تقدم عز وتراجع موسى

تقدم عز وتراجع موسى

المغرب اليوم -

تقدم عز وتراجع موسى

عمرو الشوبكي

 هى مفارقة صادمة أن يتقدم للترشح فى الانتخابات البرلمانية أحد رجال الاحتكار فى السياسة والاقتصاد، وأحد المتهمين بتزوير انتخابات 2010 الكارثية، والمسؤول بشكل مباشر عن اندلاع ثورة يناير، وفى نفس الوقت يقرر عمرو موسى عدم الترشح للانتخابات البرلمانية بعد فشل جهوده فى توحيد قوائم القوى المدنية، وأيضاً، وربما الأهم، بعد حملات إعلامية ممنهجة استهدفته، وبدت فيها الدولة مرحبة بمن يمكن أن تمسك علية مائة ذلة، وغير مرحبة بمن يمكن أن يكون وجهاً مشرفاً وقادراً على الفعل والحركة، لأن المطلوب أن يقف الجميع فى الصف الباهت والرتيب، وأن نرى برلماناً سيئاً ومشوهاً وقابلاً للحل فى أى لحظة.

أن يتقدم المسؤول الأول عن الخراب الذى شهدته البلاد فى السنوات الأخيرة للترشح فى دائرة السادات بالمنوفية، وأن تجرى عملية تبييض كاملة لكل رموز الفساد والإفساد، على اعتبار أن الملايين التى نزلت فى 25 يناير هى جزء من مؤامرة كونية تتعرض لها مصر، ونسينا من كانوا سبباً فى خروج الشعب المصرى بحثا عن الكرامة والحرية.

إن دلالة عودة عز وتداعياتها كثيرة، ولن توقفها مائة مشروع اقتصادى ناجح، فعلينا ألا ننسى أن أعظم مشاريع مصر: السد العالى لم يمنع هزيمة 67 حين فشلت الإدارة السياسية.

والحقيقة أن غياب الأدلة الجنائية على إدانة مبارك ورموز نظامه لا يعنى عدم إدانتهما، وأن اقتصار الإدانة على الشباب الثورى فقط يخلق انطباعا سياسيا شديد السلبية (أقوى من الحقيقة بتعبير موسى) مهما كانت أدلة إدانتهم.

عودة من أراد احتكار السياسة والحديد إلى صدارة المشهد السياسى تعنى فشلاً كاملاً لكل البدائل التى طُرحت بعد ثورة يناير، فمن خطاب المراهقة الثورية الذى لم يفلح إلا فى الهدم والتخريب حتى أوصل قطاعات واسعة من المواطنين إلى تفضيل شبكات المصالح القديمة ورموز مبارك لكى يبتعد عمن حولوا الثورة إلى مهنة.

وهناك أيضا فشل لكل من حكم وأدار البلاد عقب ثورة يناير، فضعف أداء المجلس العسكرى وتخبطه وعدم وضعه أى قواعد دستورية وقانونية قبل وصول الإخوان للسلطة، ثم محاولة الأخير احتكار السلطة وخطف الدولة، قد دفع بالكثيرين إلى اعتبار عصر مبارك أرحم من حكم الجماعة، ثم جاء النظام الجديد ولم يقدم أى رؤية سياسية لحكم البلاد خارج منظومة مبارك.

ليس مطلوباً إحداث انقلاب ثورى فى علاقتنا الدولية ولا توجهاتنا الاقتصادية والسياسية، إنما على الأقل إدارة مهنية لخياراتنا السياسية، وتطبيق القانون الذى اعتدنا أن نضعه طوال عهد مبارك على الرف، فمواجهة الحياد السلبى تجاه كل ما له علاقة بالمشهد السياسى لن يكون بالانحياز لطرف على حساب آخر، إنما مثلا بتطبيق الدولة للقانون الديكورى، بإلزام المرشحين باحترام الحد الأقصى للأنفاق على الحملات الانتخابية، والذى لم توضع آلية واحدة لتنفيذه حتى نواجه من ينفقون الملايين بحثاً عن حصانة مريبة.

ليس مطلوباً اتخاذ إجراءات استثنائية تعزل رموز نظام مبارك، إنما أن نمتلك رؤية سياسية تؤسس لمنظومة قانونية تبنى نظاما جديدا، سيعنى تلقائيا تراجع من عاشوا على التزوير والبلطجة وشراء الذمم والنواب طوال 30 عاما.

رسالة النظام «الجديد» بأن هناك جديدا غائبا وأن المسار الإصلاحى والديمقراطى الذى اغتاله أحمد عز ومن معه لن نواجهه بمسار سياسى بديل ولا بقواعد سياسية جديدة انتظرها الكثيرون بعد 30 يونيو ولم تأت.

لا أعتقد أن برلمان عز ورجاله قادر على أن ينقلنا خطوة للأمام، إنما سيعيدنا خطوات للخلف، ستكون أصعب مما كنا عليه فى 2010.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقدم عز وتراجع موسى تقدم عز وتراجع موسى



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib