طاقة الهدم

طاقة الهدم

المغرب اليوم -

طاقة الهدم

عمرو الشوبكي

المجتمع المصرى يعرف طاقة خاصة للهدم، ليس فقط فى مواجهة الأشخاص، إنما فى كثير من الأحيان فى مواجهة الجديد مهما كان، سواء كان تقدميا أو رجعيا، فالمهم هو البقاء فى المكان وإلا سوف تخرج طاقة الهدم لتدمير كل شىء. لا يوجد بلد فى الدنيا يتبارى فيه البعض للذهاب للمحاكم لإفشال قانون لا يضرهم فى شىء، ولا يضر الصالح العام، ومع ذلك يكتشفون فى داخلهم طاقة هائلة للهدم هدفها الوحيد التخلص من جديد تحرك فى الماء الراكد. صحيح أن البعض يتحدث عن الآثار الجانبية لثورة 25 يناير وطاقة الهدم التى استمرت بعد سقوط مبارك، فأصابت المؤسسات دون أن تصلحها، وأصابت المجتمع دون أن تساعده على التقدم، إلا أن هذا لا ينفى أننا كنا ومازلنا مجتمعا من أكثر المجتمعات امتلاكا لطاقة الهدم من قبل ثورة يناير فى العالم، يتبارى أفراده فى رفع قضايا على بعضهم فى أمور لا علاقة لهم بهم، وهو أمر إذا قورن بأى بلد فى العالم، نامٍ أو متقدم، سيؤكد لك تفرد مصر الاستثنائى فى هذه الظاهرة. والسؤال: هل شاهدت جارا لك يشتم جاره الثانى لمجرد أنه حقق نجاحا بعيدا تماما عنه، رغم أنه لم يأت على حسابه؟ الإجابة نعم بالتأكيد، وهى أمور تجدها بين زملاء العمل ورفاق النضال وأخوة الجهاد، وخطورة هذا المشهد الفردى أنه ينعكس على طريقة عمل بناء المؤسسات، فداخل كل حزب وداخل كل مؤسسة مدنية هناك حالة من الانفلات والاستباحة، فالمدير أو الرئيس يقضى معظم وقته فى التواؤم أو مواجهة طاقة الهدم داخل مؤسسته، فلا يوجد حزب سياسى قادر على أن يستوعب أجنحة وتيارات مختلفة داخله، فهناك خطط المدير أو الرئيس أو المسؤول الحزبى، وهناك خطط إسقاط الجميع حتى لو كان الثمن هو هدم الحزب نفسه أو تطفيش من دخلوا لممارسة عمل سياسى وليس مؤامرات حزبية، فطاقة الهدم داخل الأحزاب والتيارات السياسية كبيرة. فكثير من الناس يقضون معظم وقتهم للتخطيط لاستبعاد س أو ص دون أن يستثمروا ربع هذا الوقت فى بناء بديل للشخص الذى يهدفون إلى استبعاده. والحقيقة أن هذا الوضع عمق من حالة التجريف التى تعانى منها مصر، فالصراع أصبح ليس بين قوى وأطراف تبنى مشاريع سياسية، وتستثمر فى أفرادها بغرض التنافس على السلطة وتداولها، إنما فى وجود من يمتلك مهارة القفز على السلطة دون أن يمتلك بالضرورة المهارات الكافية، وبين من يناضل صباحا ومساء من أجل إسقاط من وصل للسلطة، سواء داخل حزبه أو مؤسسته. وكلا الطرفين قضيا أوقاتهما للتخطيط للهدف السامى: الوصول للقيادة وإسقاط القيادة، دون أن يقضيا وقتا يذكر فى التدريب والبناء. طاقة الهدم فى المؤسسات الحكومية مرعبة أيضا، ولا أحد يتكلم فى التطوير وزيادة الإنتاج، فإما زيادة الأجور دون عمل أو إضراب دون هدف، أما حديث الصالح العام والمنافسة، وحتى الصراع على أرضية البناء وصناعة البديل الأكفأ، فكلها أمور مؤجلة لمرحلة أخرى لأن طاقة الهدم أكبر بكثير من طاقة البناء فى مصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طاقة الهدم طاقة الهدم



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib