عمرو الشوبكي
لماذا يصر الإخوان، دون غيرهم من القوى السياسية، على اعتبار أنفسهم ضحايا الظلم والاضطهاد، وهم فى ذلك على استعداد للكذب والتحريض ضد الجميع، وإبداء كراهية غير مسبوقة ضد الدولة والجيش، تذكرك بكراهية الإسرائيليين له عشية انتصار أكتوبر 1973.
فتظاهرات الإخوان الفاشلة، الجمعة، جاءت بعد أسبوع من التحريض والبكاء والعويل ضد كل ما فى هذا البلد، وارتداء ثوب الضحية الذى لا يتغير منذ عقود.
فقد دعت جماعة الإخوان المسلمين، فى رسالتها الأسبوعية يوم الخميس الماضى، جموع «الأمة» للنزول إلى الشوارع «لتحرير البلاد من استبداد الانقلاب العسكرى الدموى»، وطالبت من سمتهم «الشرفاء من ضباط وجنود الجيش والشرطة» بعصيان أوامر قادتهم، لأنه «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق».
واستهلت الجماعة رسالتها بالقول إن «ما يفعله الانقلابيون الآن فى مصر هو مثل ما ذكره القرآن عن أكابر المجرمين، الذين يخدعون الجماهير للسيطرة عليهم، ويستخدمون أقصى وأقسى درجاتِ القَسْوة والطَّيْش لفرض استبدادهم»، وأشارت إلى أن «ما يشجع الانقلابيين على الفساد هو اغترارُهم بقوتِهم وأجهزتِهم الأمنيَّةِ، التى هى ملك الشعب أصلا، لكنهم استغلوا طبيعتها المنضبطة عسكرياً فى إرهاب الشعب وتخويف الأحرار، وقد أضافوا إليها جهازاً آخر غير رسمى هو جهاز البلطجية، الذين صنعوهم على أعينهم ورعوهم بأنفسهم ليروّعوا الآمنين، وبذلك تحول الشعب، فى نظر الانقلابيين الطغاة، إلى عدو».
وأضافت أن «ما يشجع الانقلابيين على الاستبداد أيضا هو استصحابُ بطانة من المنافقين من بعض الإعلاميين وعلماء الدين الذين يستخفونهم، فيلوون الحقائق، وينشرون الافتراءات والأباطيل، ويلوثون سمعة الشرفاء من الخصوم الأحرار، ويقدمون الفتاوى الدينية الباطلة التى تُزَيِّن للمستبد الطغيانَ والإفساد، وتبرر له سفك الدماء وانتهاك الحرمات، وحين يقوم الحاكم المستبدُّ بإذلال الشعب، واغتصاب إرادة الأمة، وقتل آلاف المعتصمين السلميين بدم بارد وبشاعة غير مسبوقة، وعذَّب المعتقلين وقتلهم، ومثَّل بجثث الشهداء، وقتل الجنود الأبرياء ليغطى على جرائمه، واعتبر محاربة الأشراف الأحرار من بنى وطنه قضية أمن قومى فى الوقت الذى أطلق فيه يد أعداء الأمة الصهاينة تعبث فى سيناء وتقتل دون رد ولا استنكار».
هكذا يكتب الإخوان بياناتهم ورسائلهم بصورة ليست فقط مليئة بالأكاذيب والافتراءات، إنما أيضا تكرر ما تفعله منذ تأسيسها عام 1928 فى ارتداء ثوب الضحية التى يتآمر عليها الجميع حتى يمكنها الاستمرار والبقاء، فالمتظاهرون السلميون لم يكن بينهم عشرات الإرهابيين المسلحين، وأن ما جرى فى 3 يوليو كان مجرد انقلاب دموى، ولم تكن هناك انتفاضة شعبية واسعة شارك فيها ملايين الناس، إنما كانت هناك مجموعة من البلطجية والفلول.
خطاب الضحية يجعل الإخوان غير قادرين على مراجعة خطاياهم، ويجعلهم يشيطنون خصومهم، فالجيش الوطنى يتحول لعدو يقتل جنوده ولا يشعر الإخوان بأى غضاضة حين يطالبون الجنود وصغار الضباط بالتمرد وعدم طاعة الأوامر، ليحولوا جيش الدولة الوطنى إلى ميليشيات كما يتمنون.
نعم لقد همش مبارك الإخوان وكل القوى السياسية، ولكن مشاكل الإخوان لم تكن فقط مع مبارك، إنما كانت أيضا مع السادات وعبدالناصر وحزب الوفد والملك، ومارسوا العنف فى العهدين الملكى والناصرى، ولم يعتذروا أو يعترفوا بخطايا التنظيم الخاص، إنما اعتبروها جهاداً وتقرباً فى سبيل الله.
لا أمل فى أن يعود شباب الإخوان إلى الجماعة الوطنية، إلا إذا اعترفوا بهذه الأخطاء والجرائم التى حدثت فى أكثر من مرحلة، ونسوا قليلاً خطاب الضحية والمحنة والبلاء الذى يرددونه كل يوم.
نقلاً عن "المصري اليوم"