كيف تراجعنا

كيف تراجعنا؟

المغرب اليوم -

كيف تراجعنا

عمرو الشوبكي

حين تستمر مواجهتنا لأمريكا وإسرائيل بالهتاف والشجب والرفض، وحين يستمر الفشل العربى منذ الغزو الأمريكى للعراق فى 2003 حتى الآن فى وقف أى عدوان خارجى، تصبح أمامنا مشكلة حقيقية فى طبيعة النظم العربية الحاكمة. إن الضربة الأمريكية المرفوضة على سوريا تعكس فشلا كبيرا يتحمله النظام الحاكم فى سوريا، وفشلا آخر تتحمله العناصر الجهادية التى صُدرت إلى سوريا، وأن الحل لن يكون بالدفاع عن بشار ولا الترحيب بالضربة، إنما على الأقل فى معرفة كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من الاستباحة، وكيف حولت نظم مثل صدام حسين ومعمر القذافى وبشار الأسد بلادها إلى طريق لدخول القوى الخارجية وهدم ما تبقى من الدول الوطنية. لقد عرف العالم العربى طوال العقود السابقة تقسيما وهميا بين نظم ممانعة فاشلة ونظم معتدلة فاشلة، أيضا صحيح أن جرائم نظام مبارك لا يمكن مقارنتها بجرائم النظم التى رفعت شعارات الممانعة ومارست قتلا وتهجيرا فى شعوبها دون أن تطلق طلقة واحدة على إسرائيل، إلا أنه من المؤكد أن مفهومى الاعتدال والممانعة يحتاجان إلى مراجعة، لأنه لا نظم الاعتدال حملت الديمقراطية والتنمية لشعوبها، ولا نظم الممانعة قاومت حقا إسرائيل. وعاش العالم العربى على مدار ما يقرب من 35 عاما فى ثنائية وهمية، بدأت بالحديث عن محور الاعتدال والواقعية الساداتى فى مواجهة محور الصمود والتصدى، الذى سُمى بعد ذلك «محور الممانعة». والمؤكد أن مشكلة الأداء المصرى طوال تلك الفترة، خاصة أثناء مبارك، ليست فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أى نظام عربى منذ مبادرة السادات إلى القدس عام 1977)، ولا فى تبنيه خيارات عسكرية لم يفكر فيها نظام بشار الأسد، الذى حول جيشه لأداه لقتل شعبه وليس الحرب ضد إسرائيل، إنما فى تعثره فى الاستفادة السياسية والاقتصادية من السلام الذى وقعه مع إسرائيل فى بناء نموذج تنموى حقيقى للنهضة والتقدم. ولم تفلح دعوات دول الاعتدال العربى لضبط النفس فى منع إسرائيل من أن تتراجع، ولو مرة واحدة، عن قرارها «بعدم ضبط النفس»، ولا رفض العدوان وشجبه منع أمريكا من تكراره فى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا. ولعل ثورات الربيع العربى كشفت أزمة كلا الطرفين، فلا المعتدلون أصبحوا معتدلين حقيقيين وحققوا التنمية والديمقراطية لشعوبهم وأثروا إقليميا ودوليا، كما كان يُنتظر منهم، ولا المتشددون حاربوا إسرائيل على سبيل السهو والخطأ منذ حرب 1973. من المؤكد أنه بعد 34 عاما على كامب ديفيد، وبعد عامين على انطلاق الثورات العربية، وبعد فشل حكم الإخوان فى مصر.. اتضح مرة أخرى أن أزمتنا فى بناء نموذج وطنى جديد لا يدافع عن نظام بشار ولا مبارك، ويبنى عالما عربيا «مصنوعا محليا»، رغم انفتاحه وتأثره بالخارج، إنما لا يكون مصنعا فى الخارج ويستورد حكامه مع البوارج الأمريكية كما يريد إخوان مصر، ولا يتصور أيضا أنه قادر على أن يستمر فى قتل شعبه دون عقاب مثل نظام سوريا. نعم.. العالم العربى فى حاجة إلى بناء نظم سياسية تبنى نموذجا ديمقراطيا وتنمويا حقيقيا، ومن داخل مبادئ الديمقراطية ودولة القانون يمكن أن يكون هناك إصلاحيون ومحافظون، ومعتدلون ومتشددون، وإسلاميون وليبراليون، يديرون خلافاتهم على أسس ديمقراطية، ومن خلال الدفاع عن مصالح الشعب، ودون أن يكون لهم أى علاقة بتجارب الفشل السابقة. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تراجعنا كيف تراجعنا



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib