الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 23

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة (2-3)

المغرب اليوم -

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 23

عمرو الشوبكي

هل الدولة العميقة عدو يجب محاربته، أم هى مؤسسات يجب إصلاحها؟ الإجابة بالتأكيد هى الثانية، وهل الدولة العميقة فى مصر مقاتلة وعقائدية مثل نظيرتها التركية لديها مشروع أيديولوجى تدافع عنه جنباً إلى جنب مع مصالحها، أم هى دولة مترهلة قادرة على العرقلة أكثر من التآمر؟ أعتقد أيضا أنها الثانية. الدولة العميقة فى مصر هى أساساً مؤسسات تحتاج إلى إصلاح، وهى ليست عقائدية مثل تركيا كما أنها فى وضع ضعيف لا يسمح لها «بالتآمر المؤسسى»، لأنها أديرت فى عهد مبارك بمنطق العزب المملوكية وليس المؤسسات المتماسكة القوية مثل تركيا ومصر فى عهد عبدالناصر. ولذا يمكن أن نتهم ضباطاً سابقين بالتآمر مثلهم مثل بعض القيادات السابقة فى الحزب الوطنى، ولكنى أشك كثيراً فى ظل حالة الترهل الحالية أن تقوم مؤسسة بالتآمر على حكم الإخوان، إنما قد تتحايل على توجيهاتهم ولا ترتاح لهم وترتاب فيهم وتعرقل مشاريعهم بالسلبية المعتادة وليس بالتآمر. والحقيقة أن الدولة العميقة فى طبعتها المصرية لم تكن منذ العهد الملكى والعهود الجمهورية ذات رسالة عقائدية إنما فيها من الوسطية المصرية الكثير، أما على المستوى الإدارى فكانت بالتأكيد أقل كفاءة من نظيرتها التركية وعرفت فى عهد مبارك أكبر تدهور فى تاريخها منذ محمد على، فقد تراجع أداؤها حتى وصل للانهيار الكامل فى بعض المجالات، وتراجعت هيبتها وعانت من الفوضى والترهل وسوء الأداء، ومع ذلك ظلت حائط صد ليس من السهل تجاوزه أو هدمه. والحقيقة أن مشاهد الترهل والفوضى والعشوائية وغياب القواعد المؤسسية عن أجهزة الدولة فى مصر امتد حتى وصل إلى وزارة الداخلية، الذين حاصر أفرادها مكتب مدير أمن الشرقية حتى سقط مغشياً عليه لأن الوزير السابق الذى لم يرض عنه الإخوان وأنصار حازم أبوإسماعيل عاقب 5 منهم، وهو مشهد يستحيل أن نجده فى أى دولة مؤسسات بالمعنى التركى أو المصرى قبل مبارك، وقس على ذلك مظاهر كثيرة نراها الآن فيها خلط فادح بين الثورة والفوضى. الدولة فى مصر كانت مهددة بشكل حقيقى بسبب نظام مبارك ومراهقة البعض فى التعامل مع مؤسساتها أثناء رحلة البحث عن «الجيش الثورى» طوال المرحلة الانتقالية، والذى يفكرنا بجيش القذافى الذى انقسم بعد أسبوعين من اندلاع الثورة الليبية، وأن السؤال المصرى لم يكن مثل تركيا لأن الأخيرة لم يطرح عليها تحدى سقوط الدولة، فى حين أن السؤال المصرى كان سؤال بقاء الدولة أم سقوطها. والحقيقة أن نظرية تآمر الدولة العميقة أو الخفية على الإخوان يصعب قبولها فى السياق المصرى، لأن البعض قد نسى أو تناسى أنه بفضل الجانب المهنى فى هذه الدولة ـ وتحديدا مهنية وانضباط الجيش المصرى، وبصرف النظر عن سوء أدائه فى المرحلة الانتقالية ـ حُميت مصر من أخطار كبرى، وكان من المستحيل بدونه أن نرى رئيساً إخوانياً منتخباً ومعارضين ومحتجين إنما كنا سنرى بلداً يعيش فى فوضى عارمة ويسقط فيه مئات الآلاف من الضحايا، وهو ما يبدو أن هناك إصراراً من قبل البعض على أن نشهده بأى ثمن. الدولة العميقة بوجهها المؤسسى يجب إصلاحها، من قضاء إلى أجهزة أمن، ومن مؤسسة عسكرية مروراً بإعلام حكومى وجهاز إدارى، وهذا أمر يختلف تماما عن اختزال هذه الدولة فى مواجهتها للإخوان، لأن السؤال الذى يُطرح: هل قدم الإخوان فعلاً مشروعاً إصلاحياً لهذه الدولة أم خطة للسيطرة والاحتكار؟ هذا هو سر علاقتهم المرتبكة مع الدولة والمجتمع، وهذا ما سنحاول الإجابة عنه غدا إن شاء الله. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 23 الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 23



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib