الشماتة حتى فى الموت

الشماتة حتى فى الموت

المغرب اليوم -

الشماتة حتى فى الموت

عمرو الشوبكي

لماذا الإخوان دون باقى خلق الله يحملون هذا الكم من الكراهية لكل من هو غير إخوانى؟ ولماذا الإخوان دون غيرهم قادرون على شتم أى إنسان بعد أن صار بين أيادى الله، حتى لو كان فناناً أو شاعراً أو موسيقياً أو مواطناً عادياً على باب الله، رغم أن هؤلاء ليسوا من أهل السلطة، ولا من رجال الشرطة والجيش الذين يعتبرونهم أعداءهم، إنما هم مواطنون ليس لهم أى دور سياسى؟

لماذا تشتم فاتن حمامة؟ وهى سيدة الشاشة العربية فناً وخلقاً دون منازع بعد موتها؟ لأنها قالت إنها ضد حكم الإخوان؟ وهل يستحق كل من يقول إنه ضد حكم الجماعة القتل والدعاء عليه وعلى أبنائه؟ وهل عرفت مصر على مدار تاريخها تياراً يكره الناس إلا الإخوان؟ صحيح أننا رأينا معارضة متطرفة تكره السلطة وتدعو لإسقاطها بالعنف، وتعمل على إفشالها، إنما أن يكون هناك تيار سياسى وصل للسلطة بأصوات الناس ويكرههم لأنهم يرفضون حكمه أو غير متمسكين به، ويكون الرد هو الشماتة فى الموت والتشفى فى أهله وأبنائه وأقاربه.

التعليقات الإخوانية على رحيل الفنان الكبير نور الشريف صادمة وكارثية ومحزنه حين تقول:

«رحل الفنان نور الشريف إلى ربه بما يعادل أكثر من 150 فيلماً، و30 مسلسلاً و5 مسرحيات.. ووقف فى عزائه جيل أفسد العالم العربى (صورة عادل إمام وعزت العلايلى ومحمود ياسين) بعُريهم وفنهم الهابط، وستلحقون به بعُهركم ووقوفكم مع العسكر القتلة».

الانحطاط وصل إلى القول: «كلب وراح وعقبال باقى الكلاب، وغار فى ستين داهية، ربنا يولع فيه، سير السينما فى خدمة العسكر، عقبال باقى زمايله، عقبال عادل إمام، هلك عظيم من عظماء المنافقين».

هى عينة من تعليقات لم يكن يتصور مصرى واحد أن يراها من إنسان مهما كان دينه وجنسه، والأخطر أنها جاءت من تيار وصل للحكم وحصل رئيسه المعزول على 13 مليون صوت، أى أنها ليست جماعة دواعش تقدر عضويتها بالمئات ولا تنظيماً سرياً إرهابياً، إنما هو تنظيم ضم 100 ألف عضو عامل وبضعة ملايين من المتعاطفين والأنصار، ونالوا ثقة قطاع من الشعب المصرى، ومع ذلك حملوا كل هذه الكراهية تجاه هذا الشعب.

قد تكون هى المرة الأولى التى نجد فيها تنظيماً سياسياً وصل للحكم بأصوات الناس لا يكره فقط السلطة التى أقصته ولا الأحزاب والرموز السياسية التى وقفت ضده، إنما أيضا يكره الشعب، فيتمنى هزيمة المنتخب الوطنى، ويكره الفنانين والأدباء والشعراء، ويشمت فى أى حادث أو مصيبة تحل على الشعب المصرى.

سلوك الإخوان ليس مجرد انحراف لبعض الأشخاص داخل الجماعة إنما هو انحراف عقائدى وفكرى؛ لأنهم اعتبروا أنفسهم جماعة ربانية فوق خلق الله، بُنيت على أساس السمع والطاعة، وربَّت أعضاءها على العزلة الشعورية والاستعلاء الإيمانى عن المجتمع (كما كتب سيد قطب فى «معالم فى الطريق»)، حين اعتبرت أن عضو الجماعة فى وضع أعلى من باقى خلق الله، ويتحول هذا الاستعلاء إلى طاقة عنف وكراهية حين يشعر بالتهميش أو رفض الناس له لأنه تربى على أنه دائماً على حق، وأن من يعارضه لابد أن يكون من عبيد العسكر أو من العملاء والخونة.

ما كتبه الإخوان عن نور الشريف هو حالة متكررة من الشماتة والكراهية حتى فى الموت، رغم أن كل ما على الدنيا نسبى إلا الموت هو الحقيقة الوحيدة المطلقة.

رحم الله نور الشريف الفنان العظيم بطل سواق الأتوبيس ومئات الأعمال الفنية الرائعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشماتة حتى فى الموت الشماتة حتى فى الموت



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 16:57 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 09:02 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان المصري حسن يوسف اليوم عن عمر يناهز 90 عاماً

GMT 21:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بـ "ارتفاع"

GMT 20:59 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش

GMT 11:42 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

فك لغز مقتل أستاذ جامعي في الجديدة

GMT 10:02 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

وكالة ناسا ترصد صخرة «وجه الإنسان» على كوكب المريخ

GMT 17:57 2016 الأربعاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال يضرب "بحر البوران" قبالة سواحل مدينة الحسيمة

GMT 05:37 2020 السبت ,16 أيار / مايو

طريقة عمل غريبة بالسميد وجوز الهند

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع برحلة تلتقي فيها الشاعرية مع التاريخ في لشبونة

GMT 21:25 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصحافي رشيد بوغة في مدينة تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib