أردوغان فى مرمى النيران

أردوغان فى مرمى النيران

المغرب اليوم -

أردوغان فى مرمى النيران

فهمي هويدي

قال رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان إن الجهات التى تدعم ما وصفه بالانقلاب فى مصر تحاول تبريره بالقول إنه إجراء ديمقراطى قام به الجيش المصرى. كما وجه انتقادات حادة لشيخ الأزهر أحمد الطيب، قائلا إنه أصيب بخيبة أمل حين ظهر إلى جانب (من يرعى الانقلاب) وقد تطرق أردوغان إلى موقف الطيب الذى ظهر إلى جانب شخصيات أخرى خلال إعلان عزل الرئيس السابق محمد مرسى فقال: عندما رأيت شيخ الأزهر فى هذا الوضع (فإننى شعرت بخيبة أمل). النص أعلاه أوردته النشرة العربية لقناة «سى.إن.إن» يوم الثلاثاء 27 أغسطس، نقلا عن وكالة الأناضول التركية. وقد وقعت عليه أثناء بحثى عن نص ما قاله رئيس الوزراء التركى بخصوص شيخ الأزهر، وهو الموقف الأخير الذى رفع من وتيرة الأزمة بين القاهرة وأنقرة، الأمر الذى كانت له أصداؤه القوية والغاضبة فى مختلف الأوساط المصرية، وأدى إلى تهديد المصالح المشتركة بين البلدين. ليس ذلك فحسب وإنما أطلق أيضا عاصفة من التعليقات الجارحة التى طالت أردوغان وحزبه وبلده، ولم تسلم منها المسلسلات التركية أو التاريخ العثمانى. كانت وسائل الإعلام المصرية قد تحدثت عن إساءة أردوغان إلى شيخ الأزهر وتطاوله عليه، لكننى لم أجد صحيفة أو أحدا من المعلقين نقل إلينا نص ما قاله الرجل لكى نعرف بالضبط كيف كانت الإساءة. كنت أعرف ما يعرفه الجميع عن موقف أردوغان وحكومته من التغيير الذى حدث فى مصر وأدى إلى عزل الرئيس محمد مرسى من منصبه. وتمسكه بوصف ما جرى بأنه انقلاب عسكرى، وهو ذات الموقف الذى يتبناه الاتحاد الأوروبى. وسواء كان دافعه إلى ذلك تأثره بالخبرة التركية مع تدخل العسكر فى الشأن السياسى، أو موقفه المبدئى إزاء آليات التغيير فى النظام الديمقراطى، أو تعاطفه الخاص مع الإخوان المسلمين، فالشاهد أنه تبنى موقفا سلبيا وناقدا لما جرى فى مصر مؤخرا. وهو ما أشاع حالة من التوتر فى العلاقات السياسية بين البلدين، أدى إلى سحب سفيرى البلدين، وأثرت على تنفيذ بعض الاتفاقات الاقتصادية بينهما، وفى هذه الأجواء جاءت كلمات أردوغان الأخيرة، حين دعى إلى الحديث فى أكاديمية تحمل اسمه جرى تأسيسها فى بلده «ريزا» التى نشأ فيها، والمطلة على موطن أسرته على ضفاف البحر الأسود. فى سياق التحقق من نص ما قاله أردوغان فإننى أجريت أيضا اتصالا هاتفيا مع مستشاره للشئون العربية سفر توران الذى حضر المناسبة، فلم تختلف روايته فى جوهرها عما نقلته وكالة الأناضول وبثه موقع «سى.إن.إن». وفى وصفه لما جرى قال إن الرجل تحدث فى كلمته بالأكاديمية عن مسئولية أهل العلم وضرورة استقلالهم عن أهل السياسة، الأمر الذى دفعه إلى ضرب المثل بما حدث فى مصر فقال إنه أصيب بخيبة أمل حين وجد أن شيخ الأزهر ظهر إلى جوار «قيادة الانقلاب» فى المؤتمر الذى أعلن فيه عزل الدكتور مرسى، وعلق على ذلك قائلا إن ذلك ليس مكان أو دور أهل العلم، واعتبر أن ذلك موقف «لن يغفره التاريخ». هذه الرواية إذا صحت فإنها تمثل نقدا لموقف سياسى لشيخ الأزهر يتعذر وصفه بأنه تطاول عليه. وهو عتاب يعكس خلافا فى الرأى يمكن تمريره واحتماله فى الظروف العادية، إلا أنه كان من الأحكم تجنبه فى ظل ظروف الاحتقان القائمة فى مصر الآن، خصوصا فى ظل دقة وحساسية العلاقة بين البلدين. ولو أن أردوغان قرأ جيدا المشهد المصرى لاكتفى بالموقف السياسى الذى أعلنته حكومته إزاء التغيير الذى تم، ولما ذهب إلى أبعد من ذلك كى لا يزداد التوتر وتتعمق الفجوة مع القاهرة. بالمقابل فإن التحفظ المصرى على كلام أردوغان كان يمكن أن يتم عبر القنوات الدبلوماسية الهادئة التى يلجأ إليها المتحضرون، دونما حاجة إلى حملة التجريح والتسفيه التى شنتها وسائل الإعلام المصرية، التى نعرف جيدا أنها إذا وجهت سهامها إلى صاحب رأى مخالف، فإنها تعتبره عدوا وتستبيحه، ولا ترعى فيه إلًّا ولا ذمة، إذا استخدمنا التعبير القرآنى. وهو ما تعرض له أردوغان الذى كان أول وأكبر مسئول تركى التقى شيخ الأزهر حين زار القاهرة فى شهر سبتمبر عام 2011 أثناء حكم المجلس العسكرى، وأصدرت حكومته توصيات للجامعات التركية بإعطاء الأولوية للأساتذة المصريين، ووصل حجم التبادل التجارى مع بلاده ما بين 5 .6 مليارات دولار فى العام، إضافة إلى استثمارات تركية فى مصر قدرت بمليارى دولار، استخدمت فى إقامة 350 مصنعا، يعمل بها 50 ألف عامل مصرى. إلى غير ذلك من المصالح التى تعصف بها الحملة الإعلامية الهوجاء التى نشهدها الآن، التى تكاد تهدم كل ما تم بناؤه فى علاقات البلدين. إن الانفعال الغاضب لا يطفئ نور العقل فحسب، ولكنه أيضا يعمى البصر عن المصالح الاستراتيجية العليا، حيث عادة ما تكون الضحية الأولى فى هذه المعارك العبثية التى يتكفل فيها الخلاف السياسى بنسف الجسور الأخرى المقامة مع الأشقاء. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان فى مرمى النيران أردوغان فى مرمى النيران



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib