجهات شباب الإخوان وخصومهم فسقط 9 قتلى وعشرات المصابي، عملت وواجهت هذه المرة المتظاهرين، وارتكب بعض أفرادها جريمة ضرب وسحل أحد المواطنين. الفارق بين «الاتحادية 1» و«الاتحادية 2» أن عشرات الآلاف من المواطنين استمروا فى تظاهراتهم فى المشهد الأول حتى بعد الصدام الدامى مع شباب الإخوان، وأصروا على البقاء والاعتصام حتى اقتراب موعد الاستفتاء، فى حين أن متظاهرى أمس الأول انسحبوا بعد أن ألقى بعض الصبية وقلة قليلة من الشباب قنابل المولوتوف على قصر الرئاسة، واشتعلت النيران فى بعض أبوابه ونوافذه فى مشهد مؤلم ومرفوض، ولا يشعر معه أى مواطن مصرى إلا بالمهانة والألم، لرمزية قصر الرئاسة، وبصرف النظر عمن بداخله، وهو ما دفع بآلاف المصريين السلميين إلى الانسحاب من محيط قصر الاتحادية رفضاً لهذا العنف البغيض. إن الآلاف الذين شاركوا فى تظاهرات الجمعة الماضى، وانسحبوا مع أول قنبلة مولوتوف ألقيت على «الاتحادية»، يجب ألا تتعامل معهم المعارضة على أنهم مضمونو الولاء، أو أنهم فى حالة ثورة دائمة أو ثورية بالطبيعة، فتلك النظرة هى الوجه الآخر لما كان يردده البعض قبل الثورة بأن الشعب المصرى بطبيعته خانع ومستسلم لحكامه ولا يغادر «الكنبة» الوثيرة، إيماناً منه بعدم جدوى المشاركة السياسية. والحقيقة أن الشعب المصرى ليس شعباً ثورياً ولا شعباً خانعاً، إنما هو شعب مثل كل شعوب الأرض يثور استثناء ويعمل طول الوقت على تحسين ظروفه المعيشية، وإذا وفقه الله فى بناء نظام ديمقراطى فسيصبح مثل كل شعوب الدنيا يُغيِّر عبر صندوق الانتخابات، ومن خلال المؤسسات الديمقراطية التى قد توجد خارجها قوى احتجاج قد تصبح قوة ضغط وضمير على من فى الحكم من أجل عدم الخروج على الدستور وقواعد الديمقراطية وعدم تجاهل هموم الناس، أو قوة عنف وتخريب على هامش المجتمع وقواه السياسية. معضلة مصر ليست فى وجود عشرات من الشباب المهمش والمحبط الذى يمارس العنف المدان والمرفوض، إنما فى ضعف العملية السياسية وانسداد المسار الديمقراطى وغياب الأمل فى وجود رئيس يدافع عن مصالح كل المصريين، وليس فقط أهل الجماعة والعشيرة. ما جرى فى «الاتحادية 2» هو خسارة لقوى المعارضة، فقد انصرف الناس عن المظاهرة مع أول قنبلة ألقيت داخل حديقة قصر الاتحادية، ولن يكون من السهل حشد الأعداد نفسها فى الأيام المقبلة، فجبهة الإنقاذ ليست مسؤولة عن حوادث العنف التى جرت ولم تكن داعية ولا محرضة لها، ومسؤولية نظام الحكم عن هذه الحوادث نتيجة سياساته التى أحبطت الكثيرين مؤكدة، إلا أن حصيلتها النهائية ستخصم أكثر من رصيد المعارضة. يجب ألا يتساهل بعض شباب جبهة الإنقاذ مع هذا النمط من العنف، لأنه سيسحب جزءاً كبيراً من جمهورها الذى دعمها ووثق فيها، كما أن تحويل قضية إصلاح مؤسسات الدولة إلى علاقة ثأرية مع «الداخلية» سيدفع الأخيرة إلى الاستسلام لشروط الإخوان التى ستهيمن عليها دون أن تصلحها، وأخيراً فإن تخيُّل تكرار سيناريو إسقاط مبارك فى 18 يوماً مع الحكم الحالى هو وهمٌ كبير لا يجب الاستسلام له. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الاتحادية 2» «الاتحادية 2»



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib