حسن نافعة
1- عام مثير للقلق
اليوم يبدأ عام ميلادى جديد، نتمنى من الله العلى القدير أن يعيده على شعب مصر بمسيحييه ومسلميه، وكذلك على جميع الشعوب العربية والإسلامية وجميع شعوب العالم، وهم فى حال أفضل من الحال التى هم عليها الآن.
يبدأ عام 2013 بينما شعور عارم بالقلق يسيطر على أغلب المصريين، وهو شعور له ما يبرره. فمجمل الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية لا تبعث على الاطمئنان، ولا يوجد ما يشير إلى أنها تتجه نحو التحسن.
ولأن ملفات عديدة تبدو مرشحة للحسم خلال هذا العام، فلا يوجد فى الواقع ما يدعو للإفراط فى التشاؤم، بل وربما تتوافر أسباب تدعو للتفاؤل، لكن دعونا نبدأ أولا باستعراض العوامل التى تبعث على القلق.
فعلى الصعيد المحلى، تبدو الصورة فى نهاية عام 2012 على النحو التالى: 1- دستور مختلف عليه، تم إقراره بعد أن أصر الحزب الحاكم على طرحه لاستفتاء عام، رغم شيوع حالة من الانقسام وصلت إلى درجة استقطاب حاد وخطر بين قوتين رئيسيتين إحداهما يمثلها تيار الإسلام السياسى والأخرى تمثلها بقية التيارات الأخرى. 2- سلطة تشريعية يمارسها مجلس شورى لم يُنتخب لهذا الغرض ولم يشارك فى انتخابه سوى نسبة ضئيلة جدا من المصريين. 3- أوضاع اقتصادية بائسة تتجه نحو التدهور بإيقاع متسارع قد يصل بها قريبا إلى حافة الهاوية. 4- خلل وارتباك فى هياكل صنع القرار تجعل الحزب الحاكم عاجزاً عن تقديم مبادرة جادة تنهى حالة الاستقطاب الراهن..
لذا يخشى كثيرون من أن تتحول الانتخابات البرلمانية المقبلة، التى يتعين إجراؤها خلال شهرين أو ثلاثة على أكثر تقدير، إلى ساحة لصراع حاد قد يتحول إلى صدام فى ظل أجواء تبدو شديدة الاحتقان، وهو ما قد يدفع بالأمور نحو حافة الهاوية.
وعلى الصعيد الإقليمى، تبدو الصورة على النحو التالى: 1- «ربيع عربى» لاتزال رياحه تواصل هبوبها على أنحاء متفرقة من العالم العربى محدثة تأثيرات متباينة بسبب تباين البنى السياسية والاجتماعية من دولة عربية إلى أخرى، ويرى البعض أن هذا «الربيع» تحول بالفعل إلى «خريف» بعد أن وصل إلى محطته السورية، ويوشك أن يتحول الآن إلى «شتاء» قارس. 2- ثورة شعبية سورية تبدو فى طريقها، بسبب انخراط أطراف إقليمية ودولية فيها، للتحول إلى حرب أهلية يخشى معها أن تنتهى بتقسيم «قلب العروبة النابض» إلى دويلات ترسم حدودها على أسس طائفية سرعان ما تنتقل عدواها إلى دول عربية أخرى مجاورة. 3- ترقب إسرائيلى للحظة سقوط النظام السورى، والتى يرى البعض أنها باتت وشيكة، لمضاعفة ضعوطها السياسية والعسكرية على إيران، وهو ما قد ينتهى بضربة عسكرية قد تكون لها آثار هائلة مدمرة على العالم العربى.
وعلى الصعيد العالمى، تبدو الصورة على النحو التالى: 1- نظام دولى فى حالة سيولة وبلا قيادة فاعلة بعد أن حدث تآكل نسبى فى عناصر القوة الشاملة للولايات المتحدة الأمريكية وتراجعت لديها نزعة الهيمنة والاندفاع نحو استخدام القوة المسلحة كوسيلة لحل النزاعات الدولية، خصوصا بعد إعادة انتخاب باراك أوباما لفترة ولاية ثانية. 2- أزمة مالية طاحنة تعصف بالاتحاد الأوروبى وتحد من طموحاته فى الصعود والتحول إلى قوة سياسية فاعلة فى النظام الدولى. 3- تحول فى موازين القوى فى نظام دولى لم يعد بمقدور دولة واحدة أن تسيطر عليه منفردة، وتنامى الدور الذى تطمح فى أن تلعبه قوى غير غربية، خاصة روسيا والصين، والتى تبدو الآن أكثر حرصا وتصميما على عدم ترك الساحة خالية للولايات المتحدة والدول الأوروبية.
غير أن هذه العوامل المختلفة، والتى تثير القلق وتشيع حالة من السيولة وعدم اليقين على جميع الصعد المحلية والإقليمية والدولية، تتفاعل مع عوامل أخرى قد تلعب دورا مهما فى وضع نهاية لعدد من الصراعات المشتعلة على جميع الجبهات، وهو ما قد يحيل عام 2013 أيضا إلى عام للحسم أيضا. فإلى الغد إن شاء الله.
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"