الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 13

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة (1-3)

المغرب اليوم -

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 13

كتب الأستاذ فهمى هويدى فى 2 يناير الماضى فى صحيفة الشروق مقالاً بعنوان «رسائل الدولة العميقة»، تحدث فيه عن مشكلة الدولة العميقة فى تركيا ومصر، بطريقة تؤدى فى حال إسقاطها على الحالة المصرية إلى تبرئة ساحة طرف وإدانة آخر. والمؤكد أن الأستاذ هويدى من الكتاب الذين دافعوا عن قناعتهم فى زمن مبارك كإسلامى، حين كان النظام يطارد الإسلاميين ويصف الإخوان بالجماعة المحظورة، وظل على مواقفه بعد الثورة حتى وصل الإسلاميون للسلطة، ليس بغرض التودد لمن انتقلوا من المعارضة للحكم، وإنما من أجل الدفاع عن قناعته الأصلية، فالكاتب لا يحاسب أخلاقياً ومهنياً -كما يتصور حملة الشعارات- على قناعته، إنما على استقلاليته وعدم خضوعه لحسابات أى سلطة، وما يحسب للرجل أنه كان بامتياز من النوعية الثانية التى عبرت باحترام عما تقتنع به فى كل الأزمنة والعصور وبصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف معه. والحقيقة أن الذى دفعنى للتعليق على هذا المقال بالاختلاف أنه يمثل القراءة النقيضة لما أتصوره صحيحاً بخصوص السياق المصرى «لدولتنا العميقة» وهو ما سبق أن أشرت إليه فى ثلاثة مقالات سابقة عن الدولة العميقة العام الماضى. وقد كتب الأستاذ فهمى هويدى فى مقاله: أن السيد أردوجان قد ذكر فى مقابلة صحفية نشرت فى 13/12 أنه يتعرض للتجسس من قبل «دولة خفية»، مشيراً إلى العثور على ميكروفون سرى يستخدم لأغراض التجسس فى مكتبه داخل منزله بأنقرة. واعتبر أن عملا كثيراً لايزال أمامه لتنظيف الدولة من تلك «القوة الفاسدة» التى تعمل فى الخفاء، وتتذرع بالدفاع عن العلمانية والجمهورية فى مواجهة الاتجاهات الإسلامية التى اعتبروها مهددة لمشروع مصطفى كمال أتاتورك. ولأجل ذلك تمددت فى داخل الجيش والأجهزة الأمنية وفى دوائر القضاء وأجهزة الإعلام. وأضاف: حين وقعت على القصة استحضرت شريط الوقائع المريبة التى شهدتها مصر بعد الثورة، بدءا من القناصة المجهولين الذين قتلوا المتظاهرين، مروراً بالشكوك المثارة حول دور بعض عناصر الأجهزة الأمنية فى حملة إحراق والهجوم على 26 مقراً للجماعة، وانتهاء بحملات البلبلة والترويع التى جرى الترويج لها أخيرا، والتى تحدثت مثلا عن إفلاس مصر، وطالما ظل الفاعلون مجهولين فلا غضاضة فى أن نفكر فى دور الدولة الخفية. والحقيقة أن هناك فارقاً كبيراً بين الدولة الفاسدة والدولة العميقة، وأن الدولة العميقة التركية كان لها شقان: دولة المواجهة التى حاربت الإسلاميين بصور مختلفة شرعية وغير شرعية، ودولة المؤسسات التى بفضلها وصل الإسلاميون إلى الحكم ولا يطلقون على أنفسهم «إسلاميين» كما هو معروف، وتتمثل فى عمق تقاليد المؤسسات التى بنيت منذ عهد مصطفى كمال أتاتورك وجعلت أى انتخابات تجرى فى تركيا تحافظ على شرف الصندوق» بتعبير إرشاد هولموز، مستشار رئيس الجمهورية التركية. وهذا ما جعل ثورات الأتراك كلها ثورات مؤسسية لإصلاح الدولة وبناء النظام الديمقراطى وليس هدمها أو الانتقام منها، وكانت نموذجاً ناجحاً لمعركة بالنقاط تعلم فيها أردوجان كيف يمكن أن يصلح مؤسسات الدولة باحترامها وترويضها، من خلال قواعد دولة القانون والديمقراطية وليس بالهيمنة والانتقام. إن أحد أسباب فشل تجربة الراحل أربكان فى حكم تركيا من 1995 إلى 1997 (الطبعة التركية للإخوان المسلمين) أنه دخل معركة أيديولوجية مع الدولة، مثل تلك التى تجرى فى مصر الآن، فوضع الإسلام والإسلاميين فى مواجهة العلمانية والعلمانيين، وحزبه الإسلامى فى مواجهة الدولة العميقة، فخسر المعركة، وحين حولها أردوجان إلى معركة من أجل الديمقراطية وبناء دولة القانون وضم أطياف كثيرة من المجتمع التركى ولم يعاد الدولة العميقة، لأنه يعرف أن جوانبها المؤسسية هى جزء من قوة تركيا، وبدأ بإصلاحها بشكل متدرج نجح بامتياز. أين نحن من ذلك فى مصر؟!  هذا ما سنحاول مناقشته غداً. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 13 الرسائل المعكوسة للدولة العميقة 13



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib