مهمة يعجز عنها «الكفيل»

مهمة يعجز عنها «الكفيل»

المغرب اليوم -

مهمة يعجز عنها «الكفيل»

فهمي هويدي

من أخبار أمس أن مصر قررت الاستعانة بكفيل لكى يحسن صورتها ويتولى تسهيل تواصلها مع المؤسسات السياسية الأمريكية. وحسب التقرير الذى نشرته صحيفة الشروق فإن الكفيل المذكور هو إحدى شركات العلاقات العامة والاستشارات السياسية فى الولايات المتحدة وتحمل اسم «جلوفر بارك» ومديرها التنفيذى هو إريك بن زيفى الذى يحمل الجنسية الاسرائيلية. وقد سبق له أن خدم فى الجيش الاسرائىلى وله خبرة سابقة فى تقديم الاستشارات اثناء الانتخابات المختلفة التى جرت فى اسرائىل، وهذه الشركة تقدم خدماتها للعديد من الشركات الكبرى فى العالم، من بينها شركتا آبل وكوكاكولا. أما أهم عملائها الاجانب فهو جهاز أبوظبى للاستثمار. حسب تقرير «الشروق» فإن المدير الإسرائيلى للشركة ملتزم بتقديم الاستشارات لمصر فيما خص تنفيذ خريطة الطريق وبناء المؤسسات الديمقراطية فى البلد، كما تقوم الشركة بعدة انشطة فى مجالات العلاقات العامة والتخطيط الاستراتيجى والتواصل مع الاعلام الأمريكى، وستتولى أيضا إصدار البيانات الصحفية إلى جانب تحليل العلاقات الامريكية المصرية وفتح قنوات الاتصال بين اعضاء السفارة المصرية وأعضاء الكونجرس والعاملين فى المؤسسات والوزارات الأمريكية المختلفة. فى التقرير أيضا أن الحكومات المصرية المتعاقبة فى ظل حكم الرئيس الاسبق حسنى مبارك دأبت على الاستعانة بخدمات من هذا النوع منذ عام 1989. وقد ظلت تلك الشركات تقوم بمهمتها فى الدفاع عن نظام مبارك عقب ثورة 25 يناير (عام 2011). وهو ما استمر طوال فترة حكم المجلس العسكرى، إلا ان الرئيس محمد مرسى امتنع عن التعامل مع تلك الشركات خلال السنة التى امضاها فى السلطة. أول انطباع خرجت به من مطالعة التقرير المنشور أننى اعتبرته بمثابة تكذيب للشائعات التى ما برحت تتحدث عن اشتباكات بين القاهرة وواشنطن، وتآمر من جانب ادارة الرئيس باراك اوباما على الحكومة القائمة، وسعيا من جانب ادارته لإعادة الدكتور مرسى والاخوان إلى السلطة، لم يكذب التقرير احتمال أن يكون هناك خلاف فى وجهات النظر بين البلدين، فذلك وارد بطبيعة الحال. لكنه لا يرقى إلى مستوى الخصومة او القطيعة التى قد تدفع مصر إلى محاولة الاستعانة بحليف آخر غير الولايات المتحدة، وهو ما ادعته الابواق الاعلامية المصرية. إلا ان عقد الكفالة السابق الاشارة اليه أوضح لنا أن ثمة سعيا مصريا جادا للحفاظ على الجسور واستمرار التواصل مع الرئاسة والكونجرس الامريكيين. وهو سعى حرصت عليه مصر ودفعت مالا كثيرا لكى تقوم به شركة الدعاية الامريكية. الأمر الثانى الذى وخزنى، ولم أستطع أن أبلعه تمثل فى حكاية الاسرائىلى الذى يدير شركة العلاقات العامة والذى صار مؤتمنا على القيام بوساطة الخير بين مصر والمؤسسات الامريكية. صحيح أن المسألة فى الاصل عقد عمل «بيزنيس» سيتولى تنفيذه الاسرائىلى المذكور، إلا اننى مع ذلك لم استطع ان ابلع وجوده فى المشهد، لحساسية أعترف بها ونفور تلقائى من كل ما هو اسرائىلى لا أنكره. صحيح اننى كنت اسمع كثيرا عن الدور الذى قامت به اسرائيل فى ظل حكم مبارك، وخلال حكم المجلس العسكرى وفى اعقاب الانقلاب الاخير للتوسط لصالح النظام المصرى، ليس حبا فيه بطبيعة الحال ولكن حفاظا على مصالحها وحرصا منها على اقتناع القاهرة بأن اسرائيل تقف إلى جانبها طالما التزم النظام المصرى بمقتضيات حسن السير والسلوك فى تعامله مع اسرائيل، فيما تعلق بأمرين اساسين هما: الالتزام بمعاهدة السلام، والاستمرار فى اغلاق معبر رفح وإحكام الحصار حول قطاع غزة. وهناك أمر ثالث غير معلن يتمثل فى تثبيت القطيعة مع ايران واغلاق منافذ التواصل معها. إذا قال قائل إن الرجل إسرائىليا حقا إلا أنه يعمل فى شركة امريكية وينفذ سياستها إلا اننى غير مستعد للاقتناع بأن الامر بهذه البراءة، ولن استطيع ان اقيم عازلا بينه وبين سياسة حكومته التى لا أشك فى أن لها مصلحة فى القيام بأى دور فى إنجاح الكفالة التى سعت اليها الحكومة المصرية. الأهم من الكفيل هو بروز الحاجة إلى فكرة الكفالة وإدراك أن الصورة المصرية فى الخارج تحتاج إلى ترميم، وتجميل وهو ما فشلت فى النهوض به الجهود الدبلوماسية التى تبذل ولا وساطات الحلفاء العرب الجدد، ولا جولات وفود ما سمى بالدبلوماسية الشعبية التى ارسلت إلى عواصم الغرب، ووجدنا أنها تخاطبنا فى الداخل من خلال ما تنشره من اخبار بأكثر مما تخاطب الخارج. اما المحير فى الأمر فهو المراهنة على نجاح الكفالة، وتجاهل حقيقة أن الذين تحاول ان نتجمل فى أعينهم يعرفون عنا الكثير، ولديهم عيونهم وآذانهم فى القاهرة، لذلك فإن الجهد الحقيقى ينبغى أن يتجه إلى ترميم الاصل فى الداخل بدلا من الالتفاف على الحقيقةوتلوين الصورة ومحاولة تسويقها فى الخارج. إننا نتحدث كثيرا عن «أم الدنيا» ونتباهى بها أمام جماهيرنا وهو أمر مفهوم ومقبول فى الداخل، أما إقناع الآخرين بتلك «الامومة» او ببعضها فذلك ما لا قبل لنا به؛ لأن له شروطا ينبغى ان تستوفى اولا، وأشك كثيرا فى أن يتمكن الكفيل من النهوض بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهمة يعجز عنها «الكفيل» مهمة يعجز عنها «الكفيل»



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib