متى تتواضع الجماعة

متى تتواضع الجماعة؟

المغرب اليوم -

متى تتواضع الجماعة

عمرو الشوبكي

هل ستعترف الجماعة بأنها على الأقل لم تنجح فى حل مشكلة واحدة من مشكلات المجتمع المصرى، وأنها لا تمتلك الرؤية ولا القدرة على حلها ولو بشكل متدرج؟ الإجابة: مازالت بعيدة عن التواضع والاعتراف بأى خطأ، فهم يرون أن النظام السابق ترك مصائب تصعب من مهمة أى نظام جديد على إصلاح البلد فى فترة محدودة، وهو أمر صحيح بالتأكيد، ولكن للأسف الموضوع لا يحسب بهذه الطريقة، فمهما كانت مسؤولية النظام القديم المؤكدة عن الكارثة التى تعيشها مصر الآن، فإن هناك مسارات تجاهلها الإخوان بصورة كاملة، وفعلوا عكس ما تقوله تجارب النجاح، وأصروا على أن يسلكوا الطريق الذى سيقضى على أول محاولة جادة فى مصر لبناء تيار إسلامى ديمقراطى قادر على وضع أساس لحكم ديمقراطى رشيد قائم على تداول السلطة. وإذا كان من المؤكد أن معضلة الوضع الحالى لا يتحملها فقط الإخوان، إنما تتحمل القوى المدنية ربما نصيباً مساوياً من التخبط والمراهقة، وسوء الأداء طوال الفترة الانتقالية، ولكن الفارق الأبرز بين الاثنين أن الإخوان هم الذين اختاروا أن يتقدموا الصفوف، ويحكموا البلاد على عكس كل وعودهم السابقة، وهو أمر كان محفوفاً بالمخاطر، نظراً لصعوبة تكيف الجماعة والدولة والمجتمع على هذا التحول من جماعة خارج الشرعية ومستبعدة جزئيا أو كليا من الحياة العامة والسياسية (1954: 2011)، إلى جماعة تحكم وتهيمن فى أقل من عام، دون المرور بأى مرحلة انتقالية. ويبدو أن تصور الجماعة بأن نجاحها المؤكد فى بناء تنظيم قوى وآلة انتخابية كفء يكفى لإدارة الدولة ومؤسساتها فى بلد بحجم مصر، واعتبار خبرتها فى التفاعل مع المجتمع والنقابات والبرلمان كتيارات معارضة هى نفسها خبرتها فى إدارة الدولة، كما أن مهارات الهروب من الأجهزة الأمنية وقوة العزيمة والصبر أثناء فترات الاعتقال ليست هى المهارات المطلوبة لإدارة البلاد، وتقديم رؤى إصلاحية حقيقية للتعامل مع مؤسساتها. فلأول مرة فى تاريخ أى تجربة ديمقراطية يفوز مرشح جماعة غير مرخصة قانونا فى انتخابات رئاسة، وتتعامل مع قوانين الدولة التى ترأسها باعتبارها فى وضع أدنى من قوانين الجماعة، التى وضعتها فوق قوانين الدولة وأجهزتها الرقابية بالإصرار على أن تصبح محظورة بمحض إرادتها لا بفعل النظام. والحقيقة أن حكم الإخوان فى بعض بلاد الربيع العربى مثل فرصة تاريخية لم تتح لتجارب إسلامية أو قومية سابقة، وهو أن وصولهم للسلطة جاء عبر صندوق الانتخاب، وليس عبر انقلاب عسكرى أو ثورة أسقطت النظام والدولة معاً، إنما ثورة حديثة طالبت بالديمقراطية والعدالة. للأسف الشديد الإخوان الذين وصلوا بالصندوق وبآليات الديمقراطية أرادوا التنكر لهذه الآليات، فالقضاء المحترم الذى أشرف على انتخاب مرسى رئيساً تحول إلى «فلول» وجزء من النظام القديم إذا أصدر حكماً لا يرضى عنه الإخوان، وإصلاح الداخلية يعنى فقط حماية مقار الإخوان، وعدم محاسبة من اعتدوا على مقر الوفد. رسالة الجماعة للمجتمع والدولة أننا لا نهدف لإصلاح أى شىء فكل المؤسسات تدار بنفس الطريقة القديمة، لأن الهدف هو السيطرة عليها لا إصلاحها، وجلب الموالين وليس الأكفاء، فهل سيعترف «إخوان الحكم» بهذا الواقع على أمل إصلاحه قبل فوات الأوان؟ لا يبدو أن هناك مؤشرات على ذلك. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تتواضع الجماعة متى تتواضع الجماعة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib