عمرو الشوبكي
البداية كانت فى حملة «اعرف دستورك»، التى بدأت منذ حوالى شهرين بالتعريف بمسودة الدستور الأولى، وجرى المؤتمر الأول فى لقاء مفتوح بميدان الثورة بالدقى حمل هذا العنوان، وفيه تم توزيع مسودة الدستور الأولى على الحاضرين لتعريفهم به، أما الكلمات فكانت معظمها نقدية.
ومع انسحاب القوى المدنية من الجمعية التأسيسية، ثم صدور الإعلان الدستورى وخروج مسودة الدستور بالعيوب نفسها التى كانت موجودة فى المسودة الأولى، تحولت الحملة إلى «لا للدستور»، وبدأنا بتوزيع أوراق وملصقات تعلن أسباب رفضنا للدستور وندعو المواطنين للتصويت بـ«لا».
وبعد عرض مسودة الدستور على الرأى العام قامت مؤسسة البلد بإمبابة بعقد سلسلة لقاءات لمناقشة عيوبها، وانتهت بأن قررنا أن نعقد مؤتمراً جماهيرياً فى «إمبابة العميقة» نعبر فيه عن رأينا الرافض لمسودة الدستور، وقمنا بالدعاية المكثفة من أجل رفض الدستور والدعوة للمؤتمر.
وعلى إثر هذا التحرك، وربما بسببه، تلقينا تهديدات بالاعتداء على الحاضرين وعلى رأسهم كاتب هذه السطور من أشخاص مجهولين اتصلوا من أرقام خاصة وقالوا إنهم سيحرقون السرادق وسيمنعوننا بالقوة من إقامة المؤتمر. وقد تلقينا بعض التهديدات من أرقام ظاهرة وكانت المفارقة أننا حين اتصلنا بهذه الأرقام رد علينا مواطنون بسطاء وأقسموا بأنهم ليست لهم علاقة بهذه الاتصالات، وأن هناك أشخاصاً قابلوهم وقاموا باستئذانهم لإجراء مكالمة تليفونية، ثم أعادوا الهاتف لهم. أما الأرقام الخاصة فتلك كانت الأكثر خطورة ولم يستدل على أصحابها بعد.
وقد قمنا بتقديم بلاغ فى قسم شرطة إمبابة ضد مجهول (إدارى)، ولم نتردد للحظة فى عقد المؤتمر، رغم أن البعض طالبنا بإلغائه، بل إن بعض سيئى النية قالوا يجب أن نلغيه ونلصق التهمة فى الإخوان «لأنه أكيد هم الذين وراء الموضوع» ونشتغل على الموضوع إعلاميا، وهو ما سيكون تأثيره أكبر من مؤتمر سيحضره على الأكثر 500 شخص.
وقد رفضت ورفض معى كل أعضاء مؤسسة البلد هذه الاقتراحات المغرضة، لأننا لا يمكن أن نتهم تياراً بأكمله بأنه وراء هذا النوع من الحوادث، التى نتمنى أن تستمر فردية، وأخذنا المخاطرة بعد أن أبلغنا أجهزة الأمن التى قامت مشكورة بتأمين المؤتمر، ولم نغير فى برنامجه شيئاً واحداً وأقيم فى مكانه وموعده بشارع عبدالباقى متفرع من شارع الجامع بحوار محل أمجد المنيرة..إمبابة العميقة.
وقد حضر المؤتمر ما يقرب من 400 شخص، وهو رقم غير مسبوق فى مؤتمرات المنطقة، وحرصنا على أن يكون المتحدثون من الشخصيات المعتدلة مثل د. إسماعيل سليم، أستاذ القانون، الخبير الحقوقى، والمحامى حازم عبدالله، نائب رئيس مؤسسة البلد، وأيضا النائب السابق المحامى محمد جعفر، الذى انتقد الدستور وفى نفس الوقت تحدث عن بعض إيجابياته، وهو من الذين لن يصوتوا على الأرجح بـ«لا» رغم تحفظه على مواد كثيرة فى الدستور، لأنه يرى أن مسار «نعم» أكثر تعقيدا من مسار «لا».
وقد اتضح منذ البداية سخونة اللقاء، حيث حرص ما يقرب من 5 أشخاص ممن ينتمون للتيار الإسلامى، وبعضهم شيوخ فى زوايا المنطقة، على إفساد المؤتمر بالمقاطعة الدائمة والتعبير عن عقدة الاضطهاد بعدم السماح لهم بالحديث أثناء إلقاء الكلمات، مما دفع بعض الحاضرين إلى تذكيرهم بأن قواعد أى مؤتمر تفترض أن يستمعوا أولا لكلمات المدعوين، ثم يعلقوا عليها ومع إصرارهم على المقاطعة ذكرهم أحد الحاضرين بأنه إذا حاول أحد المنتمين للتيار المدنى حضور مؤتمر للتيار الإسلامى وفعل مثلهم لكانوا ألقوا به خارج السرادق.
أما مضمون الحوار فهذا يستحق حديثاً آخر...
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"