ضد التشيُّع وليس الشيعة

ضد التشيُّع وليس الشيعة

المغرب اليوم -

ضد التشيُّع وليس الشيعة

فهمي هويدي

نقل إلى بعض الأصدقاء من لبنان عتابا لأحد المراجع الشيعية على الأزهر وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية لأنهم دخلوا فى اشتباك مع الشيعة، فى وقت تعمل فيه أطراف عدة على نقل الصراع فى المنطقة من المستوى السياسى إلى المستوى المذهبى والطائفى، الشيعة والسنة. توقع الذين حملوا الرسالة أن أنقلها إلى من أعرف فى مشيخة الأزهر ومجمع البحوث. ورغم أننى لم أكن طرفا فى مناقشة الموضوع، إلا أننى لم أكن بعيدا عنه تماما. وهو ما سمح لى بأن انقل الرسالة إلى من يعنيه الأمر من ناحية، وأن أنقل ردهم الذى أعرفه وأوافق عليه من ناحية ثانية. مبلغ علمى أن المؤسسة الدينية فى مصر ليست ضد الشيعة كمذهب ولكنها مستنفرة وغاضبة من محاولات نشر المذهب الشيعى فى مجتمعات أهل السنة. فالمذهب محل احترام فى الأزهر وجامعته وبعض آراء فقهائه يستشهد بها وتناقش فى دراسات الفقه المقارن. كما أن للأزهر تاريخه الطويل الذى تعامل خلاله بإيجابية مع المذهب الإثنا عشرى. وهو ما تمثل فى فتوى الشيخ محمود شلتوت باعتباره من المذاهب المعتبرة شرعا. وفى إسهام علمائه فى جهود التقريب بين المذاهب وفى تحرير مجلة رسالة الإسلام التى صدرت عن دار التقريب بالقاهرة فى أربعينيات القرن الماضى. قلت لمحدثى إن ذلك الموقف الإيجابى يتجاوز حدود المؤسسة الدينية، لأن المجتمع المصرى معروف على مدى تاريخيه بأن هَوَاه مع آل بيت النبى عليه الصلاة والسلام. وأن من دفن فى مصر من سلالة الرسول تحولت قبورهم إلى أضرحة ومزارات (عددها 12 تقريبا) تقصدها أعداد غفيرة من المصريين. إن من حق المؤسسة الدينية أن تغضب حين تجد أن ثمة نشاطا شيعيا فى أوساط أهل السنة المصريين، يترجم فى زيارة لأحد رجال الدين من شيعة العراق لبعض الحسينيات الخاصة بهم فى مصر. كما يتمثل فى إصدار كتابين لاثنين من المتشيعين المصريين أحدهما طبعه مركز الدراسات العقائدية فى مدينة قم وضم خمس محاضرات ألقاها صاحبنا هناك، وسب فيها بعض صحابة النبى عليه الصلاة والسلام بقسوة، مرددا الكلام القديم لغلاة الشيعة المخاصمين للسنة. والكتاب الثانى عنوانه «بيت العنكبوت» وقد أصدره أحد المتشيعين المصريين، الذى طعن فى كبار المحدثين وفى المقدمة منهم البخارى ومسلم. حين يحدث ذلك فى بلد الأزهر فإنه يعد هجوما يستحق الرد. وفى هذه الحالة لا يعد الأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية مشتبكا مع الشيعة، بقدر ما إنه يغدو مدافعا ومتصديا لعدوان وقع على محيطه. فى الوقت ذاته فإن محاولات التشييع التى تكررت فى أكثر من بلد عربى، ونشطت بشكل لافت للنظر فى بعض دول غرب أفريقيا إضافة إلى بعض الدول الآسيوية (تايلاند مثلا)، هذه المحاولات لا بد أن تزعج الأزهر، بما تمثله من عدوان واختراق على مجتمعات أهل السنة. وذلك هو السبب الثانى الذى أثار حساسية المؤسسة الدينية واستفزها. ولذلك فان إثارة الموضوع فى مؤتمر الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية يبدو مبررا. هل الحكومة الإيرانية تقف وراء هذه الجهود؟.. رغم أن الأنظار تتجه فى العادة إلى تلك الوجهة، إلا أننى لست واثقا من ذلك. أولا لأن مراجع قم يمارسون أنشطة مستقلة عن الحكومة وثانيا لأن هناك مراجع آخرين فى العراق هم الأكثر نشاطا فى هذا المجال، وقد سبقت الإشارة إلى أن أحدهم زار القاهرة مؤخرا. فضلا عن أن هناك مراجع فى لبنان ومنطقة الخليج. ورغم أننى لست واثقا من دور للسياسة الإيرانية فى عملية التبشير فى المذهب، إلا أن سكوت المرشد الأعلى والحكومة الإيرانية على تلك الممارسات، دون أن يصدر عنها أى موقف يعبر عن الرفض أو التحفظ ــ مما يستحق الملاحظة. إننى أفهم جيدا خلفيات محاولات إذكاء الصراع المذهبى فى المنطقة منذ قامت الثورة الإيرانية فى عام 1979، وأتابع ما تنشره الصحف الأمريكية راهنا عن مواجهة محتملة بين محور شيعى يضم النظام العلوى فى سوريا مع حزب الله فى لبنان والنظام الشيعى بالعراق، وبين محور سنى تقدمه مصر وتركيا والسعودية والإمارات، وتلك خلفية لا أظن أنها غائبة على جميع الأطراف، لكننا لم نر إلى الآن جهدا جادا لوقف الاستدراج فى ذلك الاتجاه، قبل أن تختلط الأوراق ويقع المحظور. وإذا كان يتعين على أهل السنة ألا يخلطوا بين اختلافهم مع السياسة الإيرانية وبين الاختلافات المذهبية على الجانبين، فان الحكومة الإيرانية على الأقل تظل مطالبة أيضا باتخاذ موقف واضح إزاء عمليات اختراق مجتمعات أهل السنة لتشييع بعض أبنائها. ذلك أن موقفنا الطبيعى هو مع إيران إذا ما تعرضت لعدوان أمريكى إسرائيلى، وأرجو ألا نستشعر حرجا فى ذلك إذا استمر بعض المراجع الشيعية فى عدوانهم على مجتمعاتنا السنية. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضد التشيُّع وليس الشيعة ضد التشيُّع وليس الشيعة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib