مع الغرب إيد واحدة

مع الغرب (إيد واحدة)

المغرب اليوم -

مع الغرب إيد واحدة

فهمي هويدي

لست متأكدا من صحة الخبر الذى نشر عن اجتماع سرى عقده فى عمان رؤساء الأركان العرب مع نظرائهم الغربيين لمناقشة الضربة العسكرية المفترضة الموجهة إلى سوريا. إذ باستثناء ما ذكرته بعض الصحف اللبنانية فإننى لم أجد الخبر فى مصادر الأخبار الأخرى التى أتابعها. بالتالى فغاية ما يمكن أن أقوله إنه ليس مستبعدا لأسباب يعلمها الجميع أهمها أننا منذ وقعنا فى فخ «الاعتدال» المعروف فى السياسة العربية فإن حكوماتنا صارت والدول الغربية «يدا واحدة». إذا استخدمنا المصطلح الشائع فى أدبيات زماننا. رغم أنه ليس بوسعنا أن نتأكد من دقة الخبر، إلا أن أهم ما يحسب له أنه ذكرنا بأن فى العالم العربى رؤساء للأركان، الأمر الذى يستدعى ملفا ملغوما مسكوتا عليه. يثير أسئلة عديدة عن حقيقة دورهم وعلاقاتهم بنظرائهم الغربيين، وما تقوم به الجيوش التى تقودونها فى الدفاع عن أوطانهم وعن الأمة العربية التى ينتمون إليها. والكلام فى هذه الحالة لا ينصب على شخوصهم وجيوشهم التى لها تقديرها وينبغى أن تحظى بما تستحقه من احترام. وإنما يتعلق بسياسات الدول التى ينتمون إليها والتى تحدد الأدوار ومجالات الحركة والاستراتيجية التى تعمل فى إطارها. من هذه الزاوية لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن أمن الأقطار العربية بل أمن الأمة العربية ما عاد موكولا إلى الجيوش العربية، وإنما صارت تتولاه الدول الغربية، وفى المقدمة منها الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا، التى باتت تؤدى دور «الكفيل» للدول العربية. ومنذ أعلن الرئيس الراحل أنور السادات أن حرب أكتوبر (قبل أربعين عاما) هى آخر الحروب، فقد بدا ذلك إعلانا عن إجراء تعديل جذرى فى العقيدة العسكرية، اتجهت فيه الأنظار إلى الداخل بأكثر مما انشغلت بالخارج. وأنا هنا أفرق بين الاحتشاد وبين الاهتمام. والاحتشاد موجه نحو هدف وطرف، أما الاهتمام فهو يركز على القدرات الذاتية والأنشطة غير العسكرية، وذلك أوضح ما يكون فى الدول العربية النفطية التى توجه اهتماما واضحا لإنفاقها العسكرى فتشترى أحدث الطائرات والمدرعات وتقتنى أفضل الخبراء، لكنها تفعل ذلك لمجرد تعزيز القدرة العسكرية (إن شئت فقل إنه لأجل الوجاهة العسكرية) فى حين أنها تعتمد فى أمنها وحماية حدودها على القواعد العسكرية الأجنبية والعطاء الغربى. حين خرجت مصر من الصف العربى بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبعدما أطلق السادات شعاراته سواء تلك تحدثت عن آخر الحروب أو أعلنت عن أن 99٪ من أوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة الأمريكية، حدث أمران مهمان للغاية، الأول أن مصر انكفأت على ذاتها وأدارت ظهرها للعالم العربى. والثانى أن بعض الدول العربية ــ الخليجية بوجه أخص ــ أدركت أنها أصبحت بلا ظهر ولا غطاء، فاعتمدت على الحماية الغربية. لأن «الكفيل» صار غربيا فلم يعد الأمن القومى العربى محلا لأى اهتمام، الأمر الذى فتح الأبواب واسعة للتغول الإسرائيلى، كما مهد الطريق لمحاولات الفتك بالعالم العربى وتمزيقه (العراق والسودان مثلا ولا تسأل عن فلسطين). من باب الفضول وإنعاش الذاكرة أجريت بحثا حول معاهدة الدفاع العربى التى وقعتها الدول العربية فى عام 1950، ضمن عناوين أخرى عديدة للعمل المشترك، ظلت جميعها ضمن الأحلام المؤجلة إن لم يكن المستحيلة. وحين لاحظت أن العنوان له وجود على الانترنت، فإننى سارعت إلى فتحه لكنى اكتشفت أنه يتحدث عن الدفاع المشترك الالكترونى، وكانت تلك دعوة أطلقها الدكتور موسى إبراهيم أحد أعوان العقيد معمر القذافى فى صيف عام 2011 لحث أنصاره على التصدى للثوار عبر الانترنت. لاحظت أيضا أن الدكتور محمد مرسى أشار فى خطاب تنصيبه فى 30/6/2012 إلى تفعيل منظومة الدفاع العربى، ضمن وعده بتنشيط العمل العربى المشترك. واستوقفنى أن الدكتور محمد البرادعى الذى كان قد تردد أنه بصدد الترشح لرئاسة الجمهورية، قال فى حديث تليفزيونى (أزعج الإسرائيليين) فى 7/4/2012 إنه سيدعو إلى تطبيق اتفاقية الدفاع المشترك فى حال تولى الرئاسة وتعرضت غزة للعدوان. وهو كلام أطلق فى الفضاء ولم يختبر فى الواقع. إلى غير ذلك من الخلفيات التى همشت فكرة الدفاع عن الأمن القومى، وجعلت التركيز على الأمن الداخلى يحظى بالقدر الأكبر من الاهتمام، الأمر الذى أخرج الجيوش العربية من دائرة الضوء. حتى إنه فى أقطار عربية عدة صار حضور نوادى كرة القدم فى الوجدان العام أقوى من حضور القوات المسلحة، وأصبح نجوم الكرة أشهر من رؤساء الأركان الذين باتت أسماؤهم معروفة لدى نظرائهم الغربيين بأكثر منها عند الجماهير العربية. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الغرب إيد واحدة مع الغرب إيد واحدة



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib