ما بعد تحرير الرهائن

ما بعد تحرير الرهائن

المغرب اليوم -

ما بعد تحرير الرهائن

حسن نافعة

عملية الاختطاف التى جرت مؤخراً فى سيناء، والتى استهدفت مبادلة المختطفين بسجناء سياسيين، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. ولأنها من نوع العمليات السهلة التى يمكن أن تقع فى أى وقت وفى أى بلد فى العالم، بما فى ذلك أقوى البلدان وأضخمها وأغناها، علينا أن نضع عملية سيناء الأخيرة فى سياقها الصحيح، دون تهوين أو تهويل، مع الأخذ فى الاعتبار فى الوقت نفسه حساسية المنطقة التى وقعت فيها هذه العملية، وكذلك عمليات الاختطاف السابقة، من منظور الأمن الوطنى المصرى، خصوصا أن ترتيبات الأمن فى سيناء لم تعد مسألة تخص السيادة المصرية وحدها، وإنما تنظمها معاهدة دولية تربط مصر بإسرائيل تضمنها الولايات المتحدة الأمريكية. بعبارة أخرى يمكن القول إن العملية التى وقعت فى سيناء مؤخراً ليست مجرد عملية اختطاف رهائن عادية، أو حتى عملية تمس هيبة وكرامة الدولة المصرية، بحكم أن المختطفين جنود نظاميون فى قوات الأمن والقوات المسلحة المصرية، ولكنها عملية تمس أمن مصر الوطنى بشكل مباشر، ولذا يتعين أن تعالج الأزمة الناجمة عنها من منظور وطنى خالص، بعيدا عن الحسابات الحزبية والسياسية الضيقة، ومن خلال رؤية واضحة لا تؤدى فقط إلى تحرير الرهائن بأقل الخسائر الممكنة فى الأرواح، وإنما تضمن أيضاً ألا يتكرر حدوث ذلك مرة أخرى أبداً. تحرير الرهائن بأقل الخسائر الممكنة فى الأرواح معناه: ضمان إطلاق سراح المحتجزين قسراً دون تقديم أى تنازلات سياسية لخاطفيهم، وهو ما قد يتطلب القيام بعملية عسكرية جراحية. ولأن تحرير الرهائن بالقوة فى منطقة واسعة ووعرة كسيناء ليس بالعملية السهلة أو مضمونة النتائج بشكل كامل، يتعين توافر شروط معينة لضمان توفير عناصر النجاح لها، بصرف النظر عن نتائجها الفعلية. من هذه الشروط: 1- وجود توافق واتساق كامل فى عملية صنع القرار وفى عملية الاختيار من بين البدائل المتاحة، خاصة بين القيادتين السياسية والعسكرية، 2- أن تكون جميع الأطراف، حكومة ومعارضة، جاهزة ومهيأة نفسياً لتقبل نتائج العملية العسكرية، أياً كانت، دون أن يحاول أى طرف تجييرها لصالحه إن كانت نتائجها إيجابية، أو استغلالها ضد الخصوم إن كانت نتائجها سلبية. وفى جميع الأحوال يتعين أن يكون الجميع جاهزين، وبصرف النظر عن نتائج العملية العسكرية وما نجم عنها من خسائر أو مكاسب، للانتقال على الفور إلى مرحلة ما بعد تحرير الرهائن، والبدء فى اتخاذ الإجراءات التى تضمن عدم تكرار عمليات خطف الرهائن فى سيناء مرة أخرى أبداً، وتلك هى المرحلة الأهم والأخطر. تتطلب مرحلة ما بعد تحرير الرهائن الشروع فوراً فى التحرك على ثلاثة محاور متوازية ومتكاملة: المحور الأول: عسكرى- أمنى، ويتضمن البدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتدمير البنية التحتية للإرهاب فى شبه جزيرة سيناء بالكامل. المحور الثانى: سياسى- أمنى، ويتضمن البدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء جسور الثقة بين أهالى سيناء والمؤسسات الرسمية، وتصفية كل الملفات العالقة بما يضمن إزالة رواسب النظام السابق ويقيم العدالة ويحقق الأمن للجميع. المحور الثالث: تنموى- أمنى، ويتضمن البدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإسراع بمعدلات التنمية فى سيناء بما يضمن تنمية متوازنة فى مختلف أجزاء ومناطق شبه جزيرة سيناء، والقضاء الكامل على ظاهرة البطالة، خاصة فى صفوف الشباب، وإحداث نقلة نوعية فى بنيتها الديموغرافية بما يؤدى إلى زيادة كبيرة فى كثافتها السكانية بطريقة تتفق ومتطلبات الأمن الوطنى. قد يرى البعض أن الحركة على هذه المحاور الثلاثة تتطلب تعديلاً فى ترتيبات الأمن المنصوص عليها فى معاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل، وهو ما تسمح به نصوص المعاهدة نفسها. غير أننى أعتقد أنه ليس من مصلحة مصر فتح ملف التفاوض مع إسرائيل الآن حتى لا نعطى إسرائيل فرصة تتطلع إليها لضمان اعتراف النظام السياسى الجديد بالمعاهدة وإعادة تأكيد التزامه بها. وفى تقديرى أنه يمكن للقيادة السياسية، فى حال توافر الإرادة السياسية، أن تبدأ على الفور حركة متوازنة ومتزامنة على هذه المحاور الثلاثة دون أن تضطر لإعادة تنشيط تطبيع العلاقات مع إسرائيل. غير أن ذلك يحتاج إلى إدارة شؤون البلاد فى تلك المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة وفق قاعدة «التوافق الوطنى» وليس «المغالبة السياسية»، وهو ما لم تدركه بعد، ونأمل ألا يتأخر إدراكها له كثيراً. نقلا  عن جريدة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد تحرير الرهائن ما بعد تحرير الرهائن



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

GMT 17:42 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أمر شائن!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib