تهنئة وتحية

تهنئة وتحية

المغرب اليوم -

تهنئة وتحية

حسن نافعة

أما التهنئة فأوجهها إلى أقباط مصر وإلى جميع المسيحيين فى مختلف أنحاء العالم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة. وأما التحية فأوجهها إلى الشيخ مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم وخطيب الثورة المفوه، والذى قام بخطوة أراها شديدة الأهمية فى توقيتها وفى دلالتها الرمزية. فهذا الشيخ الجليل لم يكتف بتوجيه التهنئة إلى الأقباط من فوق منبر المسجد الذى يتولى إمامته، لكنه قاد أيضاً مسيرة توجهت عقب صلاة الجمعة الماضية إلى كنيسة قصر الدوبارة لتقديم التهنئة بنفسه بصحبة عدد من السياسيين والشخصيات العامة. الخطوة التى أقدم عليها الشيخ مظهر مهمة فى توقيتها، لأنها تأتى عقب «فتوى»، كان قد تطوع «أحدهم» بها، تحرّم تهنئة الأقباط فى أعيادهم. وكان الأستاذ فهمى هويدى، الكاتب الإسلامى الكبير، محقاً تماماً حين استنكر أصلاً أن تُطلب فتوى فى موضوع كهذا، وحين وصف الفتوى التى صدرت حوله بأنها «فضيحة»، يقول الأستاذ هويدى فى عمود نشر بصحيفة الشروق أمس الأول: «هل يعقل أن يتساءل أحد فى هذا الزمان عما إذا كان يجوز تهنئة الأقباط بعيدهم أم لا؟. لست أستهجن الذين أفتوا بكراهية تهنئتهم أو حرمتها، لكننى أستهجن مبدأ طرح السؤال، لأنه يفضح المدى الذى بلغه التردى العقلى والفكرى الذى وصل إليه البعض، ممن اعتبروا أن بغض الآخر والارتياب فيه هو الأصل، فى الوقت ذاته فإننى أزعم أن الفتوى التى ذاع أمرها فى الآونة الأخيرة تعد فضيحة أكبر، ذلك أن السائل إذا كان من عوام الناس الذين اختل وعيهم الدينى، فإن المجيب يفترض فيه أنه من أهل العلم، وهو ما يصدمنا حقاً ويفزعنا». والخطوة التى أقدم عليها الشيخ مظهر مهمة أيضاً فى دلالتها الرمزية، لأنها تأتى من رجل دين يدرك أن دينه الإسلامى يدعو للحرية والمساواة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، كما يدعو فى الوقت نفسه للجهاد ضد كل صور الاستعمار والاحتلال الأجنبى وضد كل صور القهر والاستبداد المحلى، ولأن الشيخ مظهر هو ابن مؤسسة الأزهر الشريف التى طالما قادت الحركة الوطنية المصرية وحمتها فى أحلك مراحل التاريخ، فلم يكن غريباً أن يصبح واحداً من تلك الرموز الملتزمة بالدفاع عن حرية الوطن وعن وحدة الشعب والرافضة لاختزال دين عظيم فى مجموعة طقوس أو فى مظاهر عبادة شكلية لا تمت بصلة إلى جوهر الدين الحنيف، أو فى مشروعات سياسية، إخوانية كانت أم جهادية أم سلفية، تقبل الاتفاق والاختلاف إلى حد التصادم والقتال. أشعر بقلق كبير من خطاب «فتنة طائفية» تتخفى وراء الدين. وأخشى أن تكون بعض الفصائل المنتمية إلى تيار «الإسلام السياسى» غير مدركة لحقيقة ما يحاك لشعوب منطقة غنية يراد لها أن تبقى خاضعة وتابعة بشكل مطلق للهيمنة الأجنبية، ولأن المخطط الصهيوأمريكى سعى، ولايزال يسعى، لضرب أى دولة مركزية قوية تظهر فى هذه المنطقة، سواء قادها ليبراليون أو إسلاميون أو قوميون، فعلى كل القوى الوطنية الحقيقية، أياً كانت توجهاتها الأيديولوجية، أن تدرك أن إشعال «الفتنة الطائفية» هى أنجح الوسائل المتاحة لتفتيت وحدة هذه المنطقة وتحويلها إلى كيانات ودويلات صغيرة متناحرة. وكما نجح هذا المخطط فى ضرب مشروعات «التحرر الوطنى» التى قادتها فصائل قومية فى العالم العربى منذ الخمسينيات، مستخدمة تيارات الإسلام السياسى المعتدلة والمتشددة على السواء، يخشى أن ينجح مرة أخرى فى ضرب «مشروعات النهضة» التى تسعى الفصائل الإسلامية لقيادتها حالياً، وذلك من خلال تأجيج الفتنة الطائفية. فى سياق كهذا، يستحق رجال دين من أمثال الشيخ مظهر شاهين أن نقدم لهم التحية فى مثل هذا الموقف لأنهم يشكلون حائط صد قوياً فى مواجهة فتنة يبدو أن فصائل الإسلام السياسى لا تدرك كل أبعادها. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهنئة وتحية تهنئة وتحية



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 15:53 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
المغرب اليوم - حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 02:37 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأسهم الأوروبية تنهي تداولات الأسبوع على انخفاض طفيف

GMT 03:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

كيف يمكن إحلال 40 مليار دولار واردات سنوية من مجموعة بريكس

GMT 21:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار عند أعلى مستوى في شهرين ونصف والين يتراجع

GMT 01:10 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بعض دول الـ«بريكس» لها مؤشرات اقتصادية عالية

GMT 02:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع الاحتياطي النقدي المصري 279% في 10 سنوات

GMT 02:41 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

دبي تطلق مشروع أكبر مكتبة في العالم العربي

GMT 03:05 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

ساندي تُبدي سعادتها بدورها في فيلم "عيش حياتك"

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عبد الحق الخيام يلقي نظرة الوداع على والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib