فهمي هويدي
الخبر التالى نشرته صحف صباح يوم 23/10: أمر المستشار تامر الفرجانى بحبس القيادى الإخوانى حاتم خاطر رئيس مجموعة شركات خاطر لمدة 15 يوما احتياطيا، على ذمة التحقيقات التى تجرى معه بمعرفة النيابة العامة. وقد وجهت النيابة فى تحقيقاتها إليه التهم التالية: التحريض على العنف ــ الانضمام إلى جماعة مؤسسة على خلاف أحكام القانون الغرض منها تعطيل مؤسسات الدولة عن تأدية عملها ــ الاعتداء على الحريات الشخصية والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
صحف صباح يوم 25/10 نشرت الخبر التالى: قرر المستشار تامر الفرجانى المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل حاتم خاطر رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية من سراى النيابة بالضمان الشخصى، بعد يومين من حبسه على ذمة التحقيقات فى اتهامه بالتحريض على المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزل. وكان خاطر قد نفى فى التحقيقات ما جاء فى تحريات أجهزة الأمن. ونقلت عنه صحيفة «المصرى اليوم» بعد إخلاء سبيله أن النيابة حين أفرجت عنه بعدما أدركت أن واقعة القبض عليه جاءت نتيجة حالة «الالتباس» التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن.
بالمقارنة بين النصين نلاحظ ما يلى:
• أن الرجل حين ألقى القبض عليه وصف بأنه «قيادى» فى الإخوان ورئيس مجموعة بعض الشركات، لكن هذه الصفات تراجعت حين تقرر الإفراج عنه، حيث أسقطت صفة القيادى ووصف بأنه رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية.
• فى الخبر الأول نسبت إليه قائمة من الاتهامات كفيلة بالإبقاء عليه فى السجن لمدة 10 أو 15 سنة على الأقل، فى حين أن خبر إطلاق سراحه سكت عن الاتهامات الأولى وتحدث فقط عن اتهامه بالتحريض على المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول.
• أن المحامى العام الذى أمر بحبسه مرة 15 يوما بناء على التحقيقات التى أجريت معه فى قائمة الاتهامات السابق ذكرها، هو ذاته الذى قرر إطلاق سراحه من سراى النيابة بعد 24 ساعة من صدور قرار الحبس، حين اكتشف أن الرجل كان ضحية حالة «الالتباس» التى تمر بها البلاد.
لأن ما ذكرته الصحف لم يكن مقنعا: فإن ذلك يسوغ لنا ان نتساءل عن السبب الحقيقى الذى دفع المحامى العام إلى العدول عن قراره بهذه السرعة؟
لأن السيد حاتم خاطر رجل يتمتع بشبكة اتصالات واسعة، وهو محل ثقة كثيرين، فإن قرار اعتقاله انتشر بسرعة على شبكة التواصل الاجتماعى، وإضافة إلى عبارات استنكار اعتقاله التى وردت فى تغريدات بعض الشخصيات العامة. منذ ظهر المفتى السابق الدكتور على جمعة على شاشة إحدى القنوات التليفزيونية فى مساء اليوم ذاته، ووجه رجاء إلى رئيس الجمهورية وإلى الفريق السيسى وإلى وزير الداخلية طالبهم فيه بسرعة إطلاق سراح السيد حاتم خاطر الذى وصفه بأنه بمثابة ابن له، وهناك كلام عن اتصالات أخرى لذات الهدف أجراها الداعية اليمنى الحبيب الجفرى المقيم فى أبوظبى، ويعد من الشخصيات النافذة فى دائرة القرار هناك.
لست أشك فى أن الرجل ظلم حين تم اعتقاله وظلم حين وجهت إليه قائمة التهم التى من الواضح أنها جاهزة ومعدة سلفا، ومن ثم تقرر حبسه 15 يوما. ومن حسن حظه انه وجد أطرافا مسموعة الكلمة أعلنت ثقتها فيه وضمنته، وحثت المؤسسة الأمنية على مراجعة قرارها بشأنه. بذات القدر فإننى لا أشك فى أن حالة السيد حاتم خاطر ليست وحيدة فى بابها ولكن هناك كثيرين من أمثاله، اعتقلوا ظلما فى أجواء «الالتباس» وجرى تمديد حبسهم مرات ومرات. دون أن يجدوا من يتحدث عن مظلوميتهم ويرفع عنهم ما نزل بهم من غبن وعسف.
يتحدث المحامون عن 13 ألف شخص تم اعتقالهم منذ الثالث من شهر يوليو. ويقولون إن ذلك الرقم مرشح للزيادة، لأنهم يكتشفون كل يوم مصادفة عشرات من المعتقلين تم إيداعهم فى أماكن مجهولة. ويقولون ان بين المعتقلين ــ لأول مرة ــ 76 امرأة وفتاة بينهن فتيات قصر ألقى القبض على بعضهن فى السويس. وفهمت أن وزير الداخلية اعترض بشدة فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء على اقتراح بإطلاق سراح الفتيات والفتيان القصر وأولئك الذين لم ينسب إليهم المشاركة فى أعمال العنف.
كان يفترض ان يقود المجلس القومى لحقوق الإنسان حملة الدفاع عن كرامة أولئك المظلومين وأمثالهم. لكن المجلس فى المؤتمر «الدولى» الذى عقده بالقاهرة أخيرا عن العدالة الانتقالية والمصالحة أقنعنا بأنه انخرط فى الاستقطاب الراهن إلى حد كبير، فضلا عن أنه مشغول بملفات عدة ليس بينها حقوق الإنسان فى مصر