هيبة الدولة
مسيرات الجيش السوداني تقصف عدداً من المواقع التابعة لميليشيا الدعم السريع غربي أم درمان ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة في مطار بكوريا الجنوبية إلى 174 قتيلاً الملاكم البورتوريكي بول بامبا بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية عن عمر يناهز 35 عاماً قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل د. حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة منظمة الصحة العالمية تعلن إصابة موظف بجروح خطيرة نتيجة قصف إسرائيلي استهدف مطارًا في اليمن أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو
أخر الأخبار

هيبة الدولة

المغرب اليوم -

هيبة الدولة

فهمي هويدي

يتردد مصطلح «هيبة الدولة» فى الفضاء المصري هذه الأيام محدثا رنينا متعدد الأصداء. وقد تجدد الحديث عن تلك الهيبة مستصحبا عددا لا بأس به من علامات الاستفهام، حين ذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل فى حلقة الحوار التليفزيونى الذى أجرى معه يوم الجمعة الماضى (26/12) أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان قد وافق على تعديل قانون تنظيم التظاهر الذى أثار استياء وغضب كثيرين فى مصر، لكن التعديل تأجل لبعض الوقت بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة. وهى قصة أيدت صحتها بعض القرائن، فى مقدمتها ما ذكرته مصادر المجلس القومى لحقوق الإنسان من أن التعديل المذكور اقترحه المجلس، وعرضه رئيسه السيد محمد فائق على رئيس الجمهورية الذى اقتنع به.

الواقعة تحتمل أكثر من قراءة. من ناحية فهمى قد تعيد إلى الأذهان القصة التقليدية التى تعتمد إلى تبرئة المسئول الأول وتوجه اللوم وأصابع الاتهام إلى المحيطين به. وهو التقليد الذى يمتد جذوره إلى عصر قصص ألف ليلة وليلة التى تحدث بعضها عن السلطان الطيب والحاشية التى تسلل إليها الأشرار. بل إن جيلنا تابع شيئا من ذلك فى عهد الملك فاروق الذى رأى فيه البعض صورة السلطان الطيب فى حين أن بطانته أساءت إليه ممثلة فى أحمد حسنين باشا والإيطالى انطون بوللى رجل الغواية الشهير. وهو ما حدث فى عهد الرئيس عبدالناصر الذى حملت أوزاره على صلاح نصر وحمزة البسيونى.. إلخ.

ثمة قراءة ثانية تسلط الضوء على قوة البيروقراطية المصرية ونفوذ المؤسسة الأمنية، وكيف أنه بمقدور كل منهما أن يضع العراقيل التى توقف أى تحرك حتى وإن كان إيجابيا. إذ فى الحالة التى نحن بصددها وجدنا أن رئيس الدولة وافق على تعديل القانون الذى أعده مجلس حقوق الإنسان. ولأن المجلس معين أصلا من قبل السلطة فإن التعديل الذى اقترحه يفترض أنه عالج ثغرات فى القانون على نحو يخفف التوتر القائم بين النظام وبين شباب الثورة. بما يعنى أنه يخدم النظام فى نهاية المطاف، ومع ذلك فإن أطرافا أخرى فى السلطة كان بمقدورها تعطيل إصداره لحسابات ارتأتها، على غير الرغبة التى أبداها رئيس الدولة.

القراءة الثالثة تثير التساؤل حول مفهوم هيبة الدولة ومصدر تلك الهيبة المفترضة. وهل تكتسب بالشدة والتمسك بصواب القرار. أم تتحقق بسعة الصدر وتفهم وجهة النظر الأخرى وإبداء الاستعداد للتراجع عن القرار لصالح ما هو أجدى وأكثر صوابا. وهل يعد التراجع فى هذه الحالة نيلا من الهيبة أم تعزيزا لها.

تهمنى هذه النقطة الأخيرة التى أزعم أنها بحاجة إلى تحرير. فى هذا الصدد فإننى لن أطيل الوقوف أمام التفرقة بين الدولة والنظام لأننا كثيرا ما نخلط بينهما حتى صرنا نختزل الأولى فى الثانية بحيث تعتبر أى نقد للنظام أو معارضة له نيلا من هيبة الدولة ودعوة إلى إسقاطها.

وهو خلط يستهدف الترهيب ويسعى إلى تكميم الأفواه وتوجيه أصابع الاتهام إلى الناقدين والمعارضين، لأن العكس هو الصحيح. ذلك أن النقد يمكن أن يؤدى إلى التصويب الذى من شأنه أن يقوى الاثنين، النظام والدولة فى ذات الوقت. وليس خافيا على أحد أن قوة الدولة تقاس فى بعض أوجهها بقوة نظامها وقوة النظام هى التى تحدد مؤشر الهيبة فى صعوده أو هبوطه. إلا أن المشكلة الكبرى تكمن فى مفهوم القوة المنشودة. ذلك أن هناك مفهوما شائعا فى بعض دوائر السلطة يقيس قوة الدولة بمقدار ما توافر لها من عضلات وشرطة وجيش. وتلك عناصر مهمة ولا غنى عنها، إلا أن الاكتفاء بها يعد تعريفا ساذجا ومبسطا للقوة. فضلا عن أنها مما يورث الخوف ولا يضمن الهيبة. إذ إننا فى هذه الحالة نكون بإزاء سلطة قمعية ودولة بوليسية وإن تجملت بمختلف الأقنعة والألبسة والديكورات.

ما أفهمه أن قوة الدولة تستمد من عافيتها السياسية والاقتصادية قبل شرطتها وجيشها. وهيبة الدولة تستمد من إقامة العدل وكفالة الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان وكرامته. وتنتقص الهيبة ويتراجع منسوبها بمقدار الخلل الذى يصيب الالتزام بأى من تلك القيم. من هذه الزاوية فإن الذين أجلوا تعديل قانون تنظيم المظاهرات لم يكونوا يدافعون عن هيبة الدولة ولكنهم كانوا يدافعون فى حقيقة الأمر عن القبضة الأمنية ويحرصون على تخويف الشباب وإرهابهم بأكثر من حفاظهم على هيبة السلطة واحترامها. ذلك أن تراجع السلطة خطوة أو خطوات إلى الوراء فى تعبير عن اتساع صدرها وحرصها على الاحتواء وامتصاص غضب الشباب يكسبها احتراما وثقة لا حدود لهما. ولا وجه للمقارنة بين موقف من ذلك القبيل، وبين تشبث السلطة بموقفها دون تراجع. وإصرارها على مواجهة الشباب بالمدرعات والخرطوش وخراطيم المياه والمحاكم العسكرية.

إن اللغة والمصطلحات كثيرا ما باتت تستخدم فى التضليل والتدليس، ومن ثم فإن مشكلتنا لم تعد مع مصطلح قوة الدولة أو هيبتها، ولكنها باتت فى الاتفاق على مضمون المصطلح ومحتواه. والخلاصة أننا سنظل مع الهيبة التى تقيم العدل وتضمن الحرية وضد الهيبة التى تسوغ القمع وتستر الظلم.

"الشروق"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هيبة الدولة هيبة الدولة



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 06:52 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

«بضع ساعات فى يوم ما».. شريط سينمائى يفضح المسكوت عنه!

GMT 06:48 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

«ماكينات» الفكر

GMT 06:46 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أوضاعها تُدمى القلوب!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 15:38 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 01:10 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

"أوتلاندر PHEV" تحفة ميتسوبيشي الكهربائية

GMT 18:01 2023 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تحطم طائرة عسكرية أميركية في شرق البحر المتوسط

GMT 10:04 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

دليل صيحات الألوان العصرية لربيع وصيف 2023

GMT 07:24 2022 الإثنين ,03 تشرين الأول / أكتوبر

وزير العدل المغربي يكشف تفاصيل العقوبات البديلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib