حسن نافعة
يرى نتنياهو أن إسرائيل تتعرض حالياً لتحديات كبيرة تقع عليه مسؤولية مواجهتها بما تتطلبه من حسم. ولأنه يطمح فى تحقيق إنجاز تاريخى يمكّن المشروع الصهيونى من تحقيق انتصاره النهائى بإقامة دولة إسرائيل الكبرى، نعتقد أن سياساته ستتمحور فى المرحلة القادمة حول محاور ثلاثة. فعلى الصعيد المحلى: سيسعى نتنياهو لتحقيق الأهداف التالية:
1- تكثيف الاستيطان ومد نطاقه إلى أبعد مدى ممكن على امتداد الضفة الغربية كلها.
2- إخماد المقاومة الفلسطينية المسلحة تماما لتمهيد الطريق أمام تصفية القضية الفلسطينية نهائيا.
3- فرض تسوية بالشروط الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى، لا تتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على كل الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967. وعلى الصعيد الإقليمى: سيسعى نتنياهو لتحقيق الأهداف التالية:
1- منع إيران ليس فقط من امتلاك السلاح النووى ولكن أيضا من استيعاب المعرفة النووية بطريقة كاملة، حتى لا يصبح فى مقدورها تصنيع السلاح النووى فى أى وقت تريد.
2- العمل بكل الوسائل الممكنة لتحويل «الربيع العربى» - الذى مكن الشعوب العربية من إسقاط نظم حليفة كانت تعتمد عليها إسرائيل فى تسويق سياساتها الإقليمية - إلى «خريف» يمهد الطريق نحو حروب أهلية تساعد فى النهاية على إعادة ترسيم خريطة المنطقة وفق أسس طائفية وعرقية. وعلى الصعيد العالمى: سيسعى نتنياهو بكل الوسائل الممكنة للحيلولة لتحقيق الأهداف التالية:
1- حصار أوباما من الداخل للحيلولة دون تمكينه من ممارسة ضغوط تحد من طموحات إسرائيل الإقليمية.
2- رفض أى محاولات تسعى لفرض تسوية سلمية دولية للصراع العربى - الإسرائيلى.
فى سياق كهذا من الطبيعى أن تصبح تصفية حماس، وتدمير منشآت إيران النووية، هدفين مشروعين، من وجهة نظر نتنياهو، ويسهل فهم الأسباب التى دفعته لاتخاذ قرار بالتصعيد العسكرى فى مواجهة حماس فى هذا التوقيت بالذات، وهو ضغط قد يصل إلى حد الغزو البرى، شامل أو جزئى، لقطاع غزة.
يأمل نتنياهو من حملته العسكرية المتصاعدة على القطاع تحقيق مجموعة أهداف تكتيكية تتسق مع أهدافه الاستراتيجية على جميع الأصعدة المحلية والإقليمية، فعلى الصعيد المحلى: يأمل نتنياهو فى تحقيق إنجاز عسكرى يساعد تحالف اليمين المتطرف، الذى يقوده بالتعاون مع أفيجدور ليبرمان، فى كسب جولة الانتخابات المبكرة التى ستعقد فى يناير القادم. وعلى الصعيد الإقليمى: يأمل نتنياهو فى تحقيق مجموعة من الأهداف، بعضها يخص مصر تحديدا، وبعضها الآخر يخص قوى إقليمية أخرى عربية وغير عربية. ففيما يتعلق بمصر، يأمل نتنياهو فى:
1- اختبار مدى صلابة العلاقة بين نظام حاكم جديد تقوده جماعة «الإخوان المسلمون» وبين حكومة حماس، التى ينظر إليها عادة باعتبارها جزءاً من التنظيم العالمى لهذه الجماعة.
2- توسيع الفجوة بين قيادة سياسية لديها من الأسباب ما يدفعها لنجدة تنظيم ترى فيه امتداداً طبيعياً لها على الصعيدين الأيديولوجى والتنظيمى، وقيادة عسكرية تبدو أكثر ارتباطا بالمصالح الوطنية التقليدية للدولة المصرية، كما رسمها النظام السابق، وأكثر إحجاما عن الدخول فى مغامرات عسكرية.
3- إرباك الوضع الداخلى فى مصر وإطالة المرحلة الانتقالية بما يحول دون استقرار الأوضاع السياسية بسرعة ويمهد الطريق لتوسيع الفجوة بين الشعب والقيادة السياسية الحالية. أما فيما يتعلق بالأطراف الإقليمية الأخرى فيأمل نتنياهو فى:
1- توريط إيران فى الأزمة، تمهيدا لجرها إلى مواجهة تسعى لها إسرائيل، أو إجبارها على الصمت بما قد يسهم فى إضعاف نفوذها فى المنطقة.
2- اختبار المدى الذى يمكن أن تصل إليه ردود الأفعال الشعبية العربية فى ظل أوضاع سياسية متغيرة.
3- جذب الانتباه بعيدا عما يجرى فى سوريا بالقدر الذى يسمح بإطالة أمد الأزمة وتمهيد الطريق أمام تحول الصراع الدائر هناك إلى حرب أهلية تنتهى بتفكيك سوريا.
4- إعادة تشكيل التحالفات فى المنطقة، بما يسمح بتدعيم النفوذ التركى الأكثر ارتباطا بالمصالح الغربية والإسرائيلية على حساب النفوذ الإيرانى.
هذا ما يأمله نتنياهو، لكن هل سيدركه كله أو بعضه. لا أعتقد ذلك.
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"