اغتصاب البحر بعد البر

اغتصاب البحر بعد البر

المغرب اليوم -

اغتصاب البحر بعد البر

مصر اليوم

  أبرزت الصحف المصرية والعربية أمس الأول (الاثنين أول أبريل) خبر بدء ضخ الغاز الطبيعى فى إسرائيل، واحتفال المسئولين الإسرائيليين ووسائل الإعلام بالقفزة الكبرى التى سيحققها للاقتصاد والصناعة حيث انه سيحقق لخزينة الدولة دخلا يقدر بـ37 بليون دولار، وأسهبت التقارير الصحفية فى الحديث عن حقل الغاز (تمار) الذى تم اكتشافه منذ أربع سنوات. وتبين أنه يحتوى على احتياطات تقدر بنحو 283 بليون متر مكعب، وهذه الاحتياطات سوف تسد حاجات إسرائيل من الغاز الطبيعى لفترة تتراوح بين 20 و30 سنة مقبلة. وستمكن إسرائيل من تصدير الفائض إلى العالم الخارجى مع نهاية العقد الحالى. لأن أخبار الحدث خرجت كلها من إسرائيل، فإنها اكتفت ببيان أهميته الكبرى لمستقبلها، ولكن الشىء الذى لم يذكر هو ان استثمار غاز حقل «تمار» جزء من العربدة الإسرائيلية التى استهدفت اغتصاب ونهب ثروات العرب فى البحر المتوسط. ولطمس هذه الخلفية فإن التقارير تحدثت عن قرب الحقل المذكور من مدينة حيفا التى كانت ضمن ما اغتصب من أرض فلسطين وأصبحت تقدم بحسبانها ميناء إسرائيليا. وتجاهلت تلك التقارير ان الحقل يقع قبالة مدينة صيدا اللبنانية، الأمر الذى يعنى انه إذا لم يكن داخلا فى الحدود الاقتصادية للبنان فالحد الأدنى ان لبنان شريك فيه، وليس لإسرائيل ان تستأثر به وتحتكر عائداته. الحدث يعيد إلى الواجهة ملف ثروات العرب فى البحر المتوسط المسكوت عنه، فى حين تركض إسرائيل من ناحية وقبرص من ناحية ثانية لاختطافه والاستئثار به، مستفيدتين من تردد لبنان وصمت مصر. وهو ما شجع البلدين على التمدد فى أعماق البحر المتوسط ومحاولة اقتسام ثروة الغاز الهائلة الكامنة منه، والتى من شأنها ان تحدث انقلابا فى اقتصاديات المنطقة مشابها للانقلاب الذى أحدثه اكتشاف النفط فى حياة واقتصاد منطقة الخليج العربى خلال القرن الماضى. وهو الموضوع الذى كنت قد أثرته فى مقالين نشرا فى شهر أكتوبر من العام الماضى، وحركا بعض الركود المخيم حيث اهتمت به الدوائر النفطية المصرية كما تصدت لبحثه لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى، ثم ران الصمت وأسدل عليه الستار بعد ذلك. أطراف الموضوع خمس دول هى إسرائيل وقبرص من ناحية، ولبنان ومصر وتركيا من ناحية ثانية، ولأن تركيا تعرف كيف تأخذ حقها فالمشكلة الآن تتمثل فى حقوق لبنان فى حقل «تمار» المقابل لصيدا، وفى حقلين آخرين يدخلان بالكامل ضمن الحدود الاقتصادية لمصر يحملان اسم لفياتان وأفروديت، فى الوقت الذى تعمل إسرائيل وقبرص على اقتسام ناتجهما. علما بأن الحقلين على بعد 190 كيلومترا من شمال دمياط، فى حين يبدعان عن حيفا بمسافة 235 كيلومترا وعن ليماسول فى قبرص بمسافة 180 كيلومترا. وتقدر كمية احتياطى الغاز فى الحقلين 11 بليون متر مكعب من الغاز. بقيمة تجاوز 200 مليار دولار. والحقلان بالمناسبة يقعان فى السفح الجنوبى لجبل اراتو ستينس الغاطس الثابت مصريته منذ نحو 200 سنة قبل الميلاد. الملف متخم بالتفاصيل الفنية الدقيقة والمعلومات المريبة أيضا. ومن التفاصيل ما تعلق باكتشاف الجبل الغاطس ومحاولات التعرف على أسراره فى ستينيات القرن الماضى. ومن أهم المعلومات المريبة ما تعلق بتصرفات «شركة شل» التى عهدت إليها السلطات المصرية بامتياز التنقيب عن الغاز فى شمال شرق المتوسط، وإعلانها عن اكتشاف احتياطيات للغاز على عمق كبير فى المنطقة، ثم انسحابها المفاجئ وغير المبرر من العملية، الأمر الذى بدا وكأنه بمثابة إفساح المجال لإسرائيل لكى تتصدر المشهد بعد ذلك. هناك الكثير مما يمكن أن يقال فى فصل الشكوك والحيل، لكن المهم الآن ان تتحرك مصر لكى تحسم بشكل واضح حدودها الاقتصادية البحرية مع محيطها، قبل ان نفاجأ ذات صباح بأن حق مصر قد ضاع وتوزع بين إسرائيل وقبرص، مثلما حدث مع لبنان. وفى كل الأحوال ينبغى أن يكون حاضرا فى الأذهان دائما ان الذى اغتصب الأرض وطرد أصحابها لن يتردد فى اغتصاب البحر ونهب ثرواته. أما المحير فى الأمر فهو سكوت مصر عن حقها المعرض للاغتصاب، الذى يصعب فهمه أو تفسيره ولا نجد سببا للأعذار فيه. ولا أعرف نسأل من أو نحاسب من على ذلك. نقلاً عن جريدة "الشروق"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتصاب البحر بعد البر اغتصاب البحر بعد البر



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib