كلام «جرايد»

كلام «جرايد»؟!

المغرب اليوم -

كلام «جرايد»

فهمي هويدي

من عناوين الصحف المصرية التى صدرت صباح أمس (الأربعاء 6/2) ما يلى: مصر تستقبل نجاد بالغضب والمظاهرات (الوطن) ـ نجاد يعرض الدفاع عن مصر ـ السلفيون يطالبون بتحديد إقامته (المصرى اليوم) ـ الدعوة السلفية ترفض (تجوال) نجاد بالتحرير (الأهرام) ـ قمة مرسى ونجاد تجدد مخاوف الاختراق الشيعى ـ الدعوة السلفية تحذر من التقارب السياسى على حساب مصالح مصر العليا (الوفد) ـ مصر ترفض المد الشيعى فى بلاد أهل السنة (الأخبار). الملاحظة العامة على هذه العينة من العناوين أنها لا تعبر عن مشاعر الود. فضلا عن أنها أقحمت المسألة المذهبية فى المشهد بغير مبرر.. ووظفتها فى التخويف من التقارب بين البلدين الذى يثير الشكوك حول تهديده لمصالح مصر العليا. هذا الانطباع تؤكده قراءة التفاصيل، التى تبين أن الأمر ليس بالبراءة الظاهرة. فالعنوان الذى يقول إن مصر استقبلت نجاد بالغضب والمظاهرات يذكر الخبر المنشور تحته أن (مصر) هذه لم تكن سوى بضع عشرات من السلفيين المخاصمين تاريخيا للشيعة يمثلون ست مجموعات وأحزابا سلفية (من بين 150 ائتلافا وتجمعا سياسيا) وقفوا أمام مقر السفارة الإيرانية معربين عن عدم ترحيبهم بزيارة الرئيس الإيرانى. أما إبراز عنوان (نجاد عرض الدفاع عن مصر)، فهو بمثابة اجتزاء لكلام الرجل، لأن النص المنشور على صفحة داخلية ذكر أن (إيران مستعدة دائما لمساعدة الشعب الفلسطينى، الذى هو من يقرر ويختار كيف يدافع عن نفسه. فيما أكد الرئيس الإيرانى استعداد بلاده للدفاع عن مصر والسعودية إذا ما تعرضتا لأى هجوم، تماما كما كانت إلى جانب الشعبين الأفغانى والعراقى). وشتان بين أن يذكر على الصفحة الأولى أن الرجل عرض الدفاع عن مصر، وبين ما نقلته الصحيفة على لسانه بعد ذلك. هذا الخطاب الذى يعتمد التشكيك والتخويف وينحاز إلى استمرار القطيعة بين البلدين ليس مقصورا على عناوين بعض الصحف، ولكننا نجد له صدى لدى قطاع من المثقفين الذين استضافت البرامج التليفزيونية نماذج منهم خلال هذا الأسبوع. ضع هذه المسألة جانبا وخذ خبرا آخر أبرزته صحيفة (المصرى اليوم) على رأس صفحتها الأولى (يوم 19/1) تحت عنوان يقول: القبض على فلسطينيين بتهمة التخطيط لأعمال إرهابية. وفى الخبر  أنه تم إلقاء القبض على فلسطينيين فى منطقة مصر الجديدة، وكان بحوزتهما أدوات تستخدم فى تصنيع دوائر كهربائية. وقال مصدر أمنى إن المتهمين تلقيا تعليمات عبر الهواتف من عضو بالإخوان بالتواجد قرب قصر الاتحادية. وأن شخصا مصريا سيلتقيهما هناك لإمدادهما بالأسلحة يوم الثلاثاء (النشر تم يوم السبت). وأضاف المصدر أن الرجلين كانا يخططان لارتكاب أعمال إجرامية خلال ذكرى الثورة. والمضبوطات والسلاح المزمع حصولهما عليه (الذى لم يضبط!) تؤكد ذلك. وقد اعترفا فى التحقيقات وفى محضر الشرطة بأنهما تسللا إلى مصر عبر الأنفاق، وكانا ضمن فريق يضم 15 فلسطينيا. وقد تفرق هؤلاء فى أماكن مختلفة بالقاهرة، إلا أن معظمهم بقوا فى العريش. خلال العشرين يوما التالية لم يكن هناك أى ذكر للخبر، إلا أن صحيفة الوفد استثمرت أصداءه وخصصت صفحة كاملة لما سمته (جرائم حماس) بحق مصر. ما لم ينشر فى القصة هو نهايتها، لأنه تمت تبرئة الرجلين من التهم التى شاعت عنهما، بعدما تبين عدم صدق كل ما نسب إليهما. لأنهما كانا يعتزمان الذهاب إلى ليبيا بحثا عن عمل، وقد استضافهما ابن عم لهما يسكن فى مدينة نصر قبل أن يواصلا رحلتهما إلى بنغازى. وقد أطلق سراحهما وسافرا بالفعل، إلا أن الإعلام اهتم بتهمة الضلوع فى الإرهاب ولم يهتم بتبرئة الرجلين ومغادرتهما للبلاد. وهو ما حدث فى قصة الاعتداء على المستشار  أحمد الزند، الذى جرى النفخ فيها خصوصا بعدما تبين أن أحد الذين اتهموا فى العملية شاب من أصل فلسطينى، وقد بالغت الصحف فى تصوير القصة، لكنها لم تشر بكلمة إلى ما تكشف أثناء التحقيق من أن المسألة مجرد فرقعة إعلامية، الأمر الذى أدى إلى تبرئة المتهمين وإطلاق سراحهم. لا حدود لسيل الاتهامات والافتراءات التى توجهها وسائل الإعلام المصرية لحركة حماس، التى قيل إن 500 من أعضائها يتولون حماية الرئيس مرسى وأن سبعة آلاف من أعضائها تسللوا إلى مصر، إلى جانب الادعاء بأطماعها فى غزة وباشتراك عناصر منها فى قتل المتظاهرين بميدان التحرير. وهو خطاب نجح فى تعبئة وتحريض قطاعات من المصريين ضد حماس والمقاومة والفلسطينيين عامة. ما سبق يعيد إلى الأذهان خطاب الإعلام المصرى فى عهد مبارك. الذى ظل طول الوقت مخاصما لإيران وحماس، فى هذا الصدد، لا أحد ينسى أن خطاب تلك المرحلة ظل مخاصما أيضا للإخوان ودائم الاتهام والتشكيك فى موقف قطر وفى أداء قناة الجزيرة. وإذا لاحظت أن أمثال تلك الحملات لاتزال مستمرة حتى الآن بذات الوتيرة وأكثر، فسوف تكتشف أن معارك نظام مبارك وإعلامه لاتزال هى هى لم تتغير بعد الثورة. وهى ظاهرة تستحق النظر، حيث يحزننا وقوعها ويؤلمنا تفسيرها ولابد أن يقلقنا استمرارها بعد الثورة. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلام «جرايد» كلام «جرايد»



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib