وإذا انهارت الداخلية

وإذا انهارت الداخلية

المغرب اليوم -

وإذا انهارت الداخلية

عمرو الشوبكي

ما جرى فى بنى سويف، السبت، أثناء تشييع جنازة الضابط الشهيد هشام طعيمة يدل على خروج بعض أفراد الشرطة عن حيز السيطرة والالتزام المهنى والوظيفى، وانتقالهم من هيئة مدنية نظامية إلى مجموعات ينفذ كل منها قانونه الخاص، فى ظل تواطؤ كامل من الجميع، وخاصة من فى الحكم. مشهد بنى سويف يقول إن هناك بلطجياً أطلق الرصاص على أحد ضباط الشرطة الشرفاء حين كان يقوم بواجبه بفض مشاجرة فأرداه قتيلاً، وتفجرت مشاعر غضب هائلة، وقام بعض رجال الداخلية بإحضار المتهم من قسم الشرطة على عربة نصف نقل وأوسعوه ضرباً وركلاً مع عدد من المشيعين، حتى تناقلت بعض الصحف خبر موته، ولكنه نقل إلى المستشفى حتى جاء أهله وعشيرته وهربوه من المستشفى، ولا يعرف أحد مصيره حتى الآن. المؤكد أن مشاعر الغضب والإحباط التى أصابت الشرفاء من أبناء وزارة الداخلية نتيجة حالة الاستباحة السائدة، والتى أصبح فيها التعدى على رجال الشرطة مثار فخر البعض، بعد أن غابت دولة القانون، لا تبرر بأى حال ما جرى فى بنى سويف من انتقام خارج إطار القانون على يد مؤسسة وظيفتها تطبيق القانون، وهو أمر فى غاية الخطورة، لم يهتم به أحد، لا الرئاسة الغائبة ولا الجماعة المشغولة بالهيمنة والسيطرة. فى الوقت نفسه كان الوزير الجديد الضعيف، الذى جاء مكان الوزير المهنى أحمد جمال الدين، يخضع لضغوط بعض أفراد وأمناء الشرطة ويقبل تسليحهم، بعد أن سقط منهم عشرات الضحايا على مدار الأشهر الماضية. والحقيقة أن موضوع تسليح الشرطة أمر مقبول من حيث المبدأ، ولكن فى ظل شرطة مهنية تمارس عملها بانضباط ولا يقوم بعض أفرادها بالانتقام العشوائى، ولا يعتدون على أحد مديرى الأمن، مثلما جرى فى الشرقية، ولا يمنعون رؤساءهم ومديريهم من الدخول لمكاتبهم، لأنهم غير راضين عنهم ويتحججون بأنهم فاسدون. نعم، الشرطة تتعرض لاعتداءات يومية، وهناك تجاوزات ترتكبها وأخرى تتعرض لها، وإن بعض مشاهد الاعتداء المستمر على الأقسام ومديريات الأمن لا يمكن أن نشاهدها فى أى بلد ديمقراطى فى العالم، وتلك الحرب الثأرية التى يفجرها البعض ضد كل العاملين فى وزارة الداخلية جعلت كثيراً من أفرادها يشعرون بالغبن، وكثيراً من المواطنين يتهمونها بالضعف والوهن واليد المرتعشة، وأصبح تسليح أمناء وأفراد الشرطة فى ظل هذا الانقسام أمراً فى غاية الخطورة، لأنه قد يفتح الباب أمام تعميم ثقافة الانتقام العشوائى، وتلك ستكون بداية النهاية لثانى أهم وزارة سيادية. المجتمع فى علاقته بوزارة الداخلية منقسم بين عدة توجهات، ضاع بينها المواطن العادى، فهناك العلاقة الثأرية بين بعض النشطاء والوزارة، خاصة مع تكرار حوادث التعذيب والاعتقال لعدد من النشطاء، وهناك رأى آخر بين قطاع غالب من المصريين يعانى من غياب الأمن وغياب الشرطة وانتشار حوادث السطو المسلح والبلطجة ويتهم الشرطة بالضعف، فى حين يتهم النشطاء بالقسوة، وبين الاثنين ارتعشت يد رجال الداخلية وارتبك أداؤها، ولم يعرفوا متى يستخدمون القوة والحزم فى مواجهة الخارجين عن القانون. فى ظل هذا المناخ، وفى ظل الفوضى والانتقام العشوائى، هل يمكن قبول قرار الوزير بتوزيع 100 ألف طبنجة على أفراد وأمناء الشرطة واعتباره قراراً سليماً؟ لا أعتقد ذلك، لأن الخطوة الأولى التى يجب أن تسبق هذا القرار ستبدأ بعدم إقحام الوزارة كطرف فى الصراع السياسى، وأن وجود السلاح فى يد أفراد الشرطة، فى ظل غياب غطاء سياسى داعم لشرطة فى خدمة الشعب وتنفذ القانون، سيحول مصر إلى جمهورية ميليشيات جديدة، وهذا خطر لا يجب أن يتصور البعض أنه من السهل السيطرة عليه. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وإذا انهارت الداخلية وإذا انهارت الداخلية



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib