فتوى مفخخة

فتوى مفخخة

المغرب اليوم -

فتوى مفخخة

فهمي هويدي

الذى حدث أن أستاذا بجامعة الأزهر قال فى حوار تليفزيونى إن الحكم الشرعى فى قيادات جبهة الإنقاذ الذين يدعون إلى إسقاط الرئيس محمد مرسى يقضى بتوقيع عقوبة القتل عليهم، من جانب القضاء والمحاكم. وهى فتوى بائسة صدمت الجميع واستفزتهم. وتوالت أصداؤها على النحو التالى: انتقدها رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل وقال إنها تعبر عن موقف غير مسئول ـ استنكرها مجمع البحوث الإسلامية فى أعقاب اجتماع رأسه شيخ الأزهر ـ دعت جامعة الأزهر إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد صاحب الفتوى ـ النائب العام قرر إجراء تحقيق معه ـ أدانت جماعة الإخوان الفتوى ورفضتها، وكذلك فعل المتحدثون باسم الدعوة السلفية وحزب التنمية والبناء المعبر عن الجماعة الإسلامية ـ قال أستاذ الشريعة بالأزهر إن الفتوى تعد نوعا من التنطع الذى لا أساس له من الدين. كانت تلك أبرز الأصداء الرافضة للفتوى التى توالت خلال الـ24 ساعة التى تلت بثها على شاشة التليفزيون، فكيف تعامل الإعلام ورموز المعارضة معها؟ إحدى الصحف تساءلت: أين مرسى؟ وأكثر الصحف بدأت فى تصعيد الموقف مشيرة إلى أن فتاوى القتل صدرت فى مصر. صحيفة أخرى نشرت على صفحتها الأولى عنوانا على ثمانية أعمدة يقول: اقتل متظاهرا تدخل الجنة ـ متحدث باسم جبهة الإنقاذ صرح قائلا: الإسلاميون كشفوا عن وجههم القبيح ـ وأضاف: إذا لم يأخذ لنا حقنا فسنقتل من يريد قتلنا ـ كتب أحد رموز الجبهة على صفحته قائلا: عندما يفتى شيوخ بوجوب القتل باسم الدين دون أن يقبض عليهم فقل على النظام والدولة السلام، ثم أضاف: صمت النظام أشبه بفتوى جديدة تعطى رخصة لقتل المعارضين باسم الإسلام. صحيفة أخرى خرجت بعناوين قالت فيها: فى مصر الاغتيالات لا تحتاج إلى فتوى ـ الاغتيالات فى مصر سبقت تونس ـ إسلاميو مصر اغتالوا شباب المتظاهرين وإسلاميو تونس قتلوا بلعيد لأنه يعارضهم. فى الوقت ذاته بحثت إحدى الصحف عن شخص يؤيد فتوى القتل، فعثرت على رجل أمضى 30 سنة فى السجن، وبدأ حياته عضوا فى جماعة التكفير والهجرة، ثم انضم إلى تنظيم الجهاد، وحكم عليه بالمؤبد فيما سمى بتنظيم عام 81. وبعد أن تفرق التنظيم وانخرط أغلب أعضائه فى تنظيمات أخرى. بقى الرجل (أسامة قاسم) على موقفه ومعه بضع عشرات من رفاق السجن، وظل وفيا لتعاليم التنظيم، وإن لم يمارس أى نشاط سياسى، وبقى منعزلا فى قريته بالشرقية. استنطقته الصحيفة فقال إن أولئك المعارضين يستحقون أن يطبق عليهم حد (الحرابة)، الذى يعد وجها آخر للقتل. وحين ظفرت الصحيفة بهذا الكلام فإنها أبرزته على صفحتها الأولى قائلا بأن: الجهاد يطالب بحد الحرابة على المعارضين، دون أن يعرف أحد ماذا يمثل تنظيم الجهاد! وما وزن المفتى المذكور. كأننا صرنا بإزاء جنازة وقعوا عليها، فتصيدوها وتصدروها ثم وقفوا فى مقدمة الصفوف ليمارسوا اللطم والعويل، لم يكتفوا بكل أصداء الإدانة والاستنكار التى أعلنت وتساءل بعضهم: أين مرسى؟ وكأن رئيس الجمهورية مطالب بأن يتصدى بنفسه للرد على كل كلام سخيف يتردد فى الساحة. لكن الأخطر من ذلك أن كلام الرجل لم يقدم بحسبانه رأيا لفرد، ولكن أغلب الأصداء تحدثت عن أننا بصدد (فتاوى)، وكأن ذلك رأى أجمع عليه الإسلاميون بمختلف فقهائهم وجماعاتهم. حتى رأينا أحد كبار المعارضين قد تخلى عن وقاره، فانضم إلى الجوقة وقال إن (شيوخا) أفتوا بوجوب القتل، واعتبر أن صمت النظام يعد رخصة لقتل المعارضين، غير مكتف بإدانة رئيس الوزراء ولا بتحقيق النائب العام مع صاحب الفتوى. الذى لا يقل خطورة عن ذلك أن بعض الصحف زايدت على غيرها حين ادعت أن الاغتيالات فى مصر حدثت بالفعل من جانب الإسلاميين، وسبقت تونس فى قتل المتظاهرين. بل وقررت فى عناوين كبيرة أن الإسلاميين فى مصر هم الذين اغتالوا المتظاهرين. هذه كلها معالجات غير بريئة تحط من شأن المهنة وتهدر كل قواعد المنافسة الشريفة. ذلك لأنها تتلاعب بالأخبار وتوظفها فى الكيد والوقيعة وتسميم الأجواء، الأمر الذى لا يحاول شيطنة الطرف الآخر فحسب، وإنما لا يتردد أيضا فى إشعال الحريق وإثارة الفتنة فى الوطن. إن هؤلاء الذين يصرون على نسبة الفتوى إلى شيوخ مصر لم يخطر على بالهم احتمال أن يصدق بعض الشباب أن ثمة فتوى فقهية تدعو إلى قتل المعارضين، فاستجابوا لها وأرادوا أن يتقربوا إلى الله بارتكاب تلك الجريمة. هم لم يكترثوا بذلك لأن الأهم عندهم هو إطلاق القذيفة وإشعال الحريق، وإيهام الرأى العام بأنهم مستهدفون وبحاجة إلى الحماية (التى سارعت وزارة الداخلية إلى توفيرها لهم)، لكنى أظن أن الرأى العام ليس بهذه البلاهة، فضلا عن أننى أزعم أن جماهيره أكثر إخلاصا للوطن، أولئك الذين لا يملون من إشعال الحرائق فيه كل حين. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتوى مفخخة فتوى مفخخة



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib