هل من دور سياسى روسي في سورية

هل من دور سياسى روسي في سورية؟

المغرب اليوم -

هل من دور سياسى روسي في سورية

عمرو الشوبكي

تدخل روسيا العسكرى فى سورية فتح الباب أمام أسئلة كثيرة معلقة منذ عقود الدولة «السوفيتية الاشتراكية»، ويتعلق بالدور السياسى الجديد لروسيا، وما هى الآفاق التى يطرحها هذا التدخل العسكرى، وهل يفتح الباب أمام دور سياسى جديد أم لا؟

وإذا كان من المؤكد أن الضربات العسكرية الروسية ستكون لها تداعيات سياسية وستغير من طبيعة الصراع فى سوريا، إلا أن السؤال المطروح: هل ستؤدى هذه الضربات إلى طرح مشروع سياسى متكامل قادر على تجاوز مشاريع «التفكيك» الأمريكية فى المنطقة ودحر الإرهاب؟

إن الغطاء السياسى لأى تحرك عسكرى خارج الحدود أمر بديهى، ولم يحدث لأى دولة أن حركت جنديا واحدا، أو قامت بضربات جوية أو تدخل عسكرى دون أن تمتلك غطاء سياسيا بالحق أو بالباطل، فأمريكا حين غزت العراق وقدمت واحدا من أفشل مشاريع التغيير السياسى فى العالم تحت غطاء بناء الديمقراطية وإسقاط الدول الوطنية العربية الاستبدادية، وكذلك الاتحاد السوفيتى حين تدخل فى كل بقاع الأرض كان مشروعه السياسى الدفاع عن الشيوعية أو زرعها، وحين تدخل مؤخرا فى أوكرانيا «بالاستفتاء الديمقراطى» كان أيضا من أجل هدف سياسى هو ضم ثلث البلاد (القرم) إلى جمهوريته الروسية، وإيران تدخلت تحت غطاء الدفاع عن المستضعفين والثورة الإسلامية، وعبدالناصر تدخل فى الجزائر واليمن والسودان والمغرب والخليج وأفريقيا من أجل الاستقلال والتحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار، وحزب الله وحماس من أجل الدفاع عن المقاومة، وإسرائيل ارتكبت مجازر فى غزة لا حصر لها تحت حجة مكافحة الإرهاب.

والسؤال المطروح: هل تستطيع روسيا أن تقدم مشروعا سياسيا لسوريا، أم ستكتفى بالتدخل المسلح وتوجيه ضربات لكل المعارضين سواء كانوا من الدواعش أو الجيش الحر؟ وهل مشروعها هو دعم الأسد، أم الحفاظ على ما تبقى من الدولة السورية، والانطلاق إلى مساحة أخرى مضادة للمشاريع الأمريكية تواجه تفكيك الدولة وتفتح مسارا سياسيا لإصلاحها؟

المساحة أو الدور السياسى الروسى مازال غائبا، ولم يضع يده على هذه المساحة: أى بناء بديل سياسى بين مشاريع التفكيك الأمريكية التى دمرت المنطقة وقامت على هدم الدولة ومؤسساتها لصالح الفوضى والإرهاب والدواعش، وأيضا مشاريع نظم الاستبداد العربية التى بررت وجودها بمحاربة الإرهاب وكانت هى أحد أسباب انتشاره.

والحقيقة أن المساحة الفارغة تتمثل فى الحفاظ على الدولة الوطنية بإصلاح مؤسساتها وتطوير أدائها وعدم اعتبار رئيس الجمهورية كما هو الحال فى سوريا هو النظام السياسى (مفهوم ولو على مضض) وهو أيضا الدولة والشعب (غير مفهوم ولا مقبول) وأن سقوطه يعنى سقوط الدولة وموت الشعب وليس فقط النظام.

قوة مصر كانت فى أن النظام لم يكن هو الدولة، وبالتالى حين سقط مبارك لم يعن ذلك سقوط الدولة، على عكس حالة ليبيا مثلا، وكذلك سوريا التى يردد فيها أنصار الأسد أن سقوطه سيعنى سقوط الدولة.

روسيا لديها فرصة تاريخية أن يكون مشروعها السياسى أهم من تدخلها العسكرى، ويتمثل فى الحفاظ على ما تبقى من الدولة السورية، وإنهاء مشاريع التفكيك الأمريكية، وفى نفس الوقت تفتح مسارا يؤدى إلى خروج الأسد من السلطة بتسوية سياسية وليس بالقوة المسلحة.

هل تستطيع روسيا أن تجد لها قدماً فى مساحة «البديل السياسى» الذى يستغل الفشل المركب فى سوريا: فشل أمريكا، وفشل المعارضة والسلطة، وتصاعد الإرهاب، أم ستكون مجرد ضربات عسكرية للمناكفة مع أمريكا، تعدل من التوازنات الموجودة ولا تغيرها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من دور سياسى روسي في سورية هل من دور سياسى روسي في سورية



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib