فن الاستعداء

فن الاستعداء

المغرب اليوم -

فن الاستعداء

عمرو الشوبكي

الحركات السياسية الفاعلة تبذل قصارى جهدها من أجل أن تكسب حلفاء وأصدقاء لها بطرق مختلفة، حتى وسط مخالفيها فى الرأى والتوجه، على عكس الكثيرين فى مصر، الذين تفننوا فى أن يعادوا من يمكن أن يكونوا أصدقاءهم أو متعاطفين معهم، وهو أمر من الصعب أن نجده فى أى تجربة سياسية ناجحة فى العالم. فالمؤكد أن فى مصر تكتلين رئيسيين: أحدهما تمثله جماعة الإخوان المسلمين، والثانى تمثله قوى المعارضة المدنية، وهناك أطراف ثالثة فى المنتصف، مثل حزب النور وبعض الشخصيات المستقلة التى تحاول أن تضع لنفسها موقعاً خاصاً خارج الاستقطاب الحالى. والحقيقة أن «فن الاستعداء» عرفه الإخوان بعد وصولهم للسلطة ومعهم تيار من القوى المدنية المعارضة، فالأول لم ير إلا جماعته وعشيرته، فاستقال بعد 3 أشهر معظم مستشارى الرئيس من خارج الإخوان، بعد أن شعروا بأن القرارات الرئيسية تعد خارج مؤسسة الرئاسة، وأن الجماعة تتحرك لصالح أعضائها ومن أجل مصالحها، وأن كل من يقف خارجها، سواء كان عضواً فى حزب النور أو جبهة الإنقاذ أو حتى مواطناً عادياً يشعر ليس فقط بالتهميش، إنما بأنه شخص غير مرغوب به ولا يستمع له أحد، لأنه خارج الجماعة. المؤكد أن الإخوان نجحوا فى بناء جماعة متماسكة تنظيمياً وتدير خلافاتها الداخلية بشكل أفضل من باقى القوى السياسية الأخرى، وتهتم بولاء أعضائها، حتى لو كان على حساب الشعب المصرى، ولكنها نجحت فى استفزاز مشاعر الغضب لدى قطاع واسع من المصريين، لأنهم رأوها لا تتحرك إلا لمصالحها الضيقة، وأن قادتها ومحافظيها ووزراءها لا يتعاملون إلا مع موظفين من بنى جلدتهم: إخوان، ولا يأتون بمسؤول إلا إخوان، وينظرون للمجتمع وكأنه من «الأغيار»، لأنه لم يسعده الحظ ويصبح عضواً فى جماعة الإخوان. أما القوى المدنية المعارضة فرغم الحصار السياسى وحملات التشويه التى تنهال عليها وأيضا الأخطاء التى تقع فيها، فإن البعض تفنن أيضاً فى تكريس الاستعداء بين تياراتها المختلفة من جهة، وبينها وبين الشارع من جهة أخرى، تجعل كل منها فى عزلة عن بعضه البعض، فهناك من شنت عليهم حملة هوجاء لأنهم ذهبوا للأزهر الشريف، ووقعوا على وثيقة نبذ العنف، وكأن افراد قوات الأمن، الذين واجهوا الشباب الذين ألقوا قنابل المولوتوف على قصر الاتحادية، كانوا ينتظرون وثيقة الأزهر لكى يواجهوا المتظاهرين، التى اعتبرها البعض أعطت غطاء سياسياً لقمع الشرطة، وهاجموا بشراسة الموقعين على الوثيقة بدلاً من أن يبحثوا فى أسباب العنف ويحملوا من فى الحكم المسؤولية الأولى عن تصاعده. القوى المدنية مازالت عاجزة عن أن تستفيد من التباينات الصحية الموجودة داخلها، وبدلاً من أن تصبح مادة للتكامل والثراء تتحول إلى مادة للمزايدة والإنهاك الداخلى الذى يشوه من صورة المعارضة فى الشارع. القوى الحية هى التى تساهم فعلاً فى بناء مستقبل أوطانها بامتلاك فن صناعة الأصدقاء والحلفاء، وليس الأعداء والخصومات المجانية، فبالتأكيد هناك خصوم لكل تيار سياسى، وهذا واضح فى حالة الإخوان، الذين نجحوا فى أن يكتلوا تقريباً الجميع ضدهم، أما فى التيارات المدنية فمشكلتها الأساسية ليست فى خصومها، إنما فى أدائها، فالبعض يتفنن فى الدخول فى معارك يستوى فيها النصر والهزيمة، ويحول أصدقاء أو متعاطفين إلى خصوم وأعداء، وهذا ما يجب التخلص منه قبل فوات الأوان. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فن الاستعداء فن الاستعداء



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib