فساد النظام فى مرآة هدايا «الأهرام»

فساد النظام فى مرآة هدايا «الأهرام»

المغرب اليوم -

فساد النظام فى مرآة هدايا «الأهرام»

حسن نافعة

كشفت تحقيقات أجرتها نيابة الأموال العامة مؤخرا أن الرئيس مبارك وأسرته وبعض رجال نظامه، من أمثال أحمد نظيف وصفوت الشريف وأحمد فتحى سرور وزكريا عزمى وحبيب العادلى وغيرهم، حصلوا من «مؤسسة الأهرام» على هدايا بلغت قيمتها 100 مليون جنيه. ونشرت صحيفة الشروق منذ أيام قائمة الهدايا التى حصل عليها بعض هؤلاء، ولأن رب البيت كان بالدف ضارباً فمن الطبيعى أن يكون شيمة أهل البيت كلهم الرقص. لذا لم يكن غريبا أن يحصل أحمد نظيف، آخر رؤساء الوزارة قبل اندلاع الثورة، على هدايا من مؤسسة الأهرام وحدها بلغت قيمتها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة فقط مليونا و653 ألف جنيه، وهو ما يعادل حوالى مائة وعشرين ألف جنيه شهريا. فإذا وضعنا فى الاعتبار أن الفساد لم يكن مقصوراً على «مؤسسة الأهرام» وحدها أو على قطاع «الصحف القومية»، وإنما شمل جميع المؤسسات والقطاع، فلك أن تتخيل حجم ما حصل عليه رموز النظام السابق من أموال للتغطية على مظاهر فساد ينخر فى عظام الدولة والمجتمع. لو كانت هدايا «الأهرام» أو غيرها من مؤسسات «الصحف القومية»، على فجاجتها وفجرها، مقدمة من قطاع ناجح أو يقدم منافع وخدمات مجتمعية أو يدر موارد للخزانة العامة لهان الأمر. لكن المأساة أن هذا القطاع كان، ولايزال، مجرد بوق لكل نظام حاكم ومصدر نزيف مستمر لموارد الدولة، فقد أشار أحد رؤساء تحرير هذه الصحف، فى تصريحات نشرت يوم 29 أغسطس الماضى، إلى أن الخسائر المتراكمة للمؤسسات الصحفية «القومية» بلغت 3.5 مليار جنيه، كما بلغ إجمالى قروضها من المصارف 3.3 مليار جنيه، وإجمالى الضرائب المستحقة عليها 1.9 مليار جنيه، وإجمالى حقوق ملكية بالسالب (فى عام 2011 وحده) 2.2 مليار جنيه، وإجمالى الديون المستحقة عليها 8.7 مليار جنيه. أما الخسائرالصافية التى حققتها سبع مؤسسات منها خلال عام 2011 فقط فقد بلغت أكثر من 450 مليوناً. لن يختلف أحد على حقيقة باتت مؤكدة، هى أن فساد النظام السابق أدى إلى خراب كبير جدا يحتاج علاجه إلى سنوات، لكن هل استطاعت حكومات ما بعد الثورة أن تقوم بالتشخيص الصحيح لأسبابه الحقيقية وأن تبدأ فى تطبيق وسائل العلاج الصحيحة؟ لا أظن. فقد أبقت هذه الحكومات على نفس بنية النظام الذى أفرخ كل هذا الفساد، واكتفت باستبدال رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية موالين للنظام الحالى بآخرين موالين للنظام السابق. ومن الطبيعى أن يبدأ الموالون للنظام الجديد عهدهم بكشف بعض أوجه فساد النظام السابق للإيحاء بأن النظام الجديد أقل فسادا وأكثر طهارة. غير أنه هذه لعبة قديمة وباتت مستهلكة، لأن جميع حكام مصر «السابقين»، بمن فى ذلك أكثرهم فسادا، استخدموها فى البداية كوسيلة لترسيخ أقدامهم قبل أن يسقط القناع عن وجوههم الحقيقية. فكلنا يتذكر كيف قام الرئيس السادات فى بداية عهده بالتظاهر بأنه يسعى لعهد جديد تختفى فيه مظاهر القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، عن طريق الإفراج عن بعض المسجونين السياسيين، وقد التقطت له صور كثيرة وهو يقوم بضرب أول معول فى جدار بعض السجون إيذاناً بهدمها، لكن عهده انتهى فى لحظة كان كل رموز الحركة الوطنية فيها يقبعون داخل السجون. وكلنا نذكر كيف بدأ مبارك عهده بأحاديث مستفيضة عن «طهارة اليد» وعن «الكفن الذى ليس له جيوب»، لكنه ما لبث أن مد يده بعد ذلك إلى كل ما استطاعت أن تطاله من موارد البلاد، إلى أن انتفخت جيوبه كلها عن آخرها، لينتهى به المطاف بالسجن بعد الفضيحة. فهل يكرر الزمن نفسه؟ لا أظن أن نظاماً يُبقِى على مجلس الشورى حتى لا يفقد الأداة التى تمكِّنه من السيطرة على الصحف القومية، ويبقى على النسبة المخصصة للعمال والفلاحين لضمان حصوله على أغلبية المقاعد فى مجلس النواب القادم، يمكن أن يكون نظاما تختفى فيه مظاهر الفساد والاستبداد. فلن تختفى هذه المظاهر إلا بضرب بنية النظام القديم نفسها. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فساد النظام فى مرآة هدايا «الأهرام» فساد النظام فى مرآة هدايا «الأهرام»



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 15:53 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
المغرب اليوم - حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 02:37 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأسهم الأوروبية تنهي تداولات الأسبوع على انخفاض طفيف

GMT 03:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

كيف يمكن إحلال 40 مليار دولار واردات سنوية من مجموعة بريكس

GMT 21:29 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار عند أعلى مستوى في شهرين ونصف والين يتراجع

GMT 01:10 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بعض دول الـ«بريكس» لها مؤشرات اقتصادية عالية

GMT 02:26 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع الاحتياطي النقدي المصري 279% في 10 سنوات

GMT 02:41 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

دبي تطلق مشروع أكبر مكتبة في العالم العربي

GMT 03:05 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

ساندي تُبدي سعادتها بدورها في فيلم "عيش حياتك"

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عبد الحق الخيام يلقي نظرة الوداع على والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib