الحظر ليس حلاً
أخر الأخبار

الحظر ليس حلاً

المغرب اليوم -

الحظر ليس حلاً

عمرو الشوبكي

حظر جماعة مارس بعض قادتها الإرهاب وارد، وحظر جماعة ارتكبت مخالفات مالية وأديرت بشكل سرى خارج أى قانون مشروع، إلا أن اعتبار الحظر هو الحل فى مواجهة أى جماعة سياسية أو عقائدية أمر بعيد تماما عن الواقع. وإذا كان من المؤكد أن هناك تيارا واسعا من المصريين يرفض وجود جماعة الإخوان المسلمين ويعتبرها ارتكبت جرائم بحق الوطن تستوجب العقاب والمحاسبة والحظر القانونى، إلا أن فكرة المواجهة بالحظر وتصور أنه وحده قادر على حسم معركة الإخوان أمر بعيد عن الصواب. إن نظام مبارك، الذى قال إنه حارب الإخوان ووصفها بالجماعة المحظورة، وواجهها بالأمن لا السياسة، واعتبر الخطر الأعظم الذى يهدد مصر هو تنظيم الإخوان، وفى نفس الوقت ترك البلد بلا أى قوى سياسية منظمة إلا الإخوان، رغم المواجهة الأمنية والحظر القانونى. لا يجب أن يتصور البعض أن الحل فى حظر الجماعة، كما جرى فى عهد مبارك، ولا فى تركها تعمل فوق قوانين الدولة، كما جرى فى عهد المجلس العسكرى ومرسى، إنما الحل هو فى التعامل مع الجميع، بمن فيهم الإخوان، ببرود وبحياد القانون، الذى لا يجب أن يسمح لجماعة دعوية دينية بأن تعمل فى السياسة، ولا يسمح لحزب بأن يكون مجرد ذراع لجماعة، أو رئيس جمهورية مجرد ممثل لمكتب إرشاد جماعة سرية. مستقبل الجماعة سيحدده قانون صارم يطبق على الجميع، بصرف النظر عن موقفنا منها، وفى حالة الجماعة فإنها إذا عادت ستكون بصيغة جديدة وتأسيس ثانٍ يتجاوز بشكل نهائى صيغة التأسيس الأول للجماعة التى فشلت على مدار 85 عاما، وهو ما يعنى عمليا أن القادم سيكون جماعة أخرى غير الإخوان المسلمين، وحزبا آخر منفصلا عنها غير «الحرية والعدالة». حظر الإخوان لن يقضى على الإخوان، لكنه قد يساعد فى دفع بعض عناصرها لبناء تيار جديد يخرج من عباءتها ويؤسس مشروعا جديدا قد تقبله الناس أو ترفضه فهذه ليست القضية، إنما المهم أن يكون هناك قانون يفصل بين الجماعات الدينية والدعوية، والأحزاب والتيارات السياسية، ويلزم الجميع باحترام قواعد الديمقراطية والدستور المدنى والمواطنة، ولا يترك الأمور مستباحة مثلما جرى على مدار ما يقرب من 3 سنوات. إذا عادت الجماعة فى يوم من الأيام فسيكون وفق شروط الدولة الوطنية الحديثة والدستور المدنى الذى يحظر على الجماعات الدينية والدعوية ممارسة العمل السياسى. صحيح هناك من يتصور واهما أنه يمكن القضاء على تيار أو فكرة بالحظر أو المواجهة الأمنية، والواقع أن فى مصر قوى وبنى اجتماعية كثيرة محافظة، وأن تيار الإسلام السياسى كان أحد تعبيراتها، والتحدى هو كيف يترجم هذا التعبير فى أحزاب سياسية مدنية وديمقراطية وليس «إخوانية»، وهو تحدٍ واجهه كثير من المجتمعات، ونجح بعضها فى ذلك مثل تركيا والمغرب، وربما تونس، وفشل بعضها الآخر كمصر والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها. ومن هنا فإن الحل ليس فى كيفية ابتكار الوسائل الأمنية والقانونية لحظر التيار الإسلامى الذى يمتلك قاعدة اجتماعية مؤكدة، إنما فى إبداع وسائل سياسية وقانونية تفرض على هذا التيار مثل غيره احترام الدستور والقانون. مصر تحتاج إلى تجربة نجاح فى بناء تيار إسلامى مدنى وديمقراطى بعد إخفاق الإخوان، فهناك تيارات شبابية كثيرة مخلصة خرجت من الجماعة وأسست أحزابا سياسية مدنية، وأخرى تنتمى فكريا للمشروع الإسلامى، ولم يكن لمعظم أعضائها أى علاقة بالإخوان، وجميعهم أمامه فرصة حقيقية لبناء بديل مدنى ديمقراطى لتجربة الإخوان الفاشلة، يخضع لسلطة الدولة الوطنية ويحترم الدستور والقانون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحظر ليس حلاً الحظر ليس حلاً



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib