ترزية التاريخ
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

ترزية التاريخ

المغرب اليوم -

ترزية التاريخ

فهمي هويدي

من يتابع ما نشرته وسائل الإعلام المصرية خلال الأيام السابقة على حلول ذكرى فض اعتصام رابعة (أمس ١٤ أغسطس) لا تفوته ملاحظة أن الذى قيل هذا العام هو ذاته الذى قيل فى العام السابق مع بعض الإضافات القليلة. فقد تكرر الكلام عن التحريض ضد الجيش والشرطة، وتخزين السلاح، ومبادرة المعتصمين إلى مهاجمة الشرطة التى «اضطرت» إلى استخدام السلاح دفاعا عن النفس.. إلخ. إلا أن متحدثا على أحد القنوات ذهب إلى أبعد يوم الأربعاء الماضى ١٢/٨، حين قال إن المعتصمين سهلوا الدعارة وأقاموا خياما للنكاح، كما أقاموا خياما أخرى لتيسير تعاطى المخدرات. وكان ذلك اكتشافا جديدا لم يذكر من قبل وانفرد به المتحدث «حصريا». لا يهم أن يكون القائل فى هذه الحالة مديرا سابقا لاتحاد كرة القدم، لأن الأهم أن الكلام جرى بثه تليفزيونيا، وأن المجال والأجواء العامة باتت تحتمل الترويج لمعلومات من ذلك القبيل.
لأن معالجات الحدث فى الإعلام تتم فى ظل الظروف التى تعرفها، فإن الأمر يمكن أن يكون مفهوما. ذلك أن أى متحدث بات بوسعه أن يطلق العنان لخياله، ويأخذ راحته فى تقييم ما جرى والمزايدة على الجميع فى عرض الوقائع. ولا تثريب عليه فى ذلك ولا لوم؛ إذ طالما أنه راكب للموجة ومدرك لاتجاه الريح فإنه سيظل فى السليم. حتى إشعار آخر على الأقل. والأمر كذلك. فليس مستغربا أن يعيد المتحدثون والمعلقون سرد ما قالوه فى العام الماضى بتفاصيله وأحيانا بنصه. ويظل الباب مفتوحا على مصراعيه لزيادة العيار حبتين أو أكثر ـ كما نقول ـ بحيث يتم التصعيد فى الدرجة مع ثبات الحفاظ على النوع. ولأن الأمر كذلك فإننى أستطيع أن أسجل الآن مضمون وعناوين ما ستنشره أو تبثه وسائل الإعلام حين تحل المناسبة فى العام القادم طالما ظلت الأوضاع السياسية كما هى. خصوصا أننى أتصور أن جعبة الهجاء أفرغت ما فيها، إذ بعد إضافة تسهيل الدعارة وتعاطى المخدرات فى سيناريو العام الحالى، فإن خيالى لا يتوقع أكثر من ذلك فى سيناريو العام القادم أو الذى يليه.
ليس عندى أى دفاع عما جرى فى رابعة سواء من جانب المعتصمين أو الذين فضوا الاعتصام. لكن أستطيع أن أقرر أمرين، الأول أننا نقرأ وقائع الحدث من وجهة نظر واحدة، هى بالدرجة الأولى وجهة نظر النظام القائم والمؤسسة الأمنية، فى حين لن يتاح لأى باحث منصف أو محلل موضوعى أن يكوِّن رأيا إلا بعد أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى التى هى مغيبة ومحجوبة فى الوقت الراهن. الأمر الثانى أن هناك اختلافا فى توصيف ما جرى. يختلف باختلاف موقع المتحدث. فالضحايا والحقوقيون المستقلون يصفونه بأنه «مذبحة»، أما الموالون للسلطة، وهم الأغلبية الساحقة فى وسائل الإعلام، فإنهم يصفونه أحيانا بأنه موقعة، ومنهم من يعتبره عدوانا على الشرطة والجيش. أو حلقة فى مسلسل إشاعة الفوضى لإسقاط الدولة.
النقطة التى تهمنى فى الموضوع هى أن التاريخ المعتمد والموثوق فيه هو وحده الذى تتجرد كتابته من الهوى السياسى. وإذا كان معلوما أن الحقيقة تظل أولى ضحايا الصراعات فإنه فى المجتمعات غير الديمقراطية بوجه أخص يصبح ذلك التجرد فى كتابة التاريخ مستحيلا، ذلك أنه لابد أن يستلهم وجهة نظر السلطة ويعبر عنها. بحيث يصنف الكتاب فى هذه الحالة ضمن «ترزية التاريخ»، وهو ما أبرزه جورج أورديل فى روايته الشهيرة (١٩٨٤) الذى صور فيها واقع إنجلترا إذا ما خضع لحكم النازى. وكانت «وزارة الحقيقة» هى التى تكتب التاريخ وتتولى صياغة وقائعه بحيث يظل «الأخ الأكبر» هو محوره ومحركه دائما.
أشرت من قبل عما قرأته بخصوص التجربة الإسبانية. ذلك أن إسبانيا خضعت لحكم الجنرال فرانكو فى أعقاب الحرب الأهلية بين الجمهوريين واليمينيين التى استمرت بين عامى ٣٦ و٣٩، وخلال سنوات حكمه التى استمرت حتى عام ١٩٧٥ فإن الرجل فرض على المجتمع روايته لوقائع وسنوات الصراع بين الجانبين، حيث أدى الجمهوريون فيها دور الشيوعيين الأشرار فى حين قدم اليمينيون باعتبارهم المنقذين والطيبين والأبرار.
وحين مات الرجل فى ذلك العام كان المجتمع منقسما بحيث بدا أن ذلك الانقسام الذى هدد الوحدة الوطنية يشكل عقبة فى سبيل إقامة الديمقراطية فى البلاد. وأدركت النخبة الحاكمة أن الطريق إلى تحقيق الوحدة المنشودة وإعادة الاصطفاف الوطنى لا سبيل إلى تحقيقهما إلا بإعادة كتابة التاريخ الحقيقى والصحيح للمجتمع الإسبانى. ولتحقيق ذلك الهدف شكلت عدة لجان وعقدت جلسات استماع تحدث فيها الشهود الأحياء وانتهى الأمر بطى صفحة التاريخ الذى روج له فرانكو وجماعته، وتم التوافق على رواية للحقائق كما كانت وليس كما صاغتها آلته السياسية.
الشاهد أنه فى المجتمعات غير الديمقراطية فإن الطرف المتغلب ـ شأن أى منتصر ـ هو الذى يكتب التاريخ أما فى ظل الديمقراطية فإن المجتمع هو الذى ينهض بتلك المهمة من خلال أهل الاختصاص والخبرة الذين ينتخبهم. بسبب من ذلك فأزعم أننا سنحتاج إلى وقت طويل نسبيا لكى نقرأ التاريخ الحقيقى للأحداث التى أعقبت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وليس لاعتصام رابعة والنهضة فحسب. ورغم الجهد المتميز الذى بذلته لجنتا تقصى حقائق أحداث ثورة ٢٠١١ ومرحلة حكم المجلس العسكرى، إلا أن ذلك الجهد الذى جرى التعتيم عليه يغطى مرحلتين فقط من مسيرة ما بعد الثورة. ولايزال الغموض يكتنف المراحل الأخرى. وإلى أن تستعيد مصر انخراطها فى المسار الديمقراطى فإننا سنظل نستقبل ما يجرى الترويج له باعتباره القراءة السياسية للتاريخ كما يراها الطرف المتغلب. وليس القراءة الواقعية المجردة عن الهوى التى تتحرى الحقيقة بخيرها وشرها ولا تميز بين الغالب والمغلوب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترزية التاريخ ترزية التاريخ



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 08:46 2014 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

افتتاح مطعم للفلافل في شارع محمد السادس في مراكش

GMT 08:59 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

12 مغربيًا في وضعية صعبة محتجزون لدى عصابة ليبية

GMT 10:29 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الضّعف الجنسي عند الرّجل سببه المرأة

GMT 19:17 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

زكرياء حدراف يصرّ على مغادرة الدفاع الجديدي

GMT 10:25 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

عمر هو عمر

GMT 16:22 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حكاية غريبة لـ"رحى" تساعد النساء على إيجاد العرسان بسرعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib