إنسانيتنا المحترقة
وفاة الموسيقار المغربي محمد بن عبد السلام عن عمر يناهز 94 عاماً الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران تُحذر من مخاطر كبيرة تواجهها الطائرات عند التحليق في الأجواء الروسية المحكمة العليا الأميركية ترفض تأجيل نطق الحكم الجنائي ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب البرلمان اللبناني ينتخب جوزيف عون رئيسا جديدا للبنان بعد ولة انتخابية ثانية ظهر الخميس "99 صوتًا من أعضاء مجلس النواب اللبناني يحسمون جولة الانتخابات الرئاسية" إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي
أخر الأخبار

إنسانيتنا المحترقة

المغرب اليوم -

إنسانيتنا المحترقة

عمرو الشوبكي

غيرت مقال اليوم الذى حمل فى البداية عنوان «لليمين در»، وهو ترجمة لفكرة تدور فى ذهنى منذ عدة أسابيع عن أسباب التحولات التى جرت فى المجتمع المصرى فى السنوات الثلاث الأخيرة، وجعلت قطاعا منه يقبل أفكارا شديدة التطرف، ظنا منه أنه بذلك يمكن أن يواجه الإرهاب ويقتلع المخربين.

والحقيقة أن مشهد قتل الشهيد الأردنى معاذ الكساسبة بهذه الطريقة الوحشية والمتدنية كان أكبر من أى كلام آخر، فغيّرت المقال وأجلته للأسبوع المقبل بعد أن شاهدت صورة الشهيد وهو يقف شامخا شجاعا مرفوع الرأس حين بدأت النيران تحاصره من كل جانب فى لحظة إنسانية شديدة القسوة، جعلت من الصعب على أى كاتب أن يتجاهلها.

الطيار الأردنى شاب مثل آلاف الضباط الشرفاء على امتداد العالم العربى الذى لم يقتل أطفالا ولا مدنيين، كما يدعى القتلة المجرمون، إنما قتل إرهابيين شردوا وذبحوا الأطفال والنساء والرجال، واستباحوا الأعراض، ولولا مثل هذا الطيار الشهيد لكان التنظيم المجرم قد اقتحم مدينة عين العرب كوبانى وشهدنا مذبحة إنسانية لم نر مثلها فى تاريخنا الحديث.

مشهد حرق الشاب الشهيد حيا بهذه الطريقة أمر فارق فى تاريخنا وإنسانيتنا، فهذا التفنن فى صور القتل، من الذبح إلى الحرق إلى التمثيل بالجثث، عكس حجم التدهور والانهيار الذى أصاب منطقتنا، وكيف خرجت منه عصابات إرهابية تمارس هذا النوع من القتل المجانى بحق محاربين صاروا عزلاً بعد أن وقعوا فى الأسر، أو بحق ناس دفعوا حياتهم ثمنا لتعاطفهم الإنسانى معنا مثل عشرات الرهائن الأجانب.

الفارق بين الدولة فى كل مكان (مهما كانت أخطاؤها) والعصابة واضح، فهناك سجينة إرهابية ارتدت حزاما ناسفا لتنفذ عملية إرهابية فى أحد فنادق الأردن (ساجدة الريشاوى)، وأراد الله أن ينقذ الأبرياء من شرها فلم ينفجر واعتقلت ثم سُجنت، وبعد حرق الطيار البطل نُفذ فيها حكم الإعدام ولم تحرق أو تذبح مثلما فعل الإرهابيون المجرمون.

والمؤكد أن حالة داعش الإرهابية هى حالة مركبة، فهى ليست مجرد عصابة قاتلة تعتدى وتذبح، إنما هى عصابة «تشرعن» وتقنن القتل والذبح والحرق على أسس فقهية ودينية منحرفة، ولذا أرجع إرهابيو «داعش» قيامهم بهذا الأمر إلى أن الجزاء من جنس العمل، متهمين «معاذ» بحرق أطفال سوريا والعراق بصواريخه. «لمن يقول الحرق حرام، الجزاء من جنس العمل، ولا تنسوا هو حرق أطفالنا بصواريخه، وتذكروا قوله تعالى: (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)». بينما قال إرهابى آخر: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم».

وتلك فى الحقيقة كذبة كبرى، لأن المذابح التى ارتكبت فى سوريا يتحملها إرهابيو داعش والنظام السورى وليس الطيار الأردنى الذى استهدف مقاتلى التنظيم وليس الأطفال والنساء والمدنيين كما فعلوا هم على مدار سنوات.

والكارثى أن التنظيم الإرهابى برر جرائمه من خلال إطار مرجعى شرعى تبناه أربعة تكفيريين مصريين منهم قاضى قضاة الدولة، أبومسلم المصرى، ويعد المرجعية الشرعية والفقهية للتنظيم، وكان مقرباً من أبوبكر البغدادى قبل قصة هروبه بالأموال، وهناك حلمى هاشم، المُكنى بـ«شاكر نعم الله»، وهو من أهل صعيد مصر، ومن سكان حى المطرية بشمال القاهرة، وآخر يحمل نفس الاسم وقُتل، وهو القاضى الشرعى لمدينة حلب، وأخيرا أبوالحارث المصرى.

والحقيقة أن ما سُمى «فكر التنظيم» تجاوز أعتى غلاة التكفير والخوارج فى تاريخنا كله، فهو لا يكتفى بتكفير عموم الشعوب، بل إنه يكفر كل من لم يكفر الشعوب!! ويكفّر جميع المقاتلين فى العراق وأفغانستان والصومال الذين لم يكفروا الشعوب، حتى جعل فى كتابه «أهل التوقف بين الشك واليقين» التكفير أصلا من أصول الدين، واعتبر فى النهاية أن من لم يكفر الكافر فقد خالف أصل الدين ويصبح كافرا.

جريمة داعش الإرهابية بحق الشهيد الأردنى فتحت جروحا عميقة فى مجتمعاتنا وإنسانيتنا، لأنها جزء من أزمة أكبر تخص الشرق والغرب معا، وليس السياقات الديمقراطية وغير الديمقراطية فقط، فالمسلمون فى الغرب الديمقراطى خرج منهم مقاتلون إلى داعش، والمسلمون فى العراق وسوريا خرج منهم مقاتلون إلى داعش، وهناك ماكينة فكرية وشرعية تلقنهم أفكارا دينية مشوهة يجب مواجهتها بالفكر الدينى أيضا القادر على اقتلاع الفكر التكفيرى من جذوره، وهناك أيضا السياق السياسى والاجتماعى الذى جعل داعش يتمدد فى سوريا والعراق أكثر من ليبيا مثلا، رغم غياب الدولة تقريبا هناك، لأن البعد الطائفى للنظامين العراقى والسورى ساعد على خلق بيئة سُنية أغمضت عينيها، ولو جزئيا، عن التطرف.

سنقول جميعا: ليس باسمنا ما يفعله السفهاء منا، وإن الإسلام براء من هؤلاء الإرهابيين، وهو أمر كله صحيح، لكنه لن يغير من الأمر شيئا بأن هؤلاء جاءوا من منطقتنا العربية أولا وأساسا، وليس من كل بلاد العالم الإسلامى (لا من تركيا ولا إيران ولا ماليزيا ولا إندونيسيا)، وانعكاس لأمراضها، وحتى عبث الخارج فى مقدراتنا نتيجة ضعفنا، وأن مواجهة إرهاب داعش ستكون لها جانبان، أمنى وعسكرى، مهمان، وأيضا جوانب ثقافية ودينية وسياسية قد تكون أكثر أهمية، وبالتوازى مع الحل الأمنى.

رحم الله الشهيد الأردنى الشاب معاذ الكساسبة، وخالص العزاء لإنسانيتنا المحترقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنسانيتنا المحترقة إنسانيتنا المحترقة



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib