بورسعيد العودة للوراء

بورسعيد: العودة للوراء

المغرب اليوم -

بورسعيد العودة للوراء

عمرو الشوبكي

عاد الجيش مرة أخرى للظهور فى المدن المصرية، وحمل الناس قائد المنطقة العسكرية فى بورسعيد على الأعناق، وهتفوا للجنود والضباط بالشعار الدائم «الجيش والشعب إيد واحدة»، وعاد الجيش ليؤمن المناطق الحيوية ويطفئ الحرائق فى اتحاد الكرة وغيره كما هو متوقع فى أماكن أخرى. سعادة الأهالى بالجيش ليست جديدة وهى جزء من حالة عامة فى المجتمع المصرى، الذى يحب جيشه ويحترمه ويقدر دوره على مر العصور والأزمنة، ولكن هذا لم يمنع من أن يرتكب الجيش أخطاء كان أقساها ما قام به المجلس العسكرى طوال المرحلة الانتقالية وساهمت فيما وصلنا إليه الآن. إن هتافات أهالى بورسعيد تذكرنا بهتافات أهالى القاهرة والإسكندرية وباقى المدن المصرية بعد 28 يناير 2011 وعقب انهيار الشرطة واقتحام الأقسام، فـ«الجيش والشعب إيد واحدة» كان هتاف الملايين فى البداية، «ويسقط حكم العسكر» كان هتاف البعض فى النهاية، والخوف أن يتكرر نفس المشهد مرة أخرى فى بورسعيد، ويتورط الجيش فى أمور ليس مسؤولاً عنها، حتى لو حمل الناس قائد المنطقة العسكرية على الأعناق، فهو أمر لا يمكن قبوله، لأنه ليس زعيماً سياسياً ولا حزبياً ولا ناشطاً، وأن الآلاف الذين هتفوا له يمكن فى أى لحظة أن ينقلبوا عليه إذا دخل أى مسجل خطر أو خارج على القانون إلى المناطق التى يؤمنها الجيش وسقط مصاباً أو قتيلاً. توريط الجيش أمر تكرر فى الماضى، وقد يتكرر فى المستقبل إذا تعامل البعض مخطئاً مع الجيش المصرى على أنه شركة أمن وليس آخر مؤسسة محترمة ومنضبطة داخل الدولة المصرية، بعد أن شارفت الداخلية على الانهيار، وسيعرف من أرادوا أخونتها أو إسقاطها الثمن الذى ستدفعه مصر إذا تفككت الداخلية وانتشرت الميليشيات، وتحول البلد إلى ساحة حرب. دخول الجيش فى هذا الوقت إلى بورسعيد دون غطاء سياسى والعودة إلى ما كنا عليه فى 28 يناير سيورط الجيش مرة أخرى فى أمور ليست من مهامه، ولست من المتفائلين بأن تستمر حالة الوئام ومشاعر الحب بين الجيش والشعب فى بورسعيد إلى ما لا نهاية، فبورسعيد مثل أى مدينة مصرية لا يمكن أن تعيش دون شرطة، ولا يجب أن يفرح أحد بخروجها أو «جلائها»، كما تطرف البعض فى وصفه لانسحاب الشرطة من بورسعيد. لن يستطيع الجيش القيام بدور رجال البحث الجنائى وباقى المهام الشرطية فى أى مدينة، واحتياجات الناس فى الأمن والسكينة، صحيح أن الشرطة ضعيفة ولا تعمل أجهزتها بالصورة المطلوبة، ونعم أيضاً أيادى الشرطة مرتعشة ولم تبذل السلطة السياسية أى جهد لإصلاح أحوالها وحل مشاكلها ومواجهة انحرافات البعض فيها، إلا أن ذلك لا يجب أن ينسينا، تحت نشوة استقبال الأهالى الحافل للجيش، أن غياب الشرطة وعودة الجيش تعد خطوة للوراء وليس للأمام، وأخشى أن يدفع ثمنها أهل بورسعيد والجيش معاً. مطلوب موقف حاسم من قضية إصلاح الشرطة وتحديد مهامها الأمنية وحقها فى الدفاع الشرعى عن مؤسسات الدولة وعن المنشآت العامة والخاصة وقبلها المواطن العادى، الذى يدفع كل يوم من حياته وأمنه ثمن غيابها وضعفها، وللأسف لا يصل صوته للإعلام، لأنه لم يحصل على لقب ناشط أو ثائر بعد. لا تعتبروا نزول الجيش لبورسعيد حلاً، إنما هو تسكين لقنابل موقوتة قاربت على الانفجار. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بورسعيد العودة للوراء بورسعيد العودة للوراء



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib