حاكموا أصحاب هذا المشروع

حاكموا أصحاب هذا المشروع

المغرب اليوم -

حاكموا أصحاب هذا المشروع

حسن نافعة

والمقصود هنا «مشروع قانون إقليم قناة السويس» المقدم من حكومة الدكتور هشام قنديل الذى قام بنفسه بالترويج لهذا المشروع. وأطالب المصريين جميعا بدراسته أولا وعدم الاكتفاء برفضه وإسقاطه، وإنما بالمطالبة فى الوقت نفسه بتقديم أصحابه إلى المحاكمة لمعرفة من يقف وراءه وما هى دوافعهم الحقيقية التى أعتقد جازماً أنها لا تضمر الخير لمصر وشعبها. دعونا قبل أن نسترسل فى عرض وجهة نظرنا حول هذا المشروع، أن نتفق أولاً على أمرين أساسيين: الأمر الأول: أن لدى المصريين جميعا، بمن فى ذلك أقلهم ثقافة وخبرة، إدراكاً عميقاً ليس فقط بالأهمية الاستراتيجية للمنطقة الواقعة على ضفتى قناة السويس، عالميا وإقليميا ومحليا، وإنما إدراك لا يقل عمقا بحساسيتها الشديدة بالنسبة لأمن مصر الوطنى أيضا. وإذا كانت أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للعالم كله ترتبط بحجم ما يمر عبر قناة السويس من تجارة عالمية، فإن حساسيتها بالنسبة لأمن مصر الوطنى ترتبط بكونها منطقة عازلة بين سيناء وبقية الأراضى المصرية، ويمكن لمن يتحكم فى شؤونها أن يفصل شبه جزيرة سيناء تماما عن جسدها المصرى، وبالتالى يتحول ممر قناة السويس المائى إلى خط يرسم حدود مصر الشرقية بدلا من فلسطين التاريخية. الأمر الثانى: أن لدى المصريين جميعا قناعة تامة بأن هذه المنطقة، رغم أهميتها الاستراتيجية والتنموية الفائقة، أهملت كثيرا. فقد سبق لكثيرين من قبل أن تحدثوا تحديدا عن «إقليم قناة السويس» باعتباره «قاطرة للتنمية» فى مصر. وعلى سبيل المثال لا الحصر ففى 26/9/2011، وبمناسبة نقاش دار فى هذه الزاوية حول «مشروع قناة طابا- العريش» كأحد مشروعات التنمية العملاقة المطروحة فى مصر، نشرت رسالة من المهندس وائل قدور، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس سابقاً، جاء فيها بالنص: «يمكن جعل إقليم قناة السويس، برؤية جديدة قادرة على استيعاب المتغيرات العالمية وفهم للدور الحيوى الذى يمكن للقناة أن تؤديه لخدمة التجارة العالمية، جعل إقليم قناة السويس، متمثلاً فى محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد وسيناء الشمالية والجنوبية والمناطق المحيطة بالقناة، مركزاً عالمياً لمناطق حرة اقتصادية للتصنيع وتوزيع تجارة الترانزيت والخدمات اللوجيستية التى تؤدى للسفن العابرة، بالاشتراك مع الشركات العالمية والعربية والوطنية، وجعل موانئ بورسعيد والسويس موانئ محورية ومركزاً لحمولات البضائع ليصبح هذا الإقليم قاطرة النمو الاقتصادى لمصر. تجدر الإشارة إلى أن مشروعات كبرى، خدمية وصناعية، لتنمية هذه المنطقة كانت قد طرحت واعتمدت منذ سنوات، بعضها بدأ تنفيذه بالفعل بينما تعثر بعضها الآخر. وبعد الثورة تطلع كثيرون إلى أن تشهد عملية التنمية فى مصر، خاصة فى منطقة القناة، انطلاقة كبرى تعوض ما فات، ولكن فى إطار رؤية شاملة تعتمد على الذات وتعلى من شأن الاستقلال والأمن الوطنى. وإذا كان سوء إدارة المرحلة الانتقالية قد أرجأ كل شىء، فإن أحداً لم يتصور قط أن يأتى يوم تصبح فيه هذه المنطقة عرضة لمزاد علنى يباع فيه استقلال مصر ويشترى. ففى زمن الإخوان تمت «استعارة»، حتى لا أقول «سرقة»، فكرة شديدة النبل والأهمية، ثم جرى ابتذالها وتحريفها بطريقة حولتها فى النهاية إلى أداة لبيع استقلال مصر والمتاجرة بأمنها الوطنى. مشروع القانون الذى نشرت الصحف مسودته الأولى يقوم على فكرة بالغة الخطورة تتلخص فى اعتبار المنطقة الواقعة على ضفتى القناة «إقليماً» قائما بذاته، لكنه غير محدد جغرافياً وقابل للتوسع عند الحاجة، تسند إدارته بالكاملة إلى هيئة يعين رئيس الجمهورية أعضاءها ويقسمون يمين الولاء أمامه ولا يشترط أن تتوافر فيهم صفات فنية أو أخلاقية بعينها، ويتمتعون بسلطات مطلقة، بما فيها سلطة نقل ملكية أراضى الدولة الواقعة فى هذه المنطقة إلى ملكية خاصة، ومع ذلك لا يخضعون لأى مساءلة قانونية أو سياسية، ولأن فصل أهم أقاليم الوطن، وأكثره حساسية من منظور الأمن الوطنى، ووضعه تحت سلطة هيئة غير قابلة للمحاسبة، هو تجسيد لفكرة لا يمكن أن تصدر هكذا «اعتباطاً» والأرجح أن يكون وراءها شىء ما خبيث، لا يكفى أبدا أن نعمل على إسقاط الفكرة، وإنما يتعين أيضا أن نعرف من يقف وراءها.  لذا أطالب بتتبع مصدر الفكرة والكشف عن المصالح التى تقف وراءها، إن وجدت. فإذا تبين أنها فكرة حسنة النية وليس وراءها من يتعمد إلحاق الضرر بمصر من ورائها فيجب عزل أصحابها فورا لثبوت عدم الكفاءة، أما إذا تبين أن وراء الفكرة محركاً له مصالح خاصة أو شبكة معادية تسعى لإلحاق الضرر بمصر فلا يجب الاكتفاء بعزل أصحابها، وإنما كشف مخططات من يقفون وراءهم للشعب وتقديمهم للمحاكمة وإنزال أقسى العقاب بهم. نقلا عن جريدة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاكموا أصحاب هذا المشروع حاكموا أصحاب هذا المشروع



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

GMT 17:42 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أمر شائن!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib