طبول الحرب الأهلية

طبول الحرب الأهلية

المغرب اليوم -

طبول الحرب الأهلية

فهمي هويدي

رغم أننى سمعت الفريق أول عبدالفتاح السيسى وهو يدعو الجماهير للنزول إلى الشوارع والميادين يوم الجمعة (غدا) لتفويضه فى التعامل مع العنف الحاصل فى البلد، الا اننى ما زلت عاجزا عن تصديقه. وليس ذلك شعورى وحدى لأننى تلقيت اكثر من اتصال هاتفى ظهر أمس من أناس قالوا انهم سمعوا بالخبر أو تلقوه على هواتفهم، وشككوا فى صحته، حيث لم يتصوروا ان شيئا من ذلك يمكن ان يحدث. لم أصدق ان يوجه وزير الدفاع دعوة مفتوحة بهذا الشكل، فى وجود رئيس للدولة وفى وجود رئيس للحكومة، وكان بوسع أى منهما ان يخاطب الشعب المصرى ويشرح لهم الأزمة الراهنة، وإذا وجد ان ثمة إجراء ضروريا واجب الاتخاذ من جانب السلطة فربما كان له ان يطالب أجهزة الدولة المختصة بتنفيذه. اما ان ينفرد الفريق السيسى بالقرار كما ظهر لنا على الأقل، فذلك مما يصعب تبريره أو استيعابه. لم أصدق ان يطلب وزير الدفاع تفويضا من الجماهير التى تخرج إلى الشوارع يوم الجمعة لكى يتعامل مع ما وصفه بالتطرف والإرهاب، ذلك انه من حيث المبدأ فإن الحكومة التى تباشر سلطاتها فى أى بلد لا تحتاج إلى تفويض لمواجهة مهمة من ذلك القبيل. علما بأن الجيش المصرى يقوم بهذه المهمة فى سيناء منذ عدة اسابيع دون تفويض من احد، حيث كان يقوم بواجبه الطبيعى. من ناحية ثالثة فإن احدا لا يعرف بالضبط مضمون أو حدود التفويض المطلوب ولا احد يعرف المقصود بمصطلح العنف والإرهاب، وهو العنوان المطاط الذى يمكن ان يحمل درجات مختلفة من العنف من جانب الجيش والشرطة. على صعيد آخر، فإن هذه الدعوة يمكن ان تفتح الباب واسعا لاستباحة المتظاهرين من جانب أى طرف. اذ فضلا عن ان الكلام يحتمل ممارسات عديدة احدها التعامل مع المتظاهرين بعنف واحتمال اطلاق الرصاص عليهم. إلى جانب انه يعد بمثابة دعوة لجيش البلطجية لكى ينقض على أى مظاهرة أو اعتصام فى البلد، إلى غير ذلك من النتائج التى سوف تنسب مباشرة إلى دعوة الفريق السيسى محليا ودوليا وتاريخيا. وحين يوجه وزير الدفاع دعوة بهذا المضمون فى وجود عشرات الألوف من الإخوان وغير الإخوان، ومعهم أعداد لا بأس بها من الغيورين على الديمقراطية والمتوجسين من حكم العسكر، فإننا بذلك نصبح على أبواب حرب أهلية. ذلك اننا بصدد استدعاء لحشود فى مواجهة حشود أخرى موجودة، وفى ظل اجواء احتقان شديد، الامر الذى يجعل احتمال الاحتكاك شديدا، ويدفع بنا إلى مجهول لا يعرف الا الله وحده مداه. ولست أشك فى ان الفريق السيسى يعلم جيدا انه فى مواجهات ساخنة من ذلك القبيل فإن من يطلق الشرارة الأولى يصعب عليه التحكم فى الشرارة الأخيرة. لقد اثار الانتباه ان وزير الدفاع تحدث فى خطاب استدعاء الجماهير ان جلسة للحوار والمصالحة الوطنية بصدد الانعقاد فى مقر رئاسة الجمهورية. وهو كلام اثار لغطا حول اهداف رسالته، ذلك انه يستنفر الجماهير لمواجهة الإخوان الموجودين فى الشوارع والميادين، فى الوقت الذى تبدأ فيه جلسات الحوار الوطنى. الامر الذى يثير اكثر من سؤال. فقد كان حريا به ان ينتظر نتيجة الحوار ويتأكد من فشله لكى يبحث عن الخطوة التالية، هذا إذا كان المفترض ان يكون وزير الدفاع هو المسئول عن مصير الحوار الوطنى. من ناحية ثانية فإن كلامه يعنى ان الحوار الحاصل يجرى مع أطراف تختلف عن تلك التى يستنفر الجماهير لمواجهتها. الامر الذى يعنى ان مسار الحوار يتجه إلى التنسيق مع الموافقين الذين دُعوا إلى رئاسة الجمهورية. أما معارضوه المعتصمون فى رابعة العدوية أو ميدان النهضة بالجيزة، فهؤلاء سيتم التعامل معهم بسلاح الشرطة العسكرية والأمن المركزى اننى أخشى ان يكون الفريق السيسى قد تسرع فى اطلاق دعوته الخطيرة، دون تقدير كاف للعواقب المترتب عليها. وهذا التسرع دفعه إلى الإشارة إلى انه وجه رسائل إلى الدكتور محمد مرسى حملها إليه الدكتور محمد سليم العوا، وقد راجعته فى ذلك فكان رده ان هذه معلومات غير صحيحة، ولم يحدث انه حمل اية رسائل منه إلى الدكتور مرسى والعكس. اننى اتمنى ان يصحح الفريق السيسى الانطباعات المخيفة التى تركها خطابه لدى قطاعات واسعة من المثقفين، كما اتمنى ان يعالج من جانبه الحرج الشديد الذى سببه لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء وللوزارة كلها، بسبب مبادرته إلى توجيه هذه الدعوة بالصورة التى خرجت بها. علما بأنه يظل أفضل حل للأزمة هو ذلك الذى يتم من خلال التفاهمات السياسية التى تحقق المراد بأسلوب سلمى ومتحضر. نقلاً عن جريدة " الشروق "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طبول الحرب الأهلية طبول الحرب الأهلية



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib