لقاء جون ماكين و«جبهة إنقاذ مصر»

لقاء جون ماكين و«جبهة إنقاذ مصر»

المغرب اليوم -

لقاء جون ماكين و«جبهة إنقاذ مصر»

حسن نافعة

لم أشعر شخصيا بالارتياح تجاه اللقاء الذى تم فى القاهرة صباح الأربعاء الماضى بين رموز من «جبهة الإنقاذ» المصرية المعارضة، والسيناتور جون ماكين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى، المرشح السابق للرئاسة. أما السبب فى شعورى بعدم الارتياح فيعود إلى أمرين رئيسيين، الأول: يتعلق بشخصية الضيف الزائر، والثانى: يتعلق بتوقيت اللقاء. فـ«جون ماكين» يعد واحدا من صقور يمين أمريكى متطرف لا يخفى عداءه الصريح للمصالح العربية وانحيازه التام للمصالح الإسرائيلية، وكان من أشد المتحمسين للحرب الإجرامية على العراق والداعمين لاستمرار الاحتلال الأمريكى لهذا البلد العربى الكبير والرافضين للانسحاب منه قبل تحقيق أهدافه كاملة وإعادة رسم خريطة المنطقة وفقا للتصور الأمريكى ـ الإسرائيلى المشترك لمشروع الشرق الأوسط الكبير. واللقاء الذى جمعه بالمعارضة المصرية يأتى فى توقيت شديد الحساسية، وعلى خلفية أزمة سياسية عميقة تغرى قوى إقليمية ودولية بالتدخل فى الشأن المصرى، وهو ما يفرض على جميع الأطراف المشاركة فى العملية السياسية، حكومة ومعارضة، أن تكون شديدة الحرص على ألا تتيح لأى من القوى الخارجية المتربصة بمصر أدنى فرصة للتدخل فى شؤونها الداخلية. غير أننى لا أستطيع، مع ذلك، أن أذهب إلى ما ذهب إليه البعض حين وصف لقاء بعض رموز المعارضة مع ماكين بأنه «استقواء بالخارج». ولأنه مصطلح يحمل فى طياته نوعا من المزايدة المرفوضة على المشاعر الوطنية، أظن أن استخدام مثل هذا الأسلوب فى إدارة الخلافات السياسية لم يعد يليق بأحزاب أو قوى تدعى أنها تسعى لتأسيس نظام ديمقراطى حقيقى، لذا أعتقد أنه آن الأوان كى يدرك الجميع أن هذا النوع من اللقاءات بات أمرا طبيعيا تماما وجزءاً من صميم التقاليد والممارسات الديمقراطية التى قد تحقق فائدة أو مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، شريطة أن تكون علنية، ومعروفة مسبقا للجميع، وأن تتاح للرأى العام فرصة للاطلاع على حقيقة ما دار فيها بكل شفافية. وعلى هذه الأرضية يجب أن يدور النقاش حول جدوى اللقاء الذى تم بين ماكين وبعض رموز المعارضة المصرية، اتفاقا أو اختلافا، دون مزايدة أو تحريض. أستطيع أن أتفهم دوافع جون ماكين للقاء رموز من المعارضة المصرية كى يصبح قادرا على تكوين رؤية صحيحة ومتكاملة عما يجرى فى مصر لا تقتصر على وجهة النظر الرسمية وحدها أو ما يطرح فى وسائل الإعلام. ولأنه سياسى أمريكى كبير، فمن الطبيعى أن يحاول توظيف هذا النشاط لصالح أجندته وطموحه الشخصى أولاً، ثم لصالح حزبه والتيار الأيديولوجى الذى ينتمى إليه ثانيا، ثم لخدمة مصالح وأهداف وسياسات بلاده فى المنطقة، وهذا حقه الطبيعى. غير أننى لا أستطيع أن أتفهم تماما دوافع المعارضة المصرية من اللقاء مع شخصية يمينية أمريكية متطرفة إلى هذا الحد ولا يعنيها فى كثير أو قليل مستقبل الديمقراطية فى مصر إلا بقدر ما هو ضرورى للمحافظة على المصالح الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة. وحتى بافتراض أن هناك ما تحرص المعارضة المصرية على توضيحه للسيناتور الأمريكى، بصرف النظر عن موقفه الشخصى مما يجرى فى مصر وفى المنطقة أو نوع التوصيات التى سيرفعها للإدارة الأمريكية عن هذا اللقاء، إلا أننى لم أستطع أن أفهم لماذا لم يتم هذا اللقاء مرة واحدة فى حضور كل من رغب، ولمَ كان الحرص على إجراء لقاء منفرد مع الدكتور البرادعى ومع السيد عمرو موسى، كل على حدة، خصوصا أنهما يشاركان معا فى «جبهة الإنقاذ». ولأنه يتعين أن يكون لهذه الجبهة خطاب سياسى موحد واضح وشفاف، وأن تحرص فى الوقت نفسه على أن يكون خطابها الموجه للداخل هو خطابها نفسه الموجه للخارج، وبنفس الوضوح والشفافية، فقد يؤدى هذا النوع من اللقاءات المنفردة إلى إثارة البلبلة. بقى أن أقول إننى أتمنى ألا يحاول النظام الحاكم استغلال هذا اللقاء وتوظيفه كأداة دعائية لتبرير رفضه المحتمل لرقابة فعالة من جانب المجتمع المدنى الدولى على الانتخابات، بحجة الحرص على السيادة ورفض التدخل فى شؤون مصر الداخلية، أو لتشويه المعارضة وتصويرها بمن يحاول «الاستقواء» بالخارج. فلم تعد هذه الحيل والألاعيب تنطلى على أحد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء جون ماكين و«جبهة إنقاذ مصر» لقاء جون ماكين و«جبهة إنقاذ مصر»



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 15:53 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
المغرب اليوم - حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 02:37 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأسهم الأوروبية تنهي تداولات الأسبوع على انخفاض طفيف

GMT 03:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

كيف يمكن إحلال 40 مليار دولار واردات سنوية من مجموعة بريكس

GMT 21:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار عند أعلى مستوى في شهرين ونصف والين يتراجع

GMT 01:10 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بعض دول الـ«بريكس» لها مؤشرات اقتصادية عالية

GMT 02:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع الاحتياطي النقدي المصري 279% في 10 سنوات

GMT 02:41 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

دبي تطلق مشروع أكبر مكتبة في العالم العربي

GMT 03:05 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

ساندي تُبدي سعادتها بدورها في فيلم "عيش حياتك"

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عبد الحق الخيام يلقي نظرة الوداع على والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib