حظوظ الغلابة
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

حظوظ الغلابة

المغرب اليوم -

حظوظ الغلابة

حظوظ الغلابة
فهمي هويدي

أهم خبرين نشرتهما الصحف المصرية أمس (١٩/٨) هما: انتحار عامل فى محافظة الغربية بسبب عجزه عن توفير علاج ابنه. بعدما اكتشف إصابته بالسرطان ولم يستطع أن يوفر له ثمن علاجه الكيماوى. الخبر الثانى من الأقصر، وقد تحدث عن ان أحد عمال النظافة أصيب بضربة شمس جراء ارتفاع درجة الحرارة، بعدما أجبر هو وزملاؤه على الخدمة فى الطريق العام طوال ١١ ساعة متواصلة، بسبب مرور موكب رئيس الوزراء.

خلاصة القصة الأولى التى أبرزتها صحيفتا «المصرى اليوم» و«الوطن» ان أشرف فاروق البالغ من العمر ٤٥ عاما الذى يعمل حدادا بإحدى شركات المقاولات فى النهار كما يعمل حارسا بنادى بلدية المحلة الكبرى فى الليل، صدم حين علم أن ابنه كريم (١٣ سنة) بالسنة الثانية الإعدادية مصاب بالسرطان. ورغم ان الرجل يعمل بالنهار والليل وان زوجته تعمل بأحد مصانع النسيج، إلا أنه لم يستطع توفير نفقات العلاج الكيماوى لابنه. الصدمة أوصلته إلى حالة اليأس، لأنه لم يجد حلا للمشكلة، وعبر عن يأسه لشقيقه حتى قال له إنه أصبح يتمنى الموت وهو يرى ابنه عاجزا عن التنفس والبلع، وتنتابه حالات من الإغماء والتشنج بين الحين والآخر، ومن ثم بدا وكأنه يموت ببطء كل يوم. لم يكن كلام أشرف تعبيرا عن الشعور بالإحباط بقدر ما كان تعبيرا عن قرار اتخذه حين لم يجد أمامه خيارا آخر.، لم تمض ٢٤ ساعة على هذا الكلام حتى عثرت الزوجة ذات صباح على زوجها أشرف معلقا بحبل غسيل من رقبته فى شرفة المنزل. وبانتحاره فإنه حل مشكلة يأسه وترك مشكلة ابنه كريم لزوجته.

القصة الثانية نشرتها صحيفة «الوطن» وخلاصتها ان عامل النظافة عبدالمنعم خير عبدالمطلب (٥٦ سنة) كان قد قضى ١١ ساعة فى العمل بالشارع، تنفيذا لتعليمات رؤسائه. للحفاظ على نظافة الشوارع أثناء مرور موكب رئيس الوزراء الذى جاء لزيارة الأقصر. وتنفيذا للتعليمات فإن الرجل تسلم عمله فى السادسة صباحا وكان مقررا ان يبقى فى الشارع ــ وسط لهيب الحر ــ حتى الخامسة بعد الظهر. وطبقا للخبر المنشور فإن أحد مشرفى النظافة استوقف رئيس المدينة الذى كان يتحرك فى سيارة مكيفة. وأخبره بأن العمال أصابهم الإعياء، وسوف يسقطون بسبب حرارة الشمس المرتفعة، إلا أنه أمره بضرورة استمرارهم فى العمل تحسبا لمرور موكب رئيس الوزراء. إلا أنه لم تمض ساعة على ذلك حتى سقط عبدالمنعم خير على الأرض من فرط الإعياء. ونقل إلى مستشفى الأقصر الدولى جثة هامدة. محافظ الأقصر قرر إحالة رئيس مجلس المدينة البياضية للتحقيق فى الواقعة، وزار عائلة العامل المتوفى، وأمر بصرف إعانة عاجلة لهم قيمتها ٣٠ ألف جنيه. كما أمر بسداد مبلغ ١٩ ألف جنيه قيمة قرض كان الرجل قد حصل عليها من أحد البنوك قبل وفاته.

للصدفة فإن محافظة الغربية فى قلب الدلتا كانت مسرح القصة الأولى ومحافظة الأقصر فى جنوب الصعيد مسرح القصة الثانية، كأنما بدت القصتان رمزا لحظوظ الغلابة فى بر مصر، من شمالها إلى جنوبها. وإذا صحت المعلومات المنشورة فإنها تدق الأجراس بقوة منبهة إلى ان معاناة الغلابة والفقراء فى مصر تحتاج إلى نظرة جادة من جانب السلطة والمجتمع فى ذات الوقت، لا أعرف كم عدد المرضى الذين يعجزون عن دفع نفقات علاجهم، فمنهم من ينقذه الموت من الذل ومهانة السؤال، ومنهم من يقدم على الانتحار لكى ينقذ نفسه من العذاب اليومى الذى يعانى منه بسبب عجزه عن توفير الدواء. لكن الذى أعرفه أن انتحار الرجل مسئولية المجتمع بأسره، وان شعوره بالذل والقهر لابد أن يشفع له عند الله يوم الحساب. لا أريد أن أقلل من الجهد الذى يبذل لإغاثة المرضى من الضعفاء والفقراء، لكننى رغم ذلك أزعم ان انتحار عامل فقير بسبب العجز ليس له أن يمر وكأنه خبر عادى. ولكن ينبغى أن يشعرنا جميعا بالإثم لأننا لم نمد له يد العون فدفعناه إلى اليأس بحيث لم يكد يرى مخرجا إلا بالانتحار، الذى هو بمثابة حكم عمم علينا الاتهام والإدانة. لنا أن نتحدث رغم كل شىء عن تدهور خدمات المستشفيات وعجز الوحدات الصحية، لكننا لا ينبغى ان نعفى الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى من المسئولية. بذات القدر فإننا بحاجة لأن نتحرى التآكل الذى أصاب قيمة التكافل فى المجتمع، ضمن التراجع والانحسار فى منظومة القيم الايجابية، وإسهام تقلبات السياسة فى ذلك.

القصة الثانية لها رمزيتها من حيث انها تعبر عن حظوظ الغلابة بين عمال الحكومة وموظفيها. ذلك ان عامل النظافة طلب منه ان يظل مصلوبا تحت الشمس الحارقة طوال ١١ ساعة، فى حين أن رئيس المدينة مر عليه فى عربته المكيفة وأصر على ان يبقى هو وأمثاله فى أماكنهم ليطمئن على أن رئيس الوزراء سوف يمر ولن يرى ما يؤذى عينيه وهو فى موكبه وسيارته المكيفة.

إن ملايين الفقراء فى مصر بحاجة إلى جهد خاص يخفف من عذاباتهم. والحادثان اللذان أشرت إليهما ليسا جديدين لكنهما من نماذج الأجراس التى تدق بين الحين والآخر للتنبيه والتحذير أيضا. ذلك ان حبال الفقراء طويلة حقا وأجسامهم هزيلة حقا وشعورهم بالعجز والقهر قصم ظهورهم وكسر قلوبهم حقا، لكننا نعرف ان للصبر حدودا وان ثمة علاقة بين عمق الشعور بالعجز وبين دوى انفجارات المقهورين.

فى كتب التراث ان الخليفة عمر بن الخطاب قال ذات مرة انه لو عثرت بغلة فى بغداد لخشيت أن اسأل عنها أمام الله يوم القيامة. وما نحن بصدده ليس بعيدا عن العين فى بغداد، لكنه للأسف بعيد عن القلب فى دلتا مصر وصعيدها. مع ذلك فنحن مشغولون عنه، فى حين أن رعاية الفقراء والحفاظ على كرامتهم وإنسانيتهم بدورها أهم مشروع عملاق فى مصر، ليته يحتل مكانته ضمن أولوياتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حظوظ الغلابة حظوظ الغلابة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 08:46 2014 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

افتتاح مطعم للفلافل في شارع محمد السادس في مراكش

GMT 08:59 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

12 مغربيًا في وضعية صعبة محتجزون لدى عصابة ليبية

GMT 10:29 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الضّعف الجنسي عند الرّجل سببه المرأة

GMT 19:17 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

زكرياء حدراف يصرّ على مغادرة الدفاع الجديدي

GMT 10:25 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

عمر هو عمر

GMT 16:22 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حكاية غريبة لـ"رحى" تساعد النساء على إيجاد العرسان بسرعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib