لماذا الشريعة

لماذا الشريعة؟

المغرب اليوم -

لماذا الشريعة

مصر اليوم

  حشدت التيارات الإسلامية، أمس الأول، مظاهرة سلمية أمام جامعة القاهرة، شارك فيها مئات الآلاف من الأنصار والمريدين، وهو حق مشروع لكل جماعة سياسية مصرية يجب ألا ينازعها فيه أحد بالاعتراض أو الإساءة. والمؤكد أن كثيراً من المراقبين قارنوا بين جمهور التحرير وجامعة القاهرة، وبين الجمهور المدنى والإسلامى، رغم أن كلاً منهما يمثل جانباً أصيلاً من مصر، فاعتبروا الأول فى معظمه هو جمهور المدينة الذى ينتمى إلى شرائح متعددة من الطبقة الوسطى والعاملة، والثانى ينتمى فى معظمه لجمهور الريف من طبقاته الدنيا وجزء من شرائحه الوسطى الدنيا. وقد تكون هذه القراءة «الانطباعية» صحيحة، وهو أمر لا ينفى وجود جماهير من كل الطبقات للتيار الإسلامى، رغم أنه خسر الجزء الأكبر من الطبقة الوسطى، خاصة «المدينية» منها، وبدت هناك علاقة بين شعار المليونية: «الشرعية والشريعة» وطبيعة الجمهور الذى أحضره من بسطاء السلفيين. فتصدير مشكلة الشريعة للمرة الثانية فى أقل من شهرين يعنى ببساطة أن الإخوان غير قادرين على حشد الناس عبر شعارات سياسية حقيقية تعكس المشكلات الموجودة فى الواقع، بما فيها ترديد مبررات الرئيس وراء إصدار الإعلان الدستورى، مثل «دعم الاستقرار» و«مواجهة الفلول»، وغيرهما من هذه الشعارات، وهى أمور واردة فى السياسة بصرف النظر عن صحتها من عدمها، أما استدعاء الشريعة فى غير موضوعها بعد أن ظلت مصانة فى قلوب المصريين، وموجودة فى المادة الثانية من الدستور، فهو يدل على فشل سياسى حقيقى. إن الإصرار على التظاهر من أجل مطلب وهمى لم يتجاهله الدستور، حين نص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، يدل على عجز سياسى كامل على حشد هذه الجماهير خلف قضية واحدة لا توظف فيها الشريعة لصالح أغراض سياسية وحزبية ضيقة. والحقيقة أن غير المطبق من الشريعة هو الجوانب التى تدافع عن الفقراء والمحتاجين، وتنصف المظلومين، والشريعة التى تحارب الفساد وتؤسس للديمقراطية والعدالة والمساواة، وهى كلها تحتاج إلى اجتهادات الناس وعرقهم، لا الهتاف من أجل معركة وهمية لا وجود لها على أرض الواقع. إن مصطنعى معركة الشريعة لم ينتجوا فكراً ثورياً كما فى إيران، إنما دافعوا حتى النهاية عن «أولى الأمر»، ورفضوا الخروج عليهم قبل أن يستبيحوا كل من فى مصر بعد الثورة، ولم يبنوا حزبا سياسياً حديثاً وديمقراطياً، كما فى تركيا «العدالة والتنمية»، الذى أنجز أهم إصلاحات سياسية واقتصادية منذ تأسيس الجمهورية التركية، ولا مشروعاً سياسياً انطلق من الإسلام الحضارى وحول بلداً مثل ماليزيا فى عشرين عاماً من التخلف إلى واحد من أهم اقتصاديات العالم، إنما مليونيات ترفع شعارات الشريعة وتكرس خطاب كراهية ضد آخر مخالف فى الرأى السياسى وليس عدواً للشريعة أو الدين. مليونية «الشرعية والشريعة» قدمت عنواناً خطأ لمشكلة غير موجودة، وكان أجدر بهؤلاء، كما فعل خصومهم السياسيون فى ميدان التحرير، أن يطرحوا عنواناً سياسياً: دفاعاً عن الرئيس أو الإعلان الدستورى أو الشرعية أو الاستقرار، أو أى عنوان آخر يختارونه، أما إضافة الشريعة إلى الشرعية فهو مدروس بعناية، لأنه قادر على جذب البسطاء من الناس إلى خطاب وهمى فشل الإسلاميون فى حسمه فى السياسة، فاستعانوا بالشريعة فى مواجهة منافسيهم، الذين اعتبروهم أعداء شرع الله، وهذا سيفرز نتائج فى غاية الخطورة. amr.elshobaki@gmail.com   نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الشريعة لماذا الشريعة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib