مَنْ أسقط دستور 71

مَنْ أسقط دستور 71؟

المغرب اليوم -

مَنْ أسقط دستور 71

عمرو الشوبكي

كثيرون اعترضوا على الدستور الجديد، ورفضوا هيمنة التيار الإسلامى على الجمعية التأسيسية، وآخرون رفضوا مواد مقلقة قد تفتح الباب أمام بعض الجماعات المتطرفة لاستغلالها فى قوانين حسبة أو قواعد جديدة تنتقص من حق المواطنة. والمفارقة أن الشكوى من الدستور الجديد جاءت من التيارات المدنية التى رفضت فى معظمها إجراء أى تعديل على دستور 71 تحت حجة أن النظام قد سقط ولابد من سقوط الدستور معه، ونسيت أن فقهاء القانون الدستورى الليبراليين هم الذين وضعوا دستور 71 الذى كان فى المجمل دستورا جيدا لم يطبق فى أرض الواقع، وقبل أن تعبث به يد «السادات» فى نهاية عهده، ويجمده «مبارك» ويحوله إلى ذكرى. إن كثيراً من البكاء والعويل على الدستور الجديد هو نتاج الفشل وسوء أداء القوى المدنية وما سمى «الائتلافات الثورية» طوال المرحلة الانتقالية، ومنها التعامل مع دستور 71، حيث ذهب البعض بوعى أو بدون وعى نحو تسليم البلاد «مقشرة» للإخوان، بتلك الحرب التى شنوها من أجل إسقاط دستور 71 وهدم ما تبقى من مؤسسات الدولة. صحيح أن غياب قيادة للثورة متوافق عليها تقود المرحلة الانتقالية بالشراكة مع المجلس العسكرى ساهم فى هذا الوضع، ودفع كثيرين إلى الاكتفاء بالاحتجاج وبتفكيك القديم حتى لو كان مرتبطاً بالدولة لا نظام مبارك، فاعتبروا إسقاط الدستور هو أسمى الأهداف حتى لو كانت مشكلته الأساسية فى التطبيق، وليست فى النص. إن هناك بلاداً مثل بولندا ـ وعشرات غيرها ـ عدلت من دستورها القديم، وأجرت فى ظله الانتخابات، إلى أن حانت الفرصة ووضعت دستوراً جديداً بعد أن ظلت تُحكم بدستور قديم معدل من 1989 حتى 1997، فى حين أن من كان له اليد العليا فى مصر هو الذى فكك دولته ودستوره وجمهوريته وخلط بين إسقاط مبارك وإسقاط الدولة. المدهش أن الاستفتاء الأول فى مارس 2011 الذى خرجت نتيجته بـ77% لصالح تعديل دستور 71 لم يُعمل به، وأخرج المجلس العسكرى إعلانا دستوريا باهتا ومرتبكا تضمن 63 مادة من بينها المواد الثمانى المعدلة ليسقط عمليا دستور 71 رغم أن الاستفتاء كان على تعديله لا إسقاطه. إن سلوك الإخوان بعد الثورة كان أشبه بلاعب احتياطى واقف خارج الملعب ويستأذن اللاعبين من التيارات المدنية أن ينزل الملعب لكى يلعب معهم جزءاً من المباراة، فقال «نعم» لدستور «71 معدل» الذى لم يشارك فى كتابته، وإنه يحترم مؤسسات الدولة وإنه سيترشح على 35% فقط من مقاعد البرلمان ولن يرشح أحداً لانتخابات الرئاسة. وحين وجد لاعبين داخل الملعب يلعبون لحسابه ـ ولو دون قصد ـ قرر النزول بثقله ولعب المباراة لحسابه فحصل على الأغلبية البرلمانية ووصل لسدة الرئاسة وبعدها نسى زملاء الملعب ونسف حمّامه القديم وتغير خطابه جذرياً. المؤكد أن الناس «لا تتعلم ببلاش»، وصحيح أن البعض لم يتعلم أى شىء حتى الآن، إلا أن الكثيرين وعوا أن الدولة المصرية بكل مشاكلها وسوء أدائها أفضل بكثير من حالة «لا دولة»، وأن المطلوب هو الدفاع عن هذه المؤسسات والعمل على إصلاحها لكى تبقى صامدة فى وجه محاولات «إخوان الحكم» للسيطرة عليها بعد أن اتضح أن هناك فارقاً هائلاً بين إصلاح المؤسسات والانتقام منها، تماما مثل الفارق بين الهدم بغرض الهدم، والهدم بهدف البناء. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَنْ أسقط دستور 71 مَنْ أسقط دستور 71



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib