هل تخدع الجماعة نفسها أم تحاول خداع الآخرين

هل تخدع الجماعة نفسها أم تحاول خداع الآخرين؟

المغرب اليوم -

هل تخدع الجماعة نفسها أم تحاول خداع الآخرين

حسن نافعة

الشائع عن جماعة الإخوان أنها تعمل وفق مبدأ الشورى «وأمرهم شورى بينهم»، وأن أى قرار، خصوصا حين يتناول قضايا مهمة، لا يتخذ إلا بعد دراسته جيدا وتمحيصه من جميع جوانبه داخل هياكل تنظيمية واضحة ومحددة لصنع القرار. وقد سعت الجماعة، خصوصا بعد فوز مرشحها فى الانتخابات الرئاسية بأغلبية ضئيلة تقل عن 2%، للإيحاء بأنها قررت التخلى عن طموحاتها فى الهيمنة المنفردة على كل شىء، وأصبحت جاهزة للعمل وفق شعارها القديم «مشاركة لا مغالبة»، والانفتاح على القوى السياسية الأخرى. وفى هذا السياق بدا «إعلان فيرمونت» كأنه يؤسس لمرحلة جديدة فى العلاقة بين الجماعة والآخرين تقوم على التعاون وتقديم المصالح العليا للوطن على ما عداها. غير أنه سرعان ما تبين أن الشعارات المرفوعة شىء وما يجرى على أرض الواقع شىء آخر. وإليكم قصة لا تخلو من دلالة: بعد أسابيع قليلة من تنصيب الدكتور محمد مرسى رئيسا للدولة، تصادف أن دعيت مع الدكتور حلمى الجزار، أحد القيادات البارزة فى جماعة الإخوان المسلمين وفى حزب الحرية والعدالة، للمشاركة فى برنامج حوارى تبثه إحدى القنوات الفضائية. ولأننى أقطن منطقة سكنية قريبة من مدينة الإنتاج الإعلامى فقد استقللنا معا ـ الدكتور الجزار وأنا ـ سيارة واحدة فى طريق العودة، ودار بيننا حديث تشعب وامتد إلى موضوعات شتى، كان من بينها موضوع تنظيم مؤسسة الرئاسة فى المرحلة المقبلة. ولأن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كان فى مقدمة الشخصيات التى قيل إنها ترددت، أو حتى رفضت، قبول عرض بشغل منصب نائب الرئيس، فقد كان من الطبيعى أن يتطرق الحديث إلى هذه المسألة، وعندها فوجئت بالدكتور الجزار يميل علىّ، ويهمس فى أذنى، قائلا: «أعرف أن علاقة ودية تربط بينكما، فلماذا لا تبذل مساعيك الحميدة لإقناع الدكتور أبوالفتوح بقبول المنصب المعروض عليه؟». بدا لى الاقتراح غريبا بعض الشىء، خصوصا أنه يأتى من شخصية تربطها علاقة تاريخية وثيقة بالدكتور أبوالفتوح. غير أن إدراكى احتمال وجود حساسيات قد تحول دون استخدام قنوات الاتصال المباشرة دفعنى للترحيب بهذا الاقتراح والتعامل معه على محمل الجد، خصوصا أنه صادر عن قيادى مسؤول لديه معلومات كافية ومؤكدة حول فحوى الاتصالات التى جرت ومواقف الأطراف المختلفة. ولم أندهش كثيرا حين طلب الدكتور الجزار عدم الكشف عن هويته للدكتور أبوالفتوح. فى اليوم التالى مباشرة، أمسكت بالهاتف وجرى حديث مطول بينى وبين الدكتور أبوالفتوح. وبينما كنت أقدح ذهنى للتعرف على أنسب المداخل لإقناعه بقبول منصب نائب الرئيس، إذا بى أكتشف من ثنايا الحديث أنه لا يمانع من حيث المبدأ من التعاون مع الرئيس، لكنه لم يتلق أى عرض محدد، وأنه لم يسمع بهذا الموضوع إلا من وسائل الإعلام. وكان الرجل محقا تماما حين أكد أن أى عرض من هذا النوع لا يمكن أن يكون جادا، إلا إذا كان صادرا من الرئيس نفسه، ومن خلال اتصال شخصى ومباشر مع المعنيين به. كان حديثى مع الدكتور أبوالفتوح كافيا لإقناعى بعدم جدوى معاودة الاتصال بالدكتور الجزار، لكنه أصابنى بحيرة شديدة. وحين رحت أفكر فى أسباب ودلالات ما جرى، أرجعته إلى واحد من احتمالين، الأول: أن هذا الموضوع لم يناقش أصلا داخل الجماعة، وأن الدكتور الجزار استقى معلوماته حوله من وسائل الإعلام. والثانى: أن الدكتور الجزار كان على علم بعدم وجود أى عرض، وأن ما يجرى لم يكن سوى جزء من حملة دعائية تنظمها الجماعة للإيحاء بأنها منفتحة على الجميع، وتسعى للم الشمل، لكن الآخرين هم الذين يرفضون التعاون معها. لم أستبعد فى قرارة نفسى صحة الاحتمالين معا، غير أننى أصبحت أكثر ميلا فى الآونة الأخيرة لترجيح كفة الاحتمال الثانى، فكل المؤشرات باتت تؤكد، بما لا يدع أى مجال للشك، أن الجماعة لا تؤمن بمبدأ المشاركة، ولا تعترف بأى دور للآخرين، إلا إذا تم من خلالها وتحت إشرافها وقيادتها. لذا ليس لدى أدنى ثقة فيما يسمى «الحوار الوطنى» الدائر الآن فى قصر الاتحادية. ولأننى على قناعة تامة فى الوقت نفسه بأن مصر أكبر من الجماعة، فلا يخامرنى أى شك فى أن هذا السلوك الأنانى والمتعجرف يشكل خطورة كبيرة لا على مصر وحدها، لكن على الجماعة نفسها نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تخدع الجماعة نفسها أم تحاول خداع الآخرين هل تخدع الجماعة نفسها أم تحاول خداع الآخرين



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

GMT 17:42 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أمر شائن!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib