كى يريح مرسى ويستريح

كى يريح مرسى ويستريح

المغرب اليوم -

كى يريح مرسى ويستريح

فهمي هويدي

تسوغ لنا الأجواء الدافئة التى تحيط بالعلاقات المصرية ــ التركية فى الوقت الراهن ان نقترح اقتباس بعض الفضائل التى تطبقها القيادة التركية، وأحدثها ما علمته فى زيارتى الأخيرة لأنقرة. ذلك أن هناك توجيها مبلغا إلى وسائل الإعلام يحظر عليها تصوير رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أثناء أداء صلاة الجمعة، ويعتبر ان أداء كل منهما للصلاة فى ذلك اليوم أمر عادى لا يستحق أن يذكر كخبر ولا ان يتابع كحدث. لذلك فإن الصحف هناك لا تشير إليه. فلا يعرف إن كان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء قد أدى صلاة الجمعة أم لا، ولا يهتم أحد بمكان المسجد الذى قصده أى منهما. ويقولون إن من عادة رئيس الجمهورية عبدالله جول أن يذهب يوم الجمعة فى هدوء إلى مسجد قريب من بيته مصحوبا بسيارة حراسة ثم يعود دون أن يشعر به أحد. وحراسه لا يتولون تأمينه فقط، ولكنهم أيضا يمنعون المصورين الصحفيين من ملاحقته داخل المسجد. أما رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان فهو كثير الحركة والتنقل فى أنحاء البلاد، ولا أحد يعرف أين يؤدى صلاة الجمعة، وإنما يدخل أى مسجد يصادفه أثناء مروره، وعادة ما يفاجأ به المصلون بينهم. كل منهما يذهب بلا مواكب ولا إذاعة ولا تليفزيون ولا خطب أو تصريحات. أثير الموضوع فى جلسة ضمت بعض الأصدقاء الأتراك. فقال أحدهم إن رئيس الوزراء العراقى الأسبق إبراهيم الجعفرى كان فى زيارة للبلاد امتدت إلى يوم الجمعة. فدعاه السيد رجب طيب أردوغان لأن يذهب معه إلى أحد المساجد، لكنه واجه مأزقا صغيرا لأن الجعفرى كان مصحوبا ببعض الصحفيين العراقيين ومتابعا من قبل الإعلاميين الأتراك، وحين ذهبا إلى المسجد لم يجد رئيس الوزراء العراقى حرجا فى أن يتم تصويره داخل المسجد وأن يطلق التصريحات قبل الدخول وبعد الخروج. أما أردوغان فقد تم إبعاده عن أضواء الكاميرات والملاحقات الصحفية، ولم يظهر على شاشة التليفزيون سوى رئيس الوزراء العراقى، أما «صاحبنا» فلم يأت أحد على ذكره. صديقنا سفر توران مستشار الرئيس للشئون العربية روى قصة أخرى صادفته حين كان مديرا للقناة التركية التى تبث بالعربية، قال انهم كانوا قد أقروا برنامجا للبث كل يوم جمعة يعرف بتاريخ المساجد الكثيرة المنتشرة فى أنحاء البلاد. بمقتضاه كان فريق العمل يتخير مسجدا يقدمونه للناس فى ذلك اليوم، وينقلون منه خطبة الجمعة، ويصورون المسجد لمدة عشر دقائق بعد الصلاة ثم ينصرفون. وذات مرة كانوا على موعد لتقديم مسجد فى مدينة ارضروم التاريخية القريبة من الحدود الإيرانية. وبعد ان نقلوا المعدات ونصبوا الكاميرات، لاحظ طاقم العمل أن بعض مرافقى الرئيس ظهروا فى باحة المسجد قبل نصف ساعة من موعد الصلاة. الأمر الذى كان يعنى أنهم لن يتمكنوا من أن يقدموا البرنامج على النحو المخطط له. وبسبب ضيق الوقت فإنه لم يكن بمقدورهم أن ينتقلوا إلى مسجد آخر لبث الحلقة. أبلغ مدير المحطة بالخبر فأسقط فى يده بعدما بدا أن الحلقة مهددة بالإلغاء. وأجرى اتصالات مع المسئول عن مرافقى الرئيس الذين وصلوا إلى المسجد، وقد أخبره الرجل بأنه لا يستطيع مخالفة التعليمات المتفق عليها. ويبدو أن الصورة نقلت إلى المراجع العليا وتم حل الإشكال بقرار بسيط بمقتضاه أدى الرئيس صلاة الجمعة فى مسجد آخر. وكان ذلك ميسورا لأنه لم تكن هناك ترتيبات خاصة أعدت له. حين سمعت هذا الكلام قلت: لماذا لا نقتبس الفكرة ونقترح على الرئيس محمد مرسى أن يصدر تعليمات مماثلة بإلغاء أى ترتيبات تتعلق بأدائه صلاة الجمعة. فلا خبر ينشر ولا موكب يعد ولا سجاد يشترى ولا طلاء يتم أو طريق يعبد خصيصا ولا استنفار لأجهزة الإدارة والأمن، بل ولا خطب يضطر الرئيس لإلقائها بعد صلاة الجمعة فيوفق مرة ولا يحالفه التوفيق مرة أخرى. ولا يقل أهمية عما سبق أن من شأن خطوة من هذا القبيل أن تخفف من الهالات التى تضفيها الأجهزة المختصة بغير مبرر على حركاته وسكناته، ناهيك عن أنها تجنب الرئيس الانتقادات التى توجه إليه كل مرة سواء بسبب تعطيل موكبه لمصالح الناس، أو بسبب الإجراءات الأمنية التى تمنع كثيرين من ذوى الحاجات من دخول المسجد الذى يصلى فيه. أغلب الظن أن الرئيس مرسى سيوافق على الاقتراح، وأرجح أن يجىء الاعتراض من جانب الأجهزة المحيطة به التى عادة ما تلوح بكلمة «الأمن» السحرية، ناهيك عن أن تلك الأجهزة لها خبراتها الطويلة فى تضخيم شخصية أى رئيس وإقناعه بأنه ليس ككل البشر، وإنما هو فوق البشر. ولذلك لا ينبغى له أن يتصرف كإنسان عادى، حتى فى أدائه للصلوات ووقوفه بين يدى الله. لا استطيع أن أناقش طويلا مسألة الأمن، لكنى فقط أقول إن ما يتهدد الرئيس الحالى فى تركيا يمكن أن يكون أكبر وأخطر مما يتهدد الرئىس المصرى. ورغم أن حالة التربص قد تكون واحدة، إلا أنها فى المنظومة التركية لها مؤسساتها المرتبطة بمافيات الدولة العميقة ذات السجل الدموى المشهود. لماذا لا يجرب الرئىس المصرى أن يفعلها، فيؤدى صلاة الجمعة بلا مواكب ولا خطب ولا ضجيج، فيريح ويستريح؟ نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى يريح مرسى ويستريح كى يريح مرسى ويستريح



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib