هم مسكوت عليه

هم مسكوت عليه

المغرب اليوم -

هم مسكوت عليه

فهمي هويدي


ليس سد النهضة الإثيوبى هم مصر المائى الوحيد، لأن هناك هما آخر مؤجلا ومسكوتا عليه يتمثل فى التهديد الذى ذكرت التقارير ان دلتا النيل ستتعرض له بسبب التغيرات المناخية الحاصلة فى العالم جراء ارتفاع درجات الحرارة وذوبان جليد القطبين الشمالى والجنوبى. وهو ما نبه إليه تقرير أصدرته الأمم المتحدة فى عام ٢٠٠٧، كان قد حذر من النتائج المترتبة على تلك المتغيرات خلال العشرين سنة التالية، ومنها ان منسوب المياه فى البحر المتوسط سوف يرتفع بمقدار نصف متر، مما يؤدى إلى إغراق وتبوير ١٨٠٠ كليومتر مربع من أخصب الأراضى الزراعية ويجبر نحو أربعة ملايين مواطن على الهجرة جنوبا.

حول هذا الموضوع تلقيت رسالة من السيد محمود عبدالمنعم القيسونى الذى كان مستشارا لوزيرى السياحة والبيئة لشئون البيئة السياحية. وإذ أشار فيها إلى تقرير الأمم المتحدة الذى وصف بالتقرير الأزرق، فإنه ذكر أن المنظمة الدولية أعلنت فى عام ٢٠٠٨ ان المتغيرات المناخية ستؤدى إلى حدوث عواصف وفيضانات وسيول مدمرة، وهو ما حدث ويحدث فى شمال مصر، وأدى إلى إصابة ولاية كاليفورنيا الأمريكية التى توازى نصف مساحة مصر بحالة من الجفاف الرهيب. ولأنها المنتج الرئيسى للمحاصيل الزراعية فى الولايات المتحدة، فإن صدمة الجفاف ضربت مساحات هائلة من الأراضى ودفعت حاكم الولاية إلى فرض قيود صارمة على استخدامات المياه فيها.

القلق استمر بعد ذلك. إذ أشار إلى أنه فى عام ٢٠١٣ أعلن وزير الدفاع الأمريكى ان تلك التغيرات تهدد الأمن القومى بشكل فعال. وفى أوائل عام ٢٠١٤ أصدرت الأمم المتحدة ملحقا للتقرير الأزرق ذكر ان صور الأقمار الصناعية أثبتت أن معدل ذوبان الجليد أسرع بكثير مما كان مقدرا، وهو ما يضاعف الأخطار التى تهدد مصر، حيث يقدر ان المساحة التى ستتعرض للغرق والبوار من أراضى الدلتا تقدر بنحو ٤٥٠٠ كيلومتر مربع مما سيوثر سلبا على حياة ستة ملايين مواطن مصرى. ونشر مع التقرير ثلاث صور صادمة لذوبان ثلوج القطبين، أكد صحة هذه المعلومات العلمية ما حدث فعلا بمصر خلال السنوات الماضية حين تساقطت كرات الثلج بغزارة على الأراضى الزراعية شرق الدلتا مما دمر تماما المحاصيل الزراعية فى هذا القطاع. كما سقطت أمطار غزيرة على مطروح مما تسبب فى أعطال كبيرة للطاقة الكهربائية بالمدينة وفى ذات الوقت دمرت السيول الصحراوية الجارفة الطرق وقرى فى أماكن متفرقة من مصر.

وفى أول ديسمبر من عام ٢٠١٢ ولأول مرة فى التاريخ هطلت كرات الثلج بغزارة لتغطى كامل مساحة محمية «علبه» أقصى جنوب الصحراء الشرقية. وكانت موجة الحر الشديد التى حدثت عام ٢٠١٠ قد أضرت بالعديد من مزارع وادى النيل والدلتا.

استطرادا ذكر أنه فى عام ٢٠١٣ تعرض الوادى الجديد لموجة حر شاذة أدت إلى ذبول سنابل القمح وأحدثت أضرارا بالغة بالمحاصيل الزراعية. وبسبب الحر هاجمت مصر من الجنوب جحافل الجراد الأحمر لمسافة ألف وخمسمائة كيلومتر ووصلت العاصمة. وأحدثت أضرارا بالغة بسبعة وثلاثين ألف فدان من الأراضى الزراعية.

فى ختام الرسالة قال السيد القيسونى انه طالما ان مصر من بين الدول التى ستتأثر بتلك التغيرات المناخية فإن ذلك يثير السؤال التالى: ما هى الترتيبات والاحتياطات التى اتخذتها الجهات الحكومية المعنية لمواجهة الاحتمالات المنتظرة؟.. وأشار فى هذا الصدد إلى أن بعض الدول تعاملت بجدية مع تلك المخاطر منها اندونيسيا التى بدأت نهاية العام الماضى فى بناء حائط هائل فى البحر أمام سواحل عاصمتها جاكرتا لحمايتها والمدن المتاخمة لها من ارتفاع منسوب البحر. الذى يؤدى إلى غرقها. الخطر لاح فى موريتانيا أيضا. فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية التى التقطت فى أبريل من العام الحالى ٢٠١٥ مقدمات غرق القطاع الغربى من العاصمة نواكشوط. الذى يضم المطار الدولى، حيث بدأت مياه المحيط الأطلسى تغمرها تدريجيا. وهو ما أصبح يهدد كامل العاصمة بالغرق خلال السنوات القليلة القادمة. لذلك سارعت الحكومة إلى عقد اتفاق مع بعض المؤسسات لتنفيذ مشروع ينتهى عام ٢٠١٧ استهدف تأهيل وتدعيم الحاجز الرملى على السواحل الموريتانية بارتفاع أربعة أمتار مع ردم أى ثغرات ونشر شبكات إنذار مبكر على طول الحاجز.

للعلم فإنه طوال السنوات الماضية قدم مجموعة من العلماء المصريين الدوليين على رأسهم الدكتور مصطفى كامل طلبة ما سمى بالبلاغ الوطنى الأول والثانى والشامل وضمنوا فى بلاغاتهم مقترحاتهم لمواجهة المخاطر المحتملة. ولم يعرف مصير تلك النداءات وكان العالم الراحل الدكتور محمد القصاص قد ناشد الأمم المتحدة تفعيل المشروع الألمانى الصادر عام ١٩٢٨ والخاص بحماية دول حوض المتوسط ودول حوض الأحمر من خطر ارتفاع منسوب مياه البحار وهو أمر يحتاج لتكاتف هذه الدول للتنفيذ.

هذا الكلام ليس من اختصاص وزارة الموارد المائية وحدها كما يبدو لأول وهلة، لأن القضية أكبر بكثير من محيط وزارة بذاتها، لأنها فى النهاية مسألة أمن قومى كما قال بحق وزير الدفاع الأمريكى. لذلك يتعين ان يلقى الموضوع ما يستحقه من اهتمام، للتثبت من المعلمات الأساسية أولا، ثم للتفكير فيما يجب عمله بعد ذلك، وفى كل الأحوال فليتنا نتخلى عن شعار اليائسين والمحبطين الذين اعتادوا فى مواجهة كل مأزق ان يرددوا مقولة «أحيينى اليوم وأمتنى غدا». ذلك انه يعبر عن أنانية وقصر نظر فضلا عن أنه يؤسس لجريمة بحق المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هم مسكوت عليه هم مسكوت عليه



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib